في خطوة استراتيجية تحمل دلالات مهمّة على مستوى الشفافية والإدارة المالية، كشفت هيئة الرقابة الإدارية المصرية (ASA) عن رؤيتها الجديدة لتوظيف تقنيات الذكاء الاصطناعي في أعمال التدقيق والمراجعة، وذلك بمناسبة استضافة مصر للمؤتمر الدولي الـ25 للهيئات العليا للمراجعة (INCOSAI) في مدينة شرم الشيخ خلال الفترة من 27 إلى 31 أكتوبر 2025.
الرؤية الجديدة تنطلق من فكرة دمج قدرات الذكاء الاصطناعي مثل “تعلّم الآلة” ومعالجة اللغة الطبيعية في عملية التدقيق، بحيث يصبح بالإمكان تحليل كميات ضخمة من البيانات المالية، الكشف عن أنماط غير طبيعية أو احتمالية التلاعب، بالإضافة إلى التنبؤ بالمخاطر المحتملة قبل وقوعها. هذا المناخ الجديد يضع مصر في مصاف الدول التي تستخدم التكنولوجيا ليس فقط في تقديم الخدمات، بل في ضمان جودة الأداء الحكومي ومكافحة الفساد.
ومن ضمن المبادرة، الهيئة ستعرض خلال المؤتمر نموذج “التدقيق الهجين” Hybrid Audit، واللي يجمع بين التحليل الآلي الذكي وتصحيح متخصص بشري، بحيث لا يُترك القرار المعنوي فقط للآلة، بل يتعاون الذكاء الاصطناعي مع الخبرة البشرية لضمان الحوكمة الرشيدة. المجلس نفسه بيشيد بأن هذا النموذج ممكن يكون “نموذجًا دوليًا” يحتذى به في منطقة الشرق الأوسط وأفريقيا.
الجهود المصرية لا تقتصر على التكنولوجيا فقط، بل تشمل التدريب وتأهيل الكوادر. فوزارة الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات وشركاؤها حددوا برنامجاً لتدريب مراجعين حكوميين على استخدام أدوات الذكاء الاصطناعي، وتصميم لوائح تنظيمية وأخلاقية تضمن الاستخدام المسؤول للمعلومات المالية. التحدي الأساسي هنا هو بناء بنية تحتية رقمية وآمنة، وإرساء إطار قانوني يضبط استخدام الذكاء الاصطناعي في المجال المالي، مع الحفاظ على سرية البيانات وحقوق الأفراد.
من الناحية الاقتصادية، الخبر ده له تأثيرات مهمة. عند تطبيق التدقيق الذكي على نطاق واسع، مش بس هيتم تعزيز الثقة في الجوانب المالية للدولة، لكن كمان ممكن تقل تكلفة المراجعة وتقصر المدة الزمنية لإصدار التقارير، مما يحفّز بيئة الأعمال ويزيد من جاذبية الاستثمار. الخبراء يرون أن “التدقيق الذكي” بيُمثّل عامل جذب للشركات العالمية اللي تشترط معايير صارمة في الشفافية قبل الدخول إلى أسواق الدول النامية.
ومع تعهّد مصر بأن تكون منصة إقليمية للحوكمة الرقمية، فإن اختيارها لاستضافة INCOSAI يعكس الاعتراف الدولي بقدراتها المتنامية في هذا المجال. الهيئة العليا للمراجعة في مصر ترجّح أن هذا المشروع سيتوسع بعد المؤتمر ليشمل التدقيق في مشروعات البنية التحتية، المشتريات الحكومية، وقطاعات الطاقة والخدمات.














