من العبث إلى الخطر: كيف تؤدي العادات اليومية إلى مخاطر قصر النظر المرضي؟
مقدمة: قصر النظر ليس مجرد حاجة لارتداء نظارات؛ بل إن تزايده السريع، خاصةً عندما يصبح “شديداً” (Myopia High)، يرفع بشكل كبير من خطر الإصابة بأمراض تهدد البصر لاحقاً، مثل انفصال الشبكية والزرق واعتلال البقعة الصفراء. تُعد العادات اليومية التي يتبعها الأطفال هي أرض خصبة لتفاقم هذه الحالة.
فهم المخاطر: دور العادات في التدهور البصري: قصر النظر الشديد يحدث عادةً عندما تتجاوز مقلة العين طولاً طبيعياً بكثير، مما يؤدي إلى ترقق وتمطط في طبقات الشبكية والمشيمية. العادات الخمس التالية تزيد من احتمالية حدوث هذا التدهور:
- الاستغراق اللانهائي في الأنشطة القريبة (Near Work Addiction): التركيز المطول على مسافات قريبة لا يمنح العين فرصة للاسترخاء، مما يؤدي إلى ما يُعرف بـ “تشنج التكيف” (Accommodative Spasm). مع الوقت، يعتقد العلماء أن هذا التحفيز المستمر يدفع العين إلى النمو الطولي (Axial Elongation) لتتناسب مع التركيز القريب، وهو أساس قصر النظر الشديد.
- استخدام الأجهزة في الظلام أو الإضاءة الخافتة: هذه العادة مضاعفة الضرر؛ فالنظر إلى شاشة ساطعة في بيئة مظلمة يوسع حدقة العين (Pupil Dilation) للسماح بدخول المزيد من الضوء. هذا التوسع يزيد من تشويش الرؤية ويزيد من إجهاد التكيف، مما يُسرع من تطور قصر النظر ويسبب جفافاً وحكة في العين.
- عدم الاستفادة من “وقت اللعب” في الهواء الطلق: الافتقار إلى التعرض للضوء الساطع الخارجي والتركيز على الأجسام البعيدة (ما يسمى بـ المدى اللانهائي) يحرم العين من محفز طبيعي يوقف عملية النمو الطولي. الأطفال الذين يقضون وقتاً طويلاً في الداخل تحت إضاءة اصطناعية هم الأكثر عرضة للإصابة بقصر النظر وتدهوره.
- الوضعيات الخاطئة أثناء الدراسة أو القراءة: الاستلقاء أثناء القراءة، أو ثني الرقبة، أو تقريب الكتاب أو الشاشة من الوجه، لا يقتصر ضرره على العمود الفقري، بل يفرض على العينين زاوية تركيز غير طبيعية ومسافة عمل ضيقة جداً (أقل من 20 سم). هذا الوضع يزيد بشكل حاد من متطلبات التكيف البصري ويعتبر عاملاً محفزاً لتفاقم قصر النظر.
- تجاهل الأعراض المبكرة وعدم الفحص الدوري: قد تكون العادات اليومية مؤشراً على مشكلة قائمة. عندما يشتكي الطفل من الصداع المتكرر، أو يحدق عند النظر للسبورة، أو يقترب كثيراً من التلفزيون، فإن إهمال هذه العلامات وعدم إجراء فحص سنوي شامل لدى طبيب العيون يعني استمرار العادات السلبية دون علاج، مما يسمح لقصر النظر بالتزايد إلى مستويات خطيرة.
التوصيات للوقاية: للوقاية من قصر النظر الشديد، يجب دمج “التربية البصرية” ضمن الروتين اليومي: تحديد وقت الشاشة، تطبيق قاعدة 20-20-20، الحرص على ساعتين يومياً في الخارج، واستخدام إضاءة جيدة ومباشرة أثناء العمل القريب.














