هل مُحلي “الإريثريتول” يُهدد قلبك ودماغك؟ اكتشاف مُقلق يُربطه بِخطر السكتة الدماغية!
في سعيهم لِنمط حياة صحي وتقليل استهلاك السكر، يلجأ الكثيرون إلى المُحليات الصناعية كَبديل “آمن” لِلسكر التقليدي. يُعد الإريثريتول (Erythritol) أحد هذه المُحليات، ويُستخدم على نطاق واسع في العديد من المنتجات “الخالية من السكر” أو “قليلة الكربوهيدرات” مثل المشروبات الغازية، الحلوى، وحتى بعض الأطعمة المُصنعة. يُروّج لِهذا المُحلي على أنه خالٍ من السعرات الحرارية ولا يُرفع سكر الدم، مما يجعله جذابًا لِمرضى السكري والراغبين في إنقاص الوزن. لكن، دراسة بحثية حديثة ومُثيرة للقلق قد تُغير هذه النظرة تمامًا، حيث أشار باحثون إلى وجود ارتباط مُحتمل بين مُحلي الإريثريتول وزيادة خطر الإصابة بالسكتة الدماغية والنوبات القلبية. هذا الاكتشاف يُثير تساؤلات جدية حول سلامة المُحليات الصناعية بشكل عام، ويُدعو إلى إعادة تقييم شامل لِتأثيراتها طويلة المدى على صحة الإنسان.
دعنا نتعمق في تفاصيل هذا الاكتشاف المُثير للجدل، نفهم ماهية الإريثريتول، ولماذا يُعتبر هذا الارتباط خطيرًا، ونُسلط الضوء على الآثار المُترتبة على هذه الدراسة، مع تقديم نصائح حول كيفية التعامل مع هذه المعلومات الجديدة.
1. الإريثريتول: مُحلي شائع ذو تاريخ مُثير للجدل
الإريثريتول هو كحول سكري (Sugar Alcohol) يوجد بِشكل طبيعي بكميات قليلة في بعض الفواكه والخضراوات. يُستخدم على نطاق واسع كَمُحلي صناعي لِخصائصه التي تُشبه السكر (حوالي 70% من حلاوة السكر)، مع ميزة كونه شبه خالٍ من السعرات الحرارية ولا يرفع مستويات السكر في الدم أو الإنسولين، مما يجعله مُناسبًا لِمرضى السكري ولِحميات إنقاص الوزن (خاصًة حمية الكيتو).
- كيف يُعالج الجسم الإريثريتول؟
- على عكس السكريات الأُخرى التي تُهضم وتُستخدم كَطاقة، يُمتص الإريثريتول في مجرى الدم بِسرعة.
- حوالي 90% منه يُطرح في البول دون أن يتم استقلابه في الجسم.
- هذا هو السبب وراء كونه “خاليًا من السعرات الحرارية” ولا يُؤثر على سكر الدم.
2. الاكتشاف المُقلق: الإريثريتول وخطورة السكتة الدماغية
الدراسة البحثية التي تُشير إليها المقالة، والتي نُشرت في مجلة مرموقة (مثل Nature Medicine)، وجدت ارتباطًا مُهمًا ومُثيرًا للقلق بين مستويات الإريثريتول في الدم وزيادة خطر الإصابة بَأحداث قلبية وعائية كُبرى، مثل السكتة الدماغية والنوبات القلبية.
- تفاصيل الدراسة (التي تُشير إليها المصادر):
- المجموعة البحثية: غالبًا ما تكون هذه الدراسات بقيادة باحثين في جامعات ومؤسسات بحثية رائدة.
- منهجية الدراسة:
- مُلاحظة واسعة النطاق: بدأت الدراسة بِمُلاحظة مستويات المُحليات الصناعية (بِما في ذلك الإريثريتول) في عينات الدم لأشخاص على مدى سنوات.
- تحليل البيانات: تم تحليل البيانات لِربط مستويات هذه المُحليات بِحالات الإصابة بَأمراض القلب والأوعية الدموية.
- دراسات تأكيدية: لِتعزيز النتائج، أُجريت دراسات إضافية على مجموعات مُتطوعة صغيرة لِفحص تأثير تناول الإريثريتول على عوامل التخثر في الدم.
- النتائج الرئيسية:
- وُجد أن الأشخاص الذين لديهم مستويات أعلى من الإريثريتول في الدم كانوا أكثر عُرضة لِلإصابة بالسكتة الدماغية والنوبات القلبية على مدى ثلاث سنوات.
- في الدراسات التأكيدية، لوحظ أن تناول الإريثريتول يُمكن أن يُزيد من تجلط الدم، وهي عملية حيوية في حدوث النوبات القلبية والسكتات الدماغية (التي غالبًا ما تحدث نتيجة لِجلطة دموية تُسد شريانًا في القلب أو الدماغ).
- الآلية المُقترحة (لماذا يُمكن أن يُسبب الإريثريتول ذلك؟):
- تُشير النتائج إلى أن الإريثريتول قد يُعزز من قدرة الصفائح الدموية على التجمع وتكوين الجلطات. الصفائح الدموية هي خلايا صغيرة في الدم تُساعد في وقف النزيف، لكنها عندما تتجمع بِشكل غير طبيعي، تُمكن أن تُسبب جلطات خطيرة تُعيق تدفق الدم إلى القلب (نوبة قلبية) أو الدماغ (سكتة دماغية).
- لم تُوضح الدراسة بِشكل كامل كيف يُؤثر الإريثريتول على الصفائح الدموية، لكنها تُقدم فرضية قوية تستدعي المزيد من البحث.
3. لماذا يُعتبر هذا الارتباط خطيرًا؟
- انتشار الإريثريتول: يُستخدم الإريثريتول بِشكل واسع، وغالبًا ما يستهلكه الأشخاص الذين يُعانون بالفعل من مُخاطر أمراض القلب (مثل مرضى السكري أو السمنة).
- الأشخاص المُستهدفون: هؤلاء الأشخاص، الذين يسعون لِتحسين صحتهم بِاستخدام بدائل السكر، قد يتعرضون لِمخاطر غير مُتوقعة دون علمهم.
- الاعتقاد السائد بَأمان المُحليات: هذه الدراسة تُلقي ظلالًا من الشك على الفهم العام لِسلامة المُحليات الصناعية.
- الحاجة لِمزيد من الأبحاث: على الرغم من أن الدراسة تُقدم أدلة مُقنعة، إلا أنها تُعد دراسة مُلاحظة إلى حد كبير وتُشير إلى ارتباط وليست علاقة سبب ونتيجة مُباشرة قاطعة. تحتاج النتائج إلى تأكيد من خلال دراسات سريرية أكبر وطويلة الأمد.
4. الآثار المُترتبة على هذه الدراسة:
- مُراجعة التوصيات الصحية: قد تُجبر هذه النتائج الهيئات الصحية والغذائية على مُراجعة توصياتها بخصوص استخدام الإريثريتول والمُحليات الصناعية الأُخرى.
- وعي المُستهلك: تُزيد من وعي المُستهلك بِالمُخاطر المُحتملة للمُحليات الصناعية وتُشجعه على قراءة المُلصقات الغذائية بِعناية.
- دفع البحث العلمي: تُحفز هذه الدراسة المزيد من الأبحاث لِفهم آليات عمل المُحليات الصناعية على الجسم، وتأثيراتها طويلة المدى.
- تشجيع البدائل الطبيعية: قد تُشجع على العودة إلى البدائل الطبيعية الأقل مُعالجة أو تقليل الاعتماد على المُحليات بِشكل عام.
5. نصائح وتوصيات: كيفية التعامل مع هذه المعلومات الجديدة
في ضوء هذه المعلومات، من الحكمة اتخاذ بعض الاحتياطات واتباع نهج مُتوازن:
- أ. قراءة المُلصقات الغذائية بِدقة:
- كن على دراية بَالمُنتجات التي تحتوي على الإريثريتول، خاصًة الأطعمة “الخالية من السكر” أو “قليلة الكربوهيدرات” أو “الكيتو”.
- الإريثريتول يُمكن أن يُذكر بَأسماء أُخرى مثل “سكر الكحول” أو “مُحلي طبيعي” (إذا كان مُستخلصًا من الفاكهة).
- ب. الاعتدال في الاستهلاك:
- إذا كنت تستخدم الإريثريتول أو مُحليات أُخرى بِشكل مُنتظم وبِكميات كبيرة، فِكر في تقليل استهلاكك.
- هذا ينطبق بشكل خاص على الأفراد الذين لديهم عوامل خطر لِأمراض القلب والأوعية الدموية.
- ج. التركيز على تقليل السكر بشكل عام:
- أفضل نهج هو تقليل الحاجة إلى المُحليات تمامًا عن طريق تقليل استهلاك السكر والمُحليات على حد سواء.
- درب حاسة التذوق لديك لِتُصبح أقل اعتمادًا على الحلاوة الشديدة.
- د. العودة إلى البدائل الطبيعية (باعتدال):
- استخدم كميات قليلة من العسل الطبيعي، شراب القيقب، أو الفاكهة كَمُحليات طبيعية. حتى هذه البدائل يجب استخدامها باعتدال لِأنها تحتوي على السكر.
- جرب توابل مثل القرفة أو الفانيليا لِإضافة نكهة دون سكر.
- هـ. استشر طبيبك:
- إذا كنت تستخدم الإريثريتول بِشكل مُنتظم ولديك مُخاوف صحية، خاصًة إذا كنت مُصابًا بمرض السكري، أمراض القلب، أو عوامل خطر أُخرى، تحدث مع طبيبك أو أخصائي التغذية حول خياراتك.
- و. التركيز على نظام غذائي كامل وغير مُصنع:
- أفضل طريقة لِصحة القلب والدماغ هي التركيز على الأطعمة الكاملة وغير المُصنعة: الفواكه، الخضراوات، الحبوب الكاملة، البروتينات الخالية من الدهون، والدهون الصحية.
- قلل من الاعتماد على الأطعمة والمشروبات المُصنعة التي تحتوي على مُكونات مُضافة، سواء كانت سكرًا أو مُحليات صناعية.
الخلاصة: اليقظة الصحية في زمن البدائل
إن اكتشاف الارتباط المُحتمل بين مُحلي الإريثريتول وزيادة خطر السكتة الدماغية والنوبات القلبية يُعد تذكيرًا قويًا بَأنه “ليس كل ما يلمع ذهبًا” في عالم التغذية. فِفي سباق البحث عن بدائل صحية للسكر، يجب أن نتحلى باليقظة ونُتابع الأبحاث العلمية بِشكل دقيق. هذه الدراسة تُسلط الضوء على أهمية إجراء أبحاث مُكثفة وطويلة الأمد على سلامة المُضافات الغذائية، وتُؤكد على أن الطريق الأمثل لِصحة جيدة هو التركيز على نظام غذائي طبيعي، مُتوازن، وقائم على الأطعمة الكاملة، مع تقليل الاعتماد على المُنتجات المُصنعة والمُحليات الصناعية. صحتك تستحق هذا الوعي.














