عسر الهضم المزمن .. ما هي أسبابه وطرق علاجه ؟
يُعدّ عسر الهضم (بالإنجليزيّة: Dyspepsia) ليس مرضاً بحدّ ذاته بل مصطلحاً عاماً يُعبّر عن الشعور بعدم الراحة في المنطقة العلوية من البطن، ويتضمّن مجموعة من الأعراض التي يشعر بها الفرد بين الحين والآخر، أو بشكل يوميّ ومن أهمّها؛ ألم البطن، والشعور بالشبع المبكّر أو الامتلاء بعد تناول كمية قليلة من الوجبة، والشعور بالامتلاء المزعج بعد تناول وجبة الطعام والذي يدوم لفترة طويلة، والإحساس بالحرارة أو الحرق في الجزء العلويّ من البطن، وانتفاخ البطن بسبب تراكم الغازات، والشعور بالغثيان، وفي بعض الأحيان التجشؤ، والتقيؤ.
يعاني 50% من الأفراد من أعراض عسر الهضم لفترات طويلة قد تصل لخمس سنوات، وعليه فإنّها مشكلة مزمنة في كثير من الأحيان، وبشكل عام يمكن التعامل مع الحالات البسيطة من عسر الهضم في المنزل، وذلك من خلال إجراء بعض التغييرات في أسلوب الحياة، بينما يجب مراجعة الطبيب في حال استمرت الأعراض لفترة أسبوعين أو أكثر، كما أنّ هناك مجموعة من العلامات والأعراض التحذيرية التي تستدعي الذهاب للطوارئ في حال حدوث أحدها مع وجود ألم شديد في البطن، ومنها؛ فقدان الشهية، وفقدان الوزن، والتقيؤ، وعدم القدرة على البلع، وخروج براز أسود اللون، واصفرار الجلد والعيون، وألم الصدر عند بذل مجهود، وضيق التنفس، والتعرّق، وألم الصدر الذي يمتدّ إلى الفك أو الذراع أو الرقبة.
أسباب عسر الهضم المزمن
يتم تشخيص الغالبية العظمى من حالات عسر الهضم لدى الأفراد بعسر الهضم الوظيفي (بالإنجليزيّة: Functional Dyspepsia)، والذي يُعرف بأنّه اضطراب هضمي تظهر أعراضه في الجزء العلويّ من القناة الهضمية، وتحديداً المعدة والجزء العلويّ من الأمعاء الدقيقة، مع عدم وجود أي مشكلة في بنية القناة الهضمية، أو في عمليات الأيض الهضمية، وبالتالي لا يوجد سبب واضح ومحدّد لحدوث هذا النوع من عسر الهضم، ولكن تجدر الإشارة إلى أنّه قد ينتج عن الحركة غير الطبيعية في عضلات المعدة لا سيّما في المنطقة المسؤولة عن تحريك الطعام من المعدة إلى الأمعاء. أما بالنسبة للأنواع غير الوظيفية من عسر الهضم فتتنوّع الأسباب الكامنة وراء الإصابة بها، ومن أبرز أسباب عسر الهضم ما يلي:
الإصابة ببعض الأمراض والمشاكل الصحية: مثل؛ الارتجاع المعدي المريئي، وسرطان المعدة، وشلل المعدة الجزئي (بالإنجليزيّة: Gastroparesis) الذي يُصيب مرضى السكري في الغالب، وعدوى المعدة، ومتلازمة القولون العصبي، والتهاب البنكرياس المزمن، ومرض الغدة الدرقية، والحمل، وقرحة المعدة التي يكون السبب فيها بكتيريا الملوية البوابية (بالإنجليزيّة: Helicobacter pylori)، وتشوّهات البنكرياس أو القناة الصفراوية، والتهاب المعدة، وداء سيلياك المعروف بمرض حساسية القمح، وحصى المرارة، والإمساك، وانسداد الأمعاء، وقلّة تدفق الدم إلى الأمعاء، وعدم تحمّل اللاكتوز، والاكتئاب، واضطرابات القلق.
استخدام بعض أنواع الأدوية: ومنها المسكّنات مثل: الأسبيرين (بالإنجليزيّة: Aspirin) ومضادات الالتهاب غير الستيرويدية كالآيبوبروفين (بالإنجليزيّة: Ibuprofen)، بالإضافة للأدوية المحتوية على هرمون الإستروجين، وموانع الحمل الفموية، والأدوية المحتوية على الستيرويدات، وبعض المضادات الحيوية، وأدوية الغدة الدرقية، والمكمّلات الغذائية المحتوية على الحديد.
نمط الحياة غير الصحي: ويتمثّل بتناول كميات كبيرة من الطعام، وتناول الطعام بسرعة كبيرة، وتناول الطعام في أوقات التوتر والضغط العصبيّ، وشرب الكحول، وتدخين السجائر، والإجهاد والتعب البدنيّ، وتناول الأغذية الغنية بالدهون والزيوت، والمليئة بالتوابل، والاستلقاء بعد وقت قصير من تناول الطعام، والحصول على كميات كبيرة من الكافيين، والشوكولاته، والمشروبات الغازية،وتناول الأغذية الغنية بالأحماض مثل؛ البرتقال ومنتجات البندورة.
التعامل مع عسر الهضم المزمن
هناك مجموعة من الإجراءات التي يمكن القيام بها للتخفيف من مشكلة عسر الهضم، وفيما يلي بيان ذلك.
العلاجات الوقائية
وتتضمّن النصائح الحياتية والغذائية التالية:
تناول وجبات صغيرة لضمان حصول المعدة على فترات راحة من العمل.
محاولة السيطرة على التوتر والضغط العصبيّ من خلال تعلّم أساليب الاسترخاء وتقنيات الارتجاع البيولوجي.
الإقلاع عن التدخين والتوقف عن شرب الكحول لحماية بطانة المعدة من التهيّج.
تجنّب ارتداء الملابس الضيقة، لتفادي التسبّب في الضغط على المعدة ورجوع الطعام إلى المريء.
اختيار الوقت المناسب لممارسة الرياضة سواء قبل تناول الطعام، أو بعد تناول الطعام بساعة على الأقل.
عدم الاستلقاء مباشرة بعد تناول الطعام، والعمل على ترك فاصل زمني مدته ثلاث ساعات على الأقل بين الوجبة الأخيرة والنوم.
الانتباه لوضعية النوم؛ بحيث يتم رفع الرأس عن مستوى القدمين، ودعم الجسم بالوسائد، وذلك لضمان نزول العصارة الهضمية والطعام إلى الأمعاء.
العلاجات الدوائية
يقوم الطبيب في بعض الأحيان بإجراء بعض التعديلات على جرعات ومواعيد الأدوية التي يتناولها المصاب إذا كانت السبب في إصابته بعسر الهضم، أو ينصحه بالتوقف عن تناولها، كما قد يكون المصاب بحاجة لتناول بعض الأدوية الموصوفة من قبل الطبيب لتخفيف الأعراض الشديدة والمتكرّرة، ومن هذه الأدوية:
الأدوية المضادّة لحموضة المعدة: وتتضمّن الأنواع التالية:
مضادات الحموضة: وهي إحدى الخيارات العلاجية الأولية، والمتوفرة دون وصفة طبية، والتي تعمل على مقاومة تأثير الحمض في المعدة، ويظهر مفعولها خلال وقت قصير.
مضادات مستقبلات الهيستامين 2: تعمل هذه الادوية على تقليل مستوى الحمض في المعدة، ويستمرّ تأثيرها لمدّة أطول من مضادات الحموضة، ومن الأمثلة على مضادات مستقبلات الهيستامين 2؛ دواء رانتيدين (بالإنجليزيّة: Ranitidine).
مثبّطات مضخة البروتين: تقلّل هذه الأدوية من الحمض في المعدة، ولها مفعول أقوى من مضادات مستقبلات الهيستامين 2، ومن الأمثلة على مثبّطات مضخّة البروتين؛ دواء أوميبرازول (بالإنجليزيّة: Omeprazole).
الأدوية المضادة للتقيؤ: تساعد هذه الأدوية على زيادة حركة الجهاز الهضمي، وبالتالي يمكنها التخفيف من مشكلة التقيؤ، بالإضافة إلى احتمالية قدرتها على التخفيف من الشعور بالشبع المبكّر، والامتلاء أو الضغط في الجزء العلويّ من البطن.
المضادات الحيوية: في حال كان السبب في حدوث عسر الهضم هو قرحة المعدة الناتجة عن نوع من البكتيريا المعروفة باسم الملوية البوابية، يتم وصف مضادات حيوية مناسبة للقضاء عليها.
مضادات الاكتئاب: يمكن للطبيب أن يصِف بعض الأدوية المضادة للاكتئاب بجرعات منخفضة في حال لم تتحسّن حالة عسر الهضم بعد استخدام الأدوية الأخرى، إذ يمكن لهذه الأدوية أن تُقلّل من الإحساس بالألم والانزعاج لدى الفرد.
العلاج النفسي: يمكن أن تساعد بعض العلاجات النفسية على التخفيف من مشكلة عسر الهضم الوظيفي، ومن الأمثلة على هذه العلاجات؛ العلاج السلوكي المعرفي، والارتجاع البيولوجي، والتنويم المغناطيسي، والاسترخاء.