سامي ومي زوجان من البيت إلى الاستوديو والعكس صحيح!
شيء في قلمي | بقلم : طارق الشناوي
في دراما رمضان بدأت (السوشيال ميديا) تقطع الخط الفاصل بين الواقع والدراما، بين بيت الزوجية وموقع التصوير، وتناثرت التساؤلات عن الممثلة مي عمر التي يفرضها زوجها المخرج محمد سامي بطلة في العديد من أعماله الدرامية، آخرها (نسل الأغراب).
لا أنكر أن مي ممثلة تتمتع بموهبة وحضور، والدليل أنها العام الماضي تألقت في رمضان مع المخرج حسين المنباوي في مسلسل (الفتوة).
كما أن محمد سامي أحد أشطر مخرجي الدراما في السنوات العشر الأخيرة، وله رصيد لا يُنكر من الأعمال الناجحة، إلا أن تواجد مي مع سامي يشعرك بأنه يمنحها مساحات أكبر على حساب الشخصيات الأخرى.
وهذا هو ما حدث في المسلسل رغم أن الصراع الدرامي أساساً قائم على القطبين أحمد السقا وأمير كرارة، إلا أن مي تبدو طوال الحلقات هي المحرك الأساسي للحدث، مما يؤثر سلباً على الشاشة.
العلاقة بين سامي ومي، تذكّرنا بحالة شبيهة بدأت قبل نحو 35 عاماً بين المخرج محمد فاضل وزوجته الفنانة فردوس عبد الحميد،.
وكانت أيضاً هي النجمة شبه الدائمة على خريطته الدرامية، وكثيراً ما كان يعيد كتابة النص حتى يمنحها مساحة أكبر، مما أثر بالسلب على مسلسلات فاضل التي قدّمها، قبل أن يغيب تماماً عن الدراما في السنوات الأخيرة.
ظاهرة الزواج الفني هي إحدى الحكايات التي تتكرر في العالم كله، تتزوّج ممثلة مخرجاً فتصبح قيداً له، أو يصبح قيداً عليها، أو تتزوّج النجمة نجماً، لا يطيق أن يراها في عمل فني مع أحد غيره، ليس الأمر دائماً على هذا النحو، الزواج قد يصبح نوراً يحرّك طاقة الإبداع، أو يستحيل إلى نار تحرق الزوجين، جنة أم جحيم هذا هو السؤال؟!
شاهدنا عبر التاريخ زيجات كانت هي الطريق للإبداع الخالص، وأخرى أشعلت حرائق الفتنة. أشهر حالة دخلت التاريخ العربي، تلك التي جمعت بين فيروز وعاصي رحباني.
بينما كان بين عاصي وشقيقه منصور توأمة أخرى، إنه زواج نادر الحدوث رغم انتهائه بالطلاق ثم بالرحيل لعاصي، وبعد ذلك توقف منصور عن التعاون مع فيروز واقتصرت أغانيها على ألحان زياد ابنها!
جمع بين (الأخوين) مزاج فني واحد، أسفر هذا الثنائي عن حالة وجدانية بدأت في منتصف الخمسينيات من القرن الماضي، عندما التقيا بالصوت الذي يبحثون عنه، وكأنّ ألحان الرحبانية تستلهم مفرداتها وألقها من صوت فيروز، في نفس الوقت كان صوت فيروز يستمد حياته من ألحان الرحبانية.
وقدم هذا الثلاثي الذي أصبح وكأنه فرداً واحداً عشرات من أروع الأغنيات والمسرحيات في تاريخنا الغنائي العربي، ورغم ذلك فإن الرحبانية لم يحتكرا تماماً صوت فيروز، كانت هناك مساحات بين الحين والآخر لملحنين آخرين.
عبر التاريخ الفني نجد فناناً يتزوج فنانة يُشكلان دويتو، ثنائي فني، لكنه لا يفرض على الجمهور، مثلاً أنور وجدي وليلى مراد قدّما معاً ثمانية أفلام من أنجح اللقاءات في السينما العربية، كانت ليلى هي البطلة وأنور يلعب أمامها دور الفتى الأول، وأيضاً يخرج وينتج ويشارك في السيناريو.
هذا هو نصف الكوب الملآن من الحكاية، الآن لديكم النصف الآخر الفارغ، هل تقبّل أنور وجدي ببساطة، أن تلعب ليلى مراد بطولة أفلام لحساب شركات إنتاج أخرى، لتدر أفلامها أرباحاً طائلة على منافسيه؟ أنور كما روت ليلى في أحد أحاديثها النادرة والخاصة.
كان يتعمّد افتعال خناقة معها قبل موعد التصوير، حتى تذهب إلى الاستوديو في حالة نفسية سيئة، تنعكس سلباً على أدائها، لم يستطع أنور وجدي أن يعلو على الغيرة المهنية، ولا عن مصلحته المادية.
كان هدفه احتكار ليلى مراد، وعندما حطّمت قيد الحياة الزوجية واضطر إلى طلاقها، أشهر في وجهها أسوأ سلاح من الممكن أن يوجّه إلى إنسان، سارع باتهامها بالخيانة الوطنية.
مستنداً إلى ديانتها الأولى اليهودية، وقال إنها تدفع مساعدات مادية لدولة إسرائيل، وهو اتهام يزج بمن يلاحقه إلى حبل المشنقة، حصلت ليلى على البراءة، إلا أن الجرح لم يندمل حتى رحيل أنور.
المخرج الكبير عز الدين ذو الفقار تزوّج فاتن حمامة، بعد قصة حب دفعت فاتن وعز إلى إعلان الزواج قبل موافقة أسرة فاتن، ورغم طلاقهما نهاية عام 1954، وزواجها من عمر الشريف، لم يتوقف التعاون الفني بينهما، قدّما بعدها فيلمي “بين الأطلال” و”نهر الحب”، والفيلم الثاني شارك فاتن البطولة زوجها عمر الشريف.
وانطلق عمر، ولم تستطع فاتن أن تترك مصر لتلاحق زوجها في رحلته إلى العالمية، فكان الطلاق هو الحل، وظل عمر حتى آخر أيامه، عندما يسأل عن أكثر امرأة أحبها يقول إن فاتن هي حبه الوحيد!
محمد سامي لصالحه أن يتحرر من قيد تواجد مي عمر في أعماله، وهو ما ينبغي أيضا أن تفعله مي، وتنتظر رؤية أخرى لمخرج يقدّمها بزاوية رؤية حيادية، لا يلعب فيها الجانب الخاص دوره على الشاشة، حتى لا يدفع كل منهما مع الأيام الثمن.
ولا يعني ذلك أن لا يعمل الزوجان معاً، من الممكن بين الحين والآخر أن يجمعهما مسلسل مشترك، على شرط أن لا تُصبح قاعدة، بل استثناء يؤكد القاعدة، يعلو فيه صوت الفن على صوت الحياة الزوجية!