الطب الشخصي يكتمل الذكاء الاصطناعي يكتشف الأدوية ويخصص الجرعات بناءً على الحمض النووي

الصحة والجمال

استمع الي المقالة
0:00

يدخل قطاع الصحة والطب مرحلة لم يعد فيها العلاج موحداً لجميع المرضى، بل أصبح فردياً ومصمماً خصيصاً لكل جينوم. يكمن هذا التحول في دمج قوتين جبّارتين: علم الجينوم (Genomics) و الذكاء الاصطناعي (AI)، مما يسرّع بشكل غير مسبوق عملية اكتشاف الأدوية ويفتح آفاق الطب الشخصي (Personalized Medicine).

التطبيقات الحالية للذكاء الاصطناعي بدأت بالفعل في تقليص الوقت والتكلفة الهائلين اللازمين لاكتشاف دواء جديد، والتي قد تستغرق تقليدياً 10 سنوات وتكلف مليارات الدولارات. فالآن، يمكن للذكاء الاصطناعي القيام بما يلي:

  1. اكتشاف المركبات الدوائية بسرعة فائقة: تستخدم خوارزميات الذكاء الاصطناعي الحواسيب الفائقة (Supercomputers) لتحليل ملايين المركبات الكيميائية والبيولوجية في ساعات، بدلاً من سنوات من التجارب المعملية. يقوم الذكاء الاصطناعي بالتنبؤ بمدى فاعلية مركب معين ضد هدف مرضي محدد (بروتين أو جين)، ويحدد المرشحات الواعدة للأدوية. وكنتيجة مباشرة، دخل بالفعل أول دواء صمم بالكامل بواسطة الذكاء الاصطناعي (لعلاج اضطرابات الوسواس القهري) مرحلة التجارب السريرية البشرية، مما يؤكد أن المستقبل قد وصل.
  2. تخصيص الجرعات وتحليل السمية: النقلة النوعية الأكبر تكمن في تحديد العلاج الأمثل لكل مريض على حدة. فبعد تحليل تسلسل الحمض النووي (DNA) للمريض، يستطيع الذكاء الاصطناعي التنبؤ بكيفية استقلاب جسمه لدواء معين، والجرعة الدقيقة التي ستكون فعالة دون التسبب في آثار جانبية خطيرة (السمية). هذا يضمن علاجاً مثالياً للأفراد الذين لديهم طفرات جينية تجعلهم غير مستجيبين للعلاجات التقليدية.
  3. تحسين التجارب السريرية: يساهم الذكاء الاصطناعي في تسريع التجارب السريرية عبر تحديد المجموعة المثالية من المرضى للانضمام إلى الدراسة، بناءً على سجلاتهم الطبية والجينية. هذا التخصيص يرفع من معدلات نجاح التجارب ويقلل من وقت إطلاق الدواء في السوق، مما يسرع الوصول إلى العلاج للمرضى المحتاجين.

أصبحت تقنية الرنا (RNA)، التي كانت أساس لقاحات كوفيد-19، شريكاً للذكاء الاصطناعي. حيث يُستخدم الأخير في تصميم تسلسلات الرنا بشكل دقيق لبرمجة الخلايا لتنتج أدوية ذاتية أو لتعديل الجينات (مثل تقنية CRISPR-Cas9). هذا التضافر بين الـ AI والجينوم يفتح الباب أمام علاج فعال لأمراض مستعصية مثل بعض أنواع السرطان والأمراض الوراثية التي كانت تُعتبر غير قابلة للعلاج سابقاً.

ويُتوقع أن يصل حجم السوق العالمي للذكاء الاصطناعي في اكتشاف الأدوية إلى أكثر من 16 مليار دولار بحلول عام 2034، مما يؤكد أننا أمام بداية عصر جديد من الطب الدقيق الذي سيزيد من متوسط العمر المتوقع للبشر ويحسن جودة الحياة بشكل غير مسبوق.