كلمات يستجاب بها الدعاء .. رددها حتى طلوع الفجر
يغفل كثير منا عن ثلاث كلمات يستجاب بها الدعاء، خاصة ونحن في أول أيام العشر الوسطى من شهر رمضان 2022، والتي تعرف بأنها أيام الرحمة كما أخبر النبي صلى الله عليه وسلم.
وحول ثلاث كلمات يستجاب بها الدعاء، نرصد لك فضلها وأوقات استجابة الدعاء التي يجب أن تحريها كي يقبل منك.
فضل الدعاء
الدعاء هو العبادة وهو أيضا مخ العبادة، كما ورد في السنة النبوية المطهرة، كما أنه من شأنه أن يرد القضاء كما أخبر النبي صلى الله عليه وسلم، وهو من الأمور التي رغب عليها القرآن الكريم ووصف المستكبرين عنه بأنهم أصحاب النار، فقال جل وعلا:”وقال ربكم ادعوني أستجب لكم إن الذين يستكبرون عن عبادتي سيدخلون جهنم داخرين”.
وقد وردت في السنة النبوية الإشارة إلى عديد من الأوقات التي يُرجى فيها إجابة الدعاء، وهي: “بين الأذان والإقامة، في جوف الليل والثلث الأخير منه، ففي الليل ساعةٌ لا يردّ فيها الدعاء، آخر نهار يوم الجمعة؛ أي بعد العصر إلى حين الغروب، عند جلوس الإمام على المنبر للخطبة في يوم الجمعة وإلى حين انقضاء الصلاة، وآخر كُلّ صلاةٍ وقبل السلام منها، أثناء السجود بين يدي الله سبحانه”.
يقول الدكتور علي جمعة عضو هيئة كبار العلماء أن الدعاء المستجاب، منه المناجاة باسم الله، حيث يقول ربنا سبحانه: {وَلِلَّهِ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَى فَادْعُوهُ بِهَا وَذَرُوا الَّذِينَ يُلْحِدُونَ فِي أَسْمَائِهِ سَيُجْزَوْنَ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ}، لافتاً إلى أنه نتعلم من هذه الآية كيف نخاطب ربنا، وكلمة ” يا” التي هى للنداء، ” يا الله” يعنى أناجي الله، ” يا رحمن، يا رحيم” كل هذا إنما هو نوع من أنواع الدعاء { فَادْعُوهُ بِهَا } كل هذا نوع من أنواع الالتجاء، كل هذا عندما يخرج من القلب وعند الاحتياج، ويتصور أحدنا أن الله قطعا سيستجيب ، هذه الثقة بالله تقرب استجابة الدعاء .
وأوضح خلال برنامج القرآن العظيم المذاع عبر فضائية صدى البلد:” ثق في الله، واربط قلبك وذهنك وتركيزك على ما تدعوه به، وادعوه بأسمائه الحسنى ،. قل له ” يا وارث” ، قل له ” يا قوى” ، قل له “يا مستجيب الدعاء”، قل له” يا الله”، قل له” يا رحمن، يا رحيم، يا ملك” ، ادعوه بأسمائه الحسنى فإن الله سبحانه وتعالى له أسماء كثيرة”.
كلمات يستجاب بها الدعاء
وبين أن سيدنا النبي صلى الله عليه وسلم كان يقول: “اللهم أنى أسألك بكل اسم هو لك أنزلته في كتابك، أو علمته أحداً من خلقك” إذًا فهناك أسماء علمها الله سبحانه وتعالى لمن اجتباهم من خلقه من الأنبياء والصديقين والأولياء والعلماء، ألهمهم الله سبحانه وتعالى أسماء واستجاب لهم عندها، فمن علمك شيئا من هذا من أهل الخير والعلم والتقوى والصلاح والولاية؛ فادعوا الله به لعله أن يستجيب”.
وأكمل: “اللهم أنى أسألك بكل اسم هو لك أنزلته في كتابك، أو علمته أحداً من خلقك، أو استأثرت به في علم الغيب عندك ؛ أن تجعل القرآن ربيع قلوبنا، وجلاء همنا وحزننا، ونور أبصارنا وصدورنا” سيدنا رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يعلمنا كيف نجأر وندعو الله سبحانه وتعالى بأسمائه الحسنى ، لله تعالى أسماء كثيرة لكن سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم في حديث أبي هريرة عند الترمذي يقول : ” إن لله تسعة وتسعين اسما، مائة إلا واحد، من احصاها دخل الجنة”.
وبين جمعة المقصود بكلمة “أحصاها” حيث يقول العلماء في معناها أي أنه دعا بها، وتخلق بأخلاقها، وتعلق بما يجب أن يتعلق به، وصدق ما ينبغي أن يصدق بها، إذًا ” التخلق، والتعلق، والتصديق”، هو معنى “أحصاها” .
وأشار إلى أن لله تعالى أكثر من مائة وخمسين أسماً في القرآن، وأكثر من مائة وستين أسما في السنه المشرفة ، مجموعهم عندما نحذف المكرر 240 اسم في الكتاب والسنة، لكن له سبحانه أسماء أخرى لا يعرفها أحد، وفى حديث البخاري عندما يتشفع فينا سيدنا صلى الله عليه وسلم فيقول: “فأسجد تحت العرش فيلهمني الله بمحامد لم أكن أعرفها من قبل ولم يلهمها أحد قبلي” يعنى يعطيه أسماء مما استأثر الله بها فى علمه.
كما أشار إلى قول أبو بكر بن العربي : ” لله ألف اسم” يعنى يمكن البشرية تكون عرفت أو سمت ألف اسم لله سبحانه وتعالى ، وكان العرب إذا أحبوا شيئا أو خافوه أكثروا من أسمائه.
ثلاث كلمات يستجاب بها الدعاء
واعلم أن الدعاء نوعان؛ وهما دعاء في العبادة؛ وهو هداية من الله لعباده المؤمنين وذلك بالتوسل إلى الله سبحانه وتعالى لجلب منفعة أو إبعاد مضرة، ويكون على ثلاث حالات قبل البدء بعمل ما وطلب العون من الله، وقد يكون خلال العمل للتثبيت فيه، وقد يكون بعده اعترافًا بفضل الله والاستغفار للتقصير في عبادته.
أما النوع الثاني فهو دعاء المسألة لقضاء الحاجات؛ وهو الدعاء بجلب نفع أو إبعاد مضرة، ويكون للأمور الدنيوية، ولا يعني استجابته محبة الله ونيل رضوانه، وإنما رحمة من الله لمن دعاه به.
وتيقن أن قيام الليل من أوقات استجابة الدعاء، فهو من أوقات الغفلة التي تعدل الهجرة إلى مدينة النبي الكريم صلى الله عليه وسلم فراراً بالدين، فإنّ الله عز وجلّ يَنزل كلَ ليلة في الثُلثِ الأخير من اللّيل إلى السّماء ِالدُّنيا فيقول:«هل من داعٍ فأستجيبُ لهُ هل من سائلٍ فأعطيهُ، هل من مستغفرٍ فأغفرُ له، حتى يطلع الفجر»، وورد عن النبي صلى الله عليه وسلم قوله: «لا يَرُدُّ القَضَاءَ إلا الدُّعاء».
وقد ورد في السنة الصحيحة أن المحافظة على قيام الليل لها معجزات عظيمة، منها ما ورد عن رسول الله –صلى الله عليه وسلم-، من الفضائل الخمس، فقال: “عليكم بقيام الليل فإنه دأب الصالحين قبلكم وقربة إلى الله تعالى، ومنهاة عن الإثم، وتكفير للسيئات، ومطردة للداء عن الجسد”.
كما ورد عن عبدالله بن عباس رضي الله عنهما، أن رسول لله صلى لله عليه وسلم كان إذا قام إلى الصلاة من جوف الليل يقول: (اللهم لك الحمد أنت نور السماوات والارض ولك الحمد أنت قيوم السماوات والارض ولك الحمد أنت رب السماوات والأرض ومن فيهن أنت الحق وقولك الحق ووعدك الحق ولقاؤك حق والجنة حق والنار حق والساعة حق اللهم لك أسلمت وبك امنت و عليك توكلت واليك انبت وبك خاصمت واليك حاكمت فاغفر لى ماقدمت وأخرت وأسررت وأعلنت أنت إلهى لا إله الا أنت).
وقد جاء عن ابن عمر -رضي الله عنهما-: «أَنَّ رَجُلاً، جَاءَ إِلَى النَّبِيِّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَهُوَ يَخْطُبُ، فَقَالَ: كَيْفَ صَلَاةُ اللَّيْلِ؟ فَقَالَ: مَثْنَى مَثْنَى، فَإِذَا خَشِيتَ الصُّبْحَ فَأَوْتِرْ بِوَاحِدَةٍ، تُوتِرُ لَكَ مَا قَدْ صَلَّيْتَ». قال رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم-: «يا أيها الناسُ أفشوا السلامَ، وأَطْعِمُوا الطعامَ، وصِلُوا الأرحامَ، وصَلُّوا بالليلِ والناسُ نِيَامٌ، تدخلون الجنةَ بسلامٍ».
كيف يستجاب الدعاء بسرعة
وعد الله – تعالى- عباده بإجابة الدعاء، ولكن هذه الإجابة لها أسباب، وقد تؤخَّر إجابة الدعاء لحكمة بالغة، فإما أن تستجاب الدعوة في الدنيا، أو أن أنها تؤخر إلى الآخرة، أو أن الله يصرف عن العبد فيها شرًا، فالله -حكيم عليم- بما يقدره؛ و لكى يستجاب دعاء الانسان يجب عليه أولًا الأخد بأسباب الإجابة الواردة فى القرآن الكريم والسنة النبوية الشريفة:
– تحرّي الأوقات الشريفة للدعاء؛ كيوم عرفة، وشهر رمضان، وليلة القدر، ووقت السحر، وما بين الأذان والإقامة.
– استغلال حالات الضرورة التي يمر بها الإنسان في حياته، فإنه يدعو ربه في هذه الأوقات بتضرع وتذلل واستكانة.
– حضور مجالس الذكر، ففيها الدعاء مستجاب، ومغفور لأهلها ببركة جلوسهم فيها.
– العلم بأن الله يجيب للمضطر والمظلوم إذا دعاه، وكذلك لمن يدعو لأخيه في ظهر الغيب، وللوالدين، والمسافر، والمريض، والصائم، والإمام العادل.
– الإخلاص لله في الدعاء، وحسن الظن به، فإن الله لا يستجيب لمن دعاه بقلب غافل.
– حضور القلب أثناء الدعاء، والتدبر في معاني ما يقوله الداعي.
– الصبر وعدم تعجل إجابة الدعاء.
– التوبة من كل المعاصي، وإعلان الرجوع إلى الله.
آداب قبول الدعاء
أخذ بأسباب قبول الدعاء أرجى في أن تنل ما تطلب وتتمنى على الله تبارك وتعالى، ومن آداب الدعاء وقبوله ما يلي:
1- البدء بحمد الله والصلاة على رسوله – صلّى الله عليه وسلّم-، والختم بذلك، فقال رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم-: «إذا صلَّى أحدُكم فليبدَأْ بتحميدِ ربِّهِ والثَّناءِ علَيهِ، ثمَّ يصلِّي علَى النَّبيِّ – صلَّى اللهُ علَيهِ وسلَّمَ-، ثمَّ يدعو بعدُ بما شاءَ».
2- الدعاء في الرخاء والشدة، فمَن أحب أن يستجيب الله -سبحانه- له وقت الشدائد، فليكثر من الدعاء في حالة الصحة والفراغ والعافية، لأن من صفات المؤمن وشيَمه أنه دائم الصلة مع الله.
3- عدم الدعاء على الأهل، أو المال، أو الولد، أو النفس، فقد نهى رسول الله عن ذلك.
4- إخفات الصوت أثناء الدعاء ما بين المخافتة والجهر، قال تعالى: «ادعوا رَبَّكُم تَضَرُّعًا وَخُفيَةً إِنَّهُ لا يُحِبُّ المُعتَدين ».
5- التضرع إلى الله أثناء الدعاء، والضراعة من الذل والخضوع والابتهال.
6- الإلحاح في الدعاء، وهو الإقبال على الشيء والمواظبة عليه؛ فالعبد يكثر من الدعاء ويكرره، ويلحّ بذكر ألوهية الله وربوبيته، وأسمائه وصفاته، وذلك من أعظم ما يطلب به الدعاء.
7-التوسّل إلى الله بأنواع التوسل المشروعة؛ كالتوسل باسم من أسماء الله أو بصفة من صفاته، أو التوسل إلى الله بعمل صالح قام به الداعي، أو التوسل إلى الله بدعاء رجل صالح.
8- الاعتراف بالذنب والنعمة وقت الدعاء.
9- عدم تكلف السجع في الدعاء.
10- الدعاء ثلاثًا، واستقبال القبلة، ورفع اليدين أثناء الدعاء.
11- والوضوء قبل البدء بالدعاء إن كان ذلك ميسرًا على الداعي.
فضل الدعاء وفوائده
للدعاء أهمية كبيرة، وفضل عظيم، وفوائد كثيرة، منها:
1- الدعاء طاعة لله -عزّ وجلّ-، وامتثال لأمره؛ حيث أمر به، فالداعي مطيع لله، مستجيب لأمره. تجنب الكبر؛ حيث قال تعالى: «وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ إِنَّ الَّذِينَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِي سَيَدْخُلُونَ جَهَنَّمَ دَاخِرِينَ»، فلما أمر الله بالدعاء جعله عبادة، ووصف بتارك هذه العبادة بأنه مستكبر، والإنسان السويّ لا يستكبر عمّن خلقه، ورزقه، وأحياه.
2- الدعاء أكرم شيء على الله، وقد ورد ذلك عن رسول الله – صلّى الله عليه وسلّم-، وقيل إن ذلك يدل على قدرة الله وعجز الداعي.
3- الدعاء من الأمور المحبوبة إلى الله تعالى.
4- سبب لانشراح الصدر، وتفريج الهم، وزوال الغم، وتيسير الأمور.
5- سبب لاجتناب غضب الله؛ فمن لم يسأل الله ويدعوه فإنه يغضب عليه.
6- دليل التوكل على الله، حيث إن أساس التوكل على الله هو اعتماد القلب عليه، ويتجلى التوكل في الدعاء، حيث يكون الداعي مستعينًا بالله، مفوضًا أمره إليه.
7- السلامة من العجز، وفيه الدليل على الكياسة، فأضعف الناس همة وأعماهم بصيرة من كان عاجزًا عن الدعاء.