طحن الأسنان: 6 أسباب شائعة لهذه العادة المدمرة وكيف توقفها وتحمي أسنانك
هل تستيقظ بألم في الفك، أو صداع، أو أسنان حساسة؟ قد تكون مصابًا بـ صرير الأسنان (Bruxism)، وهي عادة شائعة تتضمن طحن أو جز الأسنان بقوة، غالبًا أثناء النوم، أو حتى خلال ساعات اليقظة دون وعي. هذه العادة، على الرغم من شيوعها، يمكن أن تُسبب أضرارًا جسيمة للأسنان والفك، وتمتد آثارها لتُؤثر على جودة الحياة بشكل عام. فهم أسباب صرير الأسنان وكيفية إيقافه يُعد خطوة حاسمة للحفاظ على صحة فمك وتجنب المضاعفات.
ما هو صرير الأسنان؟ ولماذا يحدث؟
صرير الأسنان هو حركة لا إرادية وغير وظيفية للأسنان، تتمثل في الاحتكاك القوي بين أسطح الأسنان العلوية والسفلية، أو الضغط عليها بقوة. يُصنف صرير الأسنان عادةً إلى نوعين:
- صرير الأسنان أثناء النوم (Sleep Bruxism): وهو الأكثر شيوعًا، حيث يُطحن الشخص أسنانه وهو نائم دون وعي، وقد لا يكتشف ذلك إلا من خلال شريك النوم أو من خلال الأعراض عند الاستيقاظ.
- صرير الأسنان أثناء اليقظة (Awake Bruxism): يحدث عندما يضغط الشخص على أسنانه أو يجزها أثناء النهار، غالبًا في أوقات التوتر أو التركيز الشديد.
تُشير التقديرات إلى أن حوالي 8-31% من البالغين يُعانون من صرير الأسنان، ويُمكن أن يُصيب الأطفال أيضًا.
6 أسباب رئيسية لصرير الأسنان
لا يوجد سبب واحد لصرير الأسنان، بل غالبًا ما يكون نتيجة لتفاعل عدة عوامل. إليك الأسباب الأكثر شيوعًا:
- التوتر والقلق والإجهاد: يُعد التوتر العاطفي والنفسي هو السبب الأكثر شيوعًا لصرير الأسنان، خاصة صرير الأسنان أثناء النوم. يُمكن أن يُؤدي الإجهاد المتراكم والقلق إلى شد عضلات الفك بشكل لا إرادي كآلية للتعامل مع التوتر.
- اضطرابات النوم: يُمكن أن يرتبط صرير الأسنان ببعض اضطرابات النوم، مثل انقطاع التنفس أثناء النوم (Sleep Apnea). يُمكن أن تكون حركة طحن الأسنان استجابة لمحاولات الجسم لاستعادة التنفس الطبيعي.
- محاذاة الأسنان غير الصحيحة (Malocclusion): عندما لا تتطابق الأسنان العلوية والسفلية بشكل صحيح عند الإغلاق (ما يُعرف بالعضة غير السليمة)، قد يحاول الفك “البحث” عن وضع مريح، مما يؤدي إلى طحن الأسنان.
- بعض الأدوية: تُمكن أن تُسبب بعض الأدوية كأثر جانبي صرير الأسنان. من الأمثلة الشائعة مضادات الاكتئاب الانتقائية (SSRIs).
- بعض الحالات الطبية: في بعض الحالات النادرة، قد يرتبط صرير الأسنان ببعض الحالات الطبية مثل مرض باركنسون، داء هنتنغتون، أو الارتداد المعدي المريئي (GERD).
- عوامل نمط الحياة:
- الكافيين والكحول: الاستهلاك المفرط للكافيين (القهوة، الشاي، مشروبات الطاقة) والكحول يُمكن أن يُفاقم صرير الأسنان.
- التدخين: يُلاحظ أن المدخنين أكثر عرضة لصرير الأسنان.
ماذا يحدث لأسنانك والفك؟ المخاطر والأضرار
إذا تُرك صرير الأسنان دون علاج، يُمكن أن يُسبب أضرارًا بالغة:
- تآكل الأسنان: يُمكن أن يؤدي الاحتكاك المستمر إلى تآكل طبقة المينا الصلبة، مما يُكشف الطبقات الداخلية الحساسة ويُعرض الأسنان للتلف.
- تكسر الأسنان أو تشققها: القوة الهائلة الناتجة عن الطحن يُمكن أن تُسبب كسورًا أو تشققات في الأسنان، أو حتى تتسبب في سقوط الحشوات أو تضرر التيجان والجسور.
- حساسية الأسنان: مع تآكل المينا، تُصبح الأسنان أكثر حساسية للمشروبات والأطعمة الساخنة والباردة.
- آلام الفك والوجه: يُمكن أن يُسبب الإجهاد المستمر لعضلات الفك ألمًا في الفك، الوجه، الصدغ، وحتى الأذن.
- اضطرابات المفصل الفكي الصدغي (TMJ Disorders): يُمكن أن يُؤدي الضغط المفرط على المفصل الذي يربط الفك بالجمجمة إلى ألم مزمن في الفك، صعوبة في فتح الفم أو إغلاقه، وطقطقة عند تحريك الفك.
- صداع التوتر: يُعد صداع التوتر الصباحي شائعًا لدى الأشخاص الذين يُعانون من صرير الأسنان الليلي.
- اضطرابات النوم: يُمكن أن يُؤثر صرير الأسنان نفسه على جودة النوم، بالإضافة إلى أنه قد يُوقظ شريك النوم بسبب الصوت.
كيفية إيقاف صرير الأسنان وعلاجه
يعتمد علاج صرير الأسنان على تحديد السبب الكامن. غالبًا ما يتطلب الأمر نهجًا متعدد الأوجه. إليك أهم الطرق:
- واقي الفم الليلي (Night Guard / Mouthguard):
- الفعالية: يُعد واقي الفم المخصص (الذي يُصنعه طبيب الأسنان ليُلائم أسنانك تمامًا) هو الحل الأكثر شيوعًا وفعالية لحماية الأسنان من التآكل أثناء النوم. يعمل كحاجز بين الأسنان العلوية والسفلية، ويُخفف الضغط على الفك.
- كيفية الحصول عليه: يجب أن يُصنع بواسطة طبيب الأسنان لضمان ملاءمته الصحيحة وعدم تأثيره سلبًا على العضة.
- إدارة التوتر والقلق:
- التقنيات: نظرًا لأن التوتر هو السبب الرئيسي، فإن تعلم طرق إدارة التوتر يُعد أمرًا بالغ الأهمية. يُمكن أن يُساعد اليوجا، التأمل، تمارين التنفس العميق، ممارسة الرياضة بانتظام، أو العلاج السلوكي المعرفي (CBT).
- الاستشارة: إذا كان التوتر شديدًا، قد تكون استشارة أخصائي نفسي مفيدة.
- علاج أي مشاكل أسنان كامنة:
- تصحيح العضة: إذا كانت محاذاة الأسنان غير صحيحة، قد يُوصي طبيب الأسنان بتقويم الأسنان، أو تعديل بسيط في أسطح الأسنان، أو استبدال الحشوات/التيجان القديمة.
- علاج التسوس أو الكسور: إصلاح أي تلف في الأسنان يُمكن أن يُقلل من التحفيز على الطحن.
- العلاج الطبيعي للفك:
- التمارين: يُمكن أن يُوصي الطبيب بتمارين بسيطة لتقوية واسترخاء عضلات الفك.
- الكمادات: تطبيق كمادات دافئة أو باردة على الفك يُمكن أن يُخفف الألم والتشنج.
- تعديل نمط الحياة:
- الحد من الكافيين والكحول: خاصة في المساء.
- الإقلاع عن التدخين.
- النوم الكافي: ضمان الحصول على قسط كافٍ من النوم الجيد يُمكن أن يُقلل من صرير الأسنان المرتبط باضطرابات النوم.
- العلاج الدوائي (في حالات معينة):
- في بعض الحالات الشديدة، قد يُوصي الطبيب بجرعات منخفضة من مرخيات العضلات قبل النوم، أو أدوية مُعينة إذا كان صرير الأسنان مرتبطًا بحالة طبية أخرى أو أدوية معينة. ومع ذلك، لا تُعد الأدوية حلًا طويل الأمد.
الوقاية من تكرار صرير الأسنان
بمجرد التحكم في صرير الأسنان، تُصبح الوقاية من تكراره أولوية:
- الاستمرارية في استخدام واقي الفم: إذا تم وصفه لك، استخدمه كل ليلة.
- المتابعة الدورية مع طبيب الأسنان: للتأكد من أن الأسنان والفك لا يزالان بصحة جيدة، وللكشف عن أي علامات لتكرار الصرير مبكرًا.
- إدارة التوتر كعادة يومية: دمج تقنيات الاسترخاء في روتينك اليومي.
- الوعي بالعادة: إذا كنت تُعاني من صرير الأسنان أثناء اليقظة، حاول أن تُصبح واعيًا لهذه العادة. عندما تُلاحظ نفسك تضغط على أسنانك، حاول إرخاء فكك. يُمكنك وضع ملاحظات تذكيرية في أماكن تراها كثيرًا.
خاتمة
صرير الأسنان ليس مجرد عادة مزعجة؛ إنه مشكلة صحية يُمكن أن تُلحق أضرارًا بالغة بأسنانك وتُؤثر على جودة حياتك. من خلال فهم أسبابه المتعددة وتطبيق استراتيجيات العلاج والوقاية المناسبة، يُمكنك استعادة راحة فكك، حماية أسنانك، والتمتع بنوم هادئ. لا تُتردد في استشارة طبيب الأسنان إذا كنت تشك في أنك تُعاني من صرير الأسنان.














