كيف يُلزم القانون الأسترالي عمالقة التكنولوجيا بحماية الصغار

الصحة والجمال

استمع الي المقالة
0:00

المسؤولية على عاتق الشركات: كيف يُلزم القانون الأسترالي عمالقة التكنولوجيا بحماية الصغار؟

 

لم يعد الجدل حول تأثير وسائل التواصل الاجتماعي على الشباب يقتصر على نصائح للآباء أو توجيهات مدرسية؛ بل أصبح الآن تشريعاً حكومياً صارماً في أستراليا يضع كرة المسؤولية في ملعب شركات التكنولوجيا العملاقة. يعتبر هذا القانون تحولاً جذرياً في التعامل مع الأزمة، حيث يفرض عقوبات وغرامات تصل إلى ملايين الدولارات على المنصات التي تفشل في اتخاذ “تدابير معقولة” لمنع وصول المستخدمين دون سن 16 عاماً. هذا التركيز القانوني على المنصات نفسها هو ما يجعل القرار الأسترالي نموذجاً قوياً لحماية الصحة العقلية.

1. الإلزام بآلية التحقق الإجباري من العمر: القانون يجبر المنصات (مثل فيسبوك، تيك توك، إنستغرام، وسناب شات) على تطوير وتنفيذ آليات فعالة للتحقق من العمر. هذا يعني أن الشركات لن تستطيع الاكتفاء بالاعتماد على إقرار المستخدم بعمره، بل يجب عليها استخدام تقنيات أكثر تعقيداً وصرامة قد تشمل التحقق من الهوية أو استخدام البيانات الحيوية. الهدف هو جعل التحايل على القانون صعباً قدر الإمكان، وبذلك يتم حماية الفئات الأكثر عرضة للخطر.

2. تجفيف مصدر الإيرادات من الجمهور غير المستهدف: بما أن نماذج عمل وسائل التواصل الاجتماعي تعتمد على الإعلانات والتفاعل، فإن إجبار الشركات على إزالة أو تجميد حسابات المراهقين دون 16 عاماً يقلل من حجم قاعدة المستخدمين التي يمكنهم استهدافها بالإعلانات. هذا يمثل ضغطاً اقتصادياً مباشراً يدفع الشركات لإعطاء الأولوية للسلامة على حساب الأرباح الناتجة عن قاعدة المستخدمين من الأطفال والمراهقين.

3. تعزيز السيطرة الأبوية غير المباشرة: بدلاً من تحميل الآباء مسؤولية المراقبة المستمرة، يوفر القانون لهؤلاء الآباء أداة قانونية قوية. فبمجرد تفعيل القانون، يصبح الحظر نظامياً ومن المفترض أن يكون شاملاً، مما يلغي حاجة الآباء للقتال اليومي لتقييد وصول أطفالهم إلى هذه المنصات، ويوجههم بدلاً من ذلك إلى التركيز على بناء علاقات سليمة مع أطفالهم دون التوتر الناتج عن صراع الشاشات.

4. تحفيز ابتكار بيئات رقمية أكثر أماناً: قد يدفع هذا القانون الشركات إلى إعادة التفكير في تصميم منصاتها. بدلاً من التركيز على تصميمات تسبب الإدمان (مثل التمرير اللانهائي وميزات الإشعارات المشتتة)، قد تضطر الشركات إلى تطوير منصات رقمية منفصلة ومخصصة للأطفال تتسم بـ “تصميم صديق للصحة العقلية”، يركز على التعليم والتفاعل الإيجابي بدلاً من الاستهلاك السلبي والمقارنات.

5. وضع سابقة قانونية عالمية: يضع القرار الأسترالي ضغطاً هائلاً على الحكومات الأخرى حول العالم لاتخاذ خطوات مماثلة. هذا التشريع التاريخي يغير المعيار العالمي، ويؤكد على أن حماية الصحة العقلية للأجيال القادمة يجب أن تتقدم على المصالح التجارية لشركات التكنولوجيا، مما يمثل فوزاً للسلامة العامة.