أعلنت الحكومة المصرية خطة طموحة لتعزيز الاستثمار في قطاع السياحة والأثار خلال العام المالي 2024/2025، حيث تستهدف استثمارات بقيمة تُقدّر بحوالي 116.2 مليار جنيه مصري، بحسب التصريحات الأخيرة لوزيرة التخطيط والتنمية الاقتصادية.
هذه الخطوة تأتي ضمن استراتيجية وطنية تهدف إلى رفع مساهمة السياحة في الاقتصاد المصري من خلال تطوير البنية التحتية السياحية، وتحسين الخدمات، وزيادة القدرة الاستيعابية للفنادق والمرافق الأثرية، بحيث تكون مصر وجهة سياحية منافِسة على المستوى العالمي.
منذ بداية العام الحالي، أشارت بيانات وزارة السياحة إلى تزايد كبير في عدد الزوار، حيث استقبلت مصر 15 مليون سائح خلال أول تسعة أشهر من 2025، بارتفاع قدره 21٪ مقارنة بالفترة نفسها من العام السابق.
وفقًا لتوقعات وكالة Fitch Solutions، من المقرر أن يصل عدد الزوار إلى 17.76 مليون بحلول نهاية عام 2025، ويرتفع هذا الرقم إلى 18.56 مليون سائح في عام 2026.
كما أن الزيادة في الاستثمارات لا تهدف فقط إلى جذب المزيد من السياح الأجانب، بل أيضًا إلى تحسين البنية التحتية الداخلية للسياحة، حيث تعول الدولة على شراكات مع القطاع الخاص لتطوير فنادق، مرافق ترفيهية، وخدمات لوجستية. وكشفت وزيرة التخطيط أن الجزء الأكبر من هذه الاستثمارات سيكون من القطاع الخاص (حوالي 99.5٪)، مما يعكس ثقة قوية من المستثمرين في مستقبل السياحة المصرية.
تُعد هذه الاستراتيجية متزامنة مع افتتاح المتحف المصري الكبير (GEM)، والذي من المتوقع أن يكون نقطة جذب رئيسية للغاية للسياحة الثقافية، خاصة بعد انتظاره لعقود طويلة.
كما أن السلطات تتوقع أن يؤدي هذا الاستثمار الضخم إلى زيادة في عدد أيام الإقامة للسياح، والتي تُعد مقياسًا مهمًا للإيرادات السياحية، بالإضافة إلى خلق آلاف فرص العمل في القطاعات المرتبطة مثل الضيافة والنقل والخدمات المتعلقة بالتراث الثقافي.
ويشير خبراء اقتصاديون إلى أن هذا التوجه يعكس إدراكًا حكوميًا كاملًا لدور السياحة في دعم الاقتصاد الوطني، خصوصًا في ظل التحديات العالمية والتقلبات الاقتصادية. فبزيادة الاستثمارات السياحية، لا تستهدف مصر فقط جذب المزيد من الزوار، بل تسعى إلى بناء اقتصاد سياحي مستدام يعتمد على القيمة المضافة وليس فقط الأعداد.
من جهة أخرى، هناك مخاطِر مرتبطة بهذا التوسع، مثل إمكانية تحمل تكلفة التمويل الضخم، أو المخاطر المرتبطة بتذبذب التدفقات السياحية إذا تأثرت الأوضاع العالمية. لكن مسؤولي الحكومة يؤكدون أنهم ملتزمون بضمان جدوى الاستثمارات عبر دراسات جدوى محكمة، وكذلك إشراك القطاع الخاص في التنفيذ والإدارة.
في المجمل، يمثل التزام الدولة باستثمارات بهذا الحجم نقطة تحول في استراتيجية مصر السياحية، وقد يكون لها أثر كبير ليس فقط على القطاع السياحي، بل على الاقتصاد الكلي من خلال دعم العملة الأجنبية، وزيادة إيرادات الدولة، وتنمية المناطق الأثرية والسياحية بشكل مستدام.














