سكر الحمل: مخاطر صامتة تهدد الأم والرضيع وكيفية السيطرة عليها بالتغذية
يُعد سكر الحمل (Gestational Diabetes Mellitus – GDM) حالة شائعة تتطور خلال فترة الحمل، حيث تصبح خلايا الأم أقل حساسية للإنسولين (مقاومة الإنسولين). وعلى الرغم من أنه غالباً ما يختفي بعد الولادة، إلا أنه يحمل مخاطر صحية فورية وطويلة الأمد للأم والجنين معاً، مما يتطلب تشخيصاً مبكراً وإدارة صارمة، خاصة عن طريق التحكم في النظام الغذائي ونمط الحياة.
أولاً: تأثير سكر الحمل المباشر على الأم
التحكم غير الجيد في مستويات السكر في الدم يعرض الأم لعدة مضاعفات خلال فترة الحمل والولادة:
- ارتفاع ضغط الدم ومقدمات الارتعاج (Preeclampsia): يزيد سكر الحمل بشكل كبير من خطر الإصابة بـ مقدمات الارتعاج، وهي حالة خطيرة تتميز بارتفاع ضغط الدم ووجود البروتين في البول، وتتطلب متابعة دقيقة وعلاجاً فورياً.
- الولادة القيصرية والولادة المبكرة: غالباً ما يؤدي سكر الحمل إلى نمو الجنين بأحجام كبيرة بشكل غير طبيعي (عملقة الجنين)، مما يزيد من صعوبة الولادة الطبيعية ويجعل اللجوء إلى الولادة القيصرية أمراً ضرورياً لتجنب إصابات الحوض والكتف للجنين.
- تكرار الإصابة والمخاطر المستقبلية: النساء اللاتي أُصبن بسكر الحمل يكن أكثر عرضة لتكرار الإصابة في حمول لاحقة، والأهم من ذلك، يرتفع لديهن خطر الإصابة بمرض السكري من النوع الثاني (Type 2 Diabetes) بنسبة تصل إلى 50% خلال السنوات اللاحقة.
ثانياً: المخاطر التي تهدد الجنين والمولود الجديد
عندما يرتفع سكر الدم لدى الأم، يعبر الجلوكوز المشيمة ويصل إلى الجنين، مما يؤدي إلى نتائج سلبية:
- العملقة (Macrosomia): استجابة للجلوكوز الزائد، ينتج البنكرياس لدى الجنين المزيد من الإنسولين، مما يؤدي إلى تخزين الجلوكوز على شكل دهون ونمو زائد، خاصة حول الكتفين والبطن. هذه العملقة هي السبب الرئيسي لمشاكل الولادة.
- انخفاض سكر الدم بعد الولادة (Hypoglycemia): بمجرد قطع الحبل السري، يتوقف تدفق الجلوكوز الزائد من الأم، لكن بنكرياس الرضيع يظل ينتج كميات كبيرة من الإنسولين، مما يؤدي إلى انخفاض حاد وخطير في مستوى السكر لديه فور الولادة.
- متلازمة الضائقة التنفسية (RDS): يمكن أن يؤخر ارتفاع مستويات الإنسولين المفرطة في الجنين نضج رئتي الطفل، مما يزيد من خطر مشاكل التنفس بعد الولادة.
ثالثاً: أسس الوقاية والسيطرة
- التغذية الصحية: هي حجر الزاوية في العلاج. يجب التركيز على الكربوهيدرات المعقدة (الحبوب الكاملة) والبروتينات والألياف، مع تجنب السكريات البسيطة والدهون المشبعة.
- النشاط البدني المعتدل: ممارسة الرياضة الخفيفة (كالمشي) بانتظام تحسن حساسية الجسم للإنسولين وتساعد في خفض مستويات السكر.
- المراقبة المنتظمة: الفحص الدوري (تحليل تحمل الجلوكوز) بين الأسبوع 24 و 28 من الحمل، ومتابعة قراءات السكر اليومية بعد التشخيص.














