من الفوضى إلى التميز: كيف تُمكن خصائص فرط الحركة من التفكير الشمولي والقدرة على مُكافأة المُخاطر؟
تُشير دراسات علم النفس المعرفي إلى أن سمات فرط الحركة ونقص الانتباه (ADHD) تُؤدي إلى طريقة مُختلفة لمعالجة المعلومات. بدلاً من التركيز الضيق والمُتتابع، يميل دماغ المُصاب إلى المعالجة الشمولية (Global Processing)، ورؤية الصورة الكبيرة والتفاصيل المُتعددة في وقت واحد. هذا النمط المعرفي، مُضافاً إليه الدافع لاختيار المُخاطر، هو الذي يمنحهم ميزة كبيرة في مجالات ريادة الأعمال والبحث والابتكار الفني.
1. المزايا المعرفية لنمط التفكير الشمولي 🔭
هذه الآليات تُفسر لماذا يتفوق مُصابي ADHD في بيئات مُعقدة وغير مُهيكلة:
- رؤية الصورة الكبيرة (Global Processing): يجد مُصابي ADHD صعوبة في التركيز على التفاصيل الدقيقة، لكنهم يتفوقون في ربط المفاهيم الكبيرة واستيعاب النُظم المُعقدة (System Thinking). هذه القدرة حاسمة في ريادة الأعمال والبحث العلمي حيث يكون من الضروري رؤية الاتجاهات العامة.
- مُكافأة المُخاطر (Risk Taker): يميل العديد من مُصابي ADHD إلى البحث عن مكافآت فورية وتجنب المهام المُملة أو الطويلة. هذا النزوع نحو المُخاطرة يُترجم في سياق ريادة الأعمال إلى استعداد أكبر لقبول الفشل والمُضي قُدماً في مشاريع تتطلب الجرأة.
- العاطفة والتحفيز (Emotional Motivation): بدلاً من الانضباط الذاتي الداخلي، غالباً ما يحتاج مُصابي ADHD إلى التحفيز العاطفي أو الشعور بالإلحاح (كأن يكون المشروع على وشك الفشل). هذه الكثافة العاطفية تُصبح قوة دافعة هائلة عند توجيهها نحو مشروع إبداعي يُحبونه.
2. الإنجازات في المجالات غير التقليدية 🎨
غالباً ما نجد أن الأشخاص الذين لديهم سمات ADHD يتفوقون في المجالات التي تتطلب حلاً غير تقليدي للمشكلات:
- الروائيون وكتاب السيناريو: القُدرة على بناء عوالم مُعقدة وسرد خطوط قصص مُتعددة (مُتفرعة) هي مهارة تتطلب التفكير الشمولي وغير الخطي.
- المخترعون ومهندسو البرمجيات: القدرة على الانتقال بين أفكار مُختلفة بسرعة تُساعدهم في “إصلاح” الأخطاء وتصميم أنظمة تعمل بطرق غير متوقعة. ألبرت آينشتاين (يُعتقد أنه كان لديه سمات ADHD) هو مثال كلاسيكي على العبقرية التي وُصفت بأنها غير مُنظمة في بيئة التعليم التقليدي.
- ريادة الأعمال الفنية: يزدهر الكثير من رواد الأعمال المُصابين بـ ADHD في البيئات التي تتطلب التفكير السريع وتغيير الاتجاهات بسرعة، وهي سمات حاسمة في بيئة الشركات الناشئة سريعة التغير.
3. احتضان الاختلاف العصبي
يجب على المجتمع والنظام التعليمي أن يُدرك أن ADHD ليس مجرد نقص، بل هو اختلاف عصبي (Neurodivergence) يُعطي نقاط قوة فريدة. يجب توفير الأدوات التي تُساعد في تنظيم البيئة (مثل استخدام التكنولوجيا) دون محاولة “إصلاح” نمط التفكير الإبداعي التباعدي.