هل علم الأثار هو حقاً العلم الغائب في مصر؟

هام

استمع الي المقالة
0:00

علم الآثار: هل هو حقًا “العلم الغائب” في مصر؟

مصر، مهد الحضارات، تزخر بتاريخ عريق وآثار خالدة، تجعلها متحفًا مفتوحًا. لكن، هل يُعطى علم الآثار، العلم الذي يكشف أسرار هذا التاريخ، الاهتمام الكافي في مصر؟ هل هو حقًا “العلم الغائب” كما يُشاع؟ هذه المقالة تحاول الإجابة على هذا السؤال من خلال استعراض واقع علم الآثار في مصر، التحديات التي يواجهها، والجهود المبذولة لتطويره.

واقع علم الآثار“العلم الغائب” في مصر:

  • تاريخ عريق: لعلم الآثار في مصر تاريخ طويل يعود إلى بدايات القرن التاسع عشر مع الحملة الفرنسية. تطور هذا العلم عبر جهود علماء آثار بارزين مثل شامبليون وفلندرز بيتري، وصولًا إلى علماء المصريات المعاصرين.
  • مؤسسات أكاديمية وبحثية: توجد في مصر جامعات عريقة مثل جامعة القاهرة وجامعة عين شمس وجامعة الإسكندرية، وكليات متخصصة في الآثار، تُخرّج أجيالًا من علماء الآثار. كما توجد مؤسسات بحثية مثل المجلس الأعلى للآثار والمعهد الفرنسي للآثار الشرقية، التي تُجري حفائر ودراسات مهمة.
  • متاحف عالمية: تمتلك مصر متاحف عالمية مثل المتحف المصري بالقاهرة والمتحف القومي للحضارة المصرية، التي تعرض كنوزًا أثرية فريدة.
  • مواقع أثرية مسجلة: تُعدّ مصر موطنًا لعدد كبير من المواقع الأثرية المسجلة على قائمة التراث العالمي لليونسكو، مثل أهرامات الجيزة، ومعابد الكرنك والأقصر، ووادي الملوك.

التحديات التي تواجه علم الآثار في مصر:

  • التمويل: يُعتبر التمويل من أكبر التحديات التي تواجه البحث والتنقيب الأثري في مصر. قلة الموارد المالية تُعيق إجراء حفائر واسعة النطاق، وترميم الآثار، وتطوير المتاحف.
  • التنقيب غير المشروع: يُشكّل التنقيب غير المشروع وتهريب الآثار تهديدًا خطيرًا للتراث الأثري المصري. يتطلب مكافحة هذه الظاهرة جهودًا أمنية وقانونية مُكثّفة، بالإضافة إلى توعية الجمهور بأهمية الحفاظ على الآثار.
  • التغيرات المناخية: تُؤثّر التغيرات المناخية على المواقع الأثرية، حيث تُعرّضها لعوامل التعرية والتلف. يتطلب ذلك اتخاذ إجراءات وقائية وترميمية لحماية هذه المواقع.
  • نقص الكوادر المُدرّبة: على الرغم من وجود كليات للآثار، إلا أن هناك حاجة إلى تطوير المناهج وتوفير تدريب عملي مُكثّف للطلاب، لضمان تخريج كوادر مُؤهّلة للعمل في مجال الآثار.
  • التنسيق بين الجهات المعنية: يتطلب الحفاظ على الآثار وتطوير علم الآثار تنسيقًا مُحكمًا بين مختلف الجهات المعنية، مثل وزارة السياحة والآثار، والجامعات، والمؤسسات البحثية، والمجتمع المدني.

الجهود المبذولة لتطوير علم الآثار في مصر:

  • تشريعات جديدة: تسعى الحكومة المصرية إلى إصدار تشريعات جديدة تُجرّم التنقيب غير المشروع وتُشدّد العقوبات على المُتّجرين بالآثار.
  • مشاريع ترميم وتطوير: تُنفّذ وزارة السياحة والآثار مشاريع ترميم وتطوير للعديد من المواقع الأثرية والمتاحف، بهدف الحفاظ عليها وجعلها مُتاحة للجمهور.
  • التعاون الدولي: تتعاون مصر مع العديد من المنظمات الدولية والمؤسسات البحثية الأجنبية في مجال الآثار، من خلال تبادل الخبرات وإجراء حفائر مُشتركة.
  • التكنولوجيا الحديثة: يتم استخدام التكنولوجيا الحديثة في مجال الآثار، مثل التصوير ثلاثي الأبعاد والمسح بالليزر والاستشعار عن بعد، لتسجيل وتوثيق المواقع الأثرية واكتشاف مواقع جديدة.
  • التوعية بأهمية الآثار: تُبذل جهود لتوعية الجمهور بأهمية الحفاظ على الآثار والتراث الثقافي، من خلال حملات إعلامية وبرامج تعليمية.

الخلاصة:

على الرغم من التحديات التي يواجهها، لا يُمكن القول بأن علم الآثار “غائب” في مصر. هناك تاريخ عريق ومؤسسات أكاديمية وجهود مُستمرّة لتطوير هذا العلم. لكن، هناك حاجة إلى بذل المزيد من الجهود لمواجهة التحديات، وزيادة التمويل، وتطوير المناهج، وتكثيف التوعية بأهمية الآثار. من خلال تضافر الجهود، يُمكن لعلم الآثار أن يلعب دورًا أكبر في كشف أسرار التاريخ المصري العريق، والحفاظ على هذا التراث للأجيال القادمة.