لماذا لا يُصاب “الخارقون الجينيون” بالزهايمر رغم حملهم للطفرة الوراثية الكاملة

الصحة والجمال

استمع الي المقالة
0:00

تحدي الجينات: لماذا لا يُصاب “الخارقون الجينيون” بالزهايمر رغم حملهم للطفرة الوراثية الكاملة؟ (المرونة العصبية والمُتغيرات الواقية)

 

أثارت حالة سيدة أمريكية مسنة، أطلق عليها الباحثون اسم “الخارقة”، دهشة المجتمع العلمي بعد اكتشافها: فهي تحمل طفرة جينية نادرة تجعل الإصابة بمرض الزهايمر (Alzheimer’s) مؤكدة وحتمية في منتصف العمر، لكنها وصلت إلى سن متأخرة دون أن تظهر عليها أي أعراض تدهور إدراكي. تُقدم هذه الحالة النادرة، التي باتت محط دراسة دقيقة، دليلاً على وجود آليات بيولوجية فريدة تمنح بعض الأفراد مناعة ضد المرض، مما يُفتح الباب أمام استراتيجيات علاجية جديدة تركز على الحماية بدلاً من العلاج.


 

1. الطفرة الجينية القاتلة والـ “جين الواقي” 🧬

 

تعتمد هذه الحالة على تفاعل جيني نادر:

  • الطفرة المُسببة للمرض (PSEN1): تحمل السيدة طفرة في جين PSEN1 (Presenilin 1)، وهي طفرة نادرة ولكنها ذات تغلغل كامل، تُسبب ظهور مرض الزهايمر المُبكر (Early-Onset Alzheimer’s Disease) في سن الأربعينيات أو الخمسينيات. كان من المُفترض أن تُصاب بالزهايمر قبل عقود.
  • الجين الواقي (كريستا-بوينت – ApoE3 Christchurch): اكتشف الباحثون أن السيدة تحمل متغيراً نادراً جداً في جين أبوليبوبروتين إي (ApoE)، وهو يُعرف باسم ApoE3 Christchurch. يُعتقد أن هذا المتغير يعمل كـ “درع واقي” يمنع الطفرة القاتلة من التعبير عن نفسها بشكل كامل.

 

2. آلية الحماية: تثبيط تراكم الأميلويد 🛡️

 

على الرغم من أن السيدة تحمل الطفرة، أظهرت الدراسات أن دماغها كان مليئاً بـ لويحات الأميلويد-بيتا (Beta-Amyloid Plaques)، وهي السمة الرئيسية للزهايمر. لكن المفارقة هي:

  • تراكم التاو السام (Tau Tangles): عادةً ما يكون تراكم لويحات الأميلويد مُتبوعاً بتراكم وتشابك بروتين تاو (Tau Protein)، وهو البروتين الأكثر ارتباطاً بتدمير الخلايا العصبية وظهور الأعراض.
  • المانع النادر: يُعتقد أن متغير ApoE3 Christchurch قد قام بـ تثبيط أو إبطاء عملية تراكم بروتين تاو السام، مما منع تلف الدماغ المُسبب للأعراض الإدراكية، على الرغم من وجود لويحات الأميلويد.

 

3. مفهوم المرونة العصبية (Cognitive Resilience) 💡

 

تُسلط هذه الحالة الضوء على مفهوم المرونة الإدراكية أو الاحتياطي المعرفي. يُمكن للدماغ أن يتعامل مع مستوى مُعين من التلف (مثل لويحات الأميلويد) دون أن تتأثر الوظائف المعرفية، والجينات الواقية مثل ApoE3 Christchurch تُعزز هذه المرونة بشكل غير عادي.