يمثل إطلاق نظام Apple Intelligence تحولًا جذريًا في كيفية دمج الذكاء الاصطناعي في الأجهزة الشخصية. الميزة الأبرز التي تميز هذا النظام عن منافسيه هي قدرته على تشغيل العديد من وظائفه الأساسية مباشرة على الجهاز، مما يعني أنه يعمل بكفاءة عالية دون الحاجة للاتصال بالإنترنت. هذا النهج ليس فقط ضمانًا للأداء السريع ولكنه أيضًا حجر الزاوية في فلسفة الخصوصية التي تتبناها آبل.
1. المعالجة على الجهاز (On-Device Processing)
إن العمود الفقري لعمل Apple Intelligence بدون إنترنت هو تقنية المعالجة على الجهاز (On-Device Processing). بدلًا من إرسال بيانات المستخدم وطلباته إلى خوادم سحابية لمعالجتها، كما تفعل معظم أنظمة الذكاء الاصطناعي التقليدية، يقوم نظام آبل بمعالجة تلك البيانات محليًا على شريحة الجهاز نفسها.
تعتمد هذه المعالجة على قوة شرائح Apple silicon المتقدمة، مثل سلسلة شرائح A وM، والتي تتضمن وحدة المعالجة العصبية (Neural Engine) المصممة خصيصًا لتسريع مهام التعلم الآلي والذكاء الاصطناعي. تتيح هذه الوحدة تشغيل نماذج لغوية ضخمة (Foundation Models) ونماذج توليد صور مصغرة على الجهاز بكفاءة عالية، مما يضمن سرعة الاستجابة حتى في وضع عدم الاتصال.
المهام السياقية البسيطة لـ Siri: تحديد سياق الطلبات بناءً على معلومات الجهاز (مثل البحث عن صورة معينة أو إيجاد معلومة في الرسائل).
إنشاء Genmoji: القدرة على إنشاء رموز تعبيرية صورية جديدة ومخصصة.
ملخصات الإشعارات ورسائل البريد الإلكتروني ذات الأولوية: ترتيب وتلخيص الإشعارات الواردة محليًا.
2. ضمان الخصوصية أولاً
العمل بدون إنترنت له تداعيات مباشرة على خصوصية المستخدم. عندما تتم المعالجة محليًا على الجهاز، فإن البيانات الشخصية الحساسة (رسائلك، صورك، سجل تصفحك، إلخ) لا تغادر جهازك أبدًا. هذا يمنع آبل أو أي طرف ثالث من الوصول إلى معلوماتك لتدريب نماذج الذكاء الاصطناعي أو استخدامها بأي شكل آخر.
إن مفهوم “الذكاء الشخصي” في Apple Intelligence يقوم على فهم عميق للسياق الشخصي للمستخدم، مثل من هم الأشخاص المهمون لديه، وأين يتواجد عادة، وما هي خططه. كل هذا الفهم يتم بناؤه وتخزينه واستخدامه فقط على جهاز المستخدم، مما يجعله ذكاءً خاصًا للغاية.
3. متى يحتاج Apple Intelligence إلى الإنترنت؟
على الرغم من القدرة المحلية الكبيرة، فإن بعض المهام الأكثر تعقيدًا تتطلب قوة حوسبة تفوق ما يمكن للجهاز الفردي تقديمه. في هذه الحالات، يستخدم Apple Intelligence تقنية مبتكرة تسمى الحوسبة السحابية الخاصة (Private Cloud Compute – PCC).
عندما يكون الطلب معقدًا ويتطلب سحابة، يتم إرسال جزء بسيط ومشفر للغاية من البيانات، الضروري فقط لإتمام المهمة، إلى خوادم آبل المعتمدة على شرائح Apple silicon. هذه الخوادم مصممة ببروتوكولات أمنية تضمن عدم قدرة آبل نفسها على قراءة البيانات أو تخزينها. هي أشبه بـ”الامتداد الآمن” للجهاز.
في الختام
يعمل Apple Intelligence بدون إنترنت لمعظم المهام اليومية والشخصية بفضل المعالجة على الجهاز، مما يضع معيارًا جديدًا للذكاء الاصطناعي الذي يوازن بين القدرة العالية والخصوصية المطلقة.
