دور برد سبب موهبة أغاثا كريستي … ملكــــة روايات الجــرائم والألغاز فى العالم.
أغاثا كريستي هى واحدة من أشهر الكتاب فى العالم، وتعد حتى الآن الرائدة فى كتابة الروايات البوليسية، ولدت فى 15 سبتمبر من عام 1890، فى مدينة توركواى، ديفون فى القسم الجنوب الغربى من إنجلترا.
أحبت أغاثا منذ نعومة أظفارها المسرحيات الخيالية وخلق الشخصيات التخيّلية. وانتقلت لدراسة الصوتيات والبيانو في باريس عندما كانت في سنتها السادسة عشر ثم عادت إلى إنكلترا.
يرجع الفضل على خوضها الحياة الأدبية لولدتها التي كانت تقوم بتشجيعها دائما فوصفت أجاثا كريستى طفولتها بالسعيدة وقالت “قضيت طفولة مشردة إلى أقصى درجات السعادة، تكاد تكون خالية من أعباء الدروس الخصوصية.
فكان لى متسع من الوقت لكى أتجول فى حديقة الأزهار الواسعة وأسبح مع الأسماك ما شاء لى الهوى! ويرجع الفضل فى ذلك إلى والدتى التى سهلت اتجاهى إلى التأليف، فقد كانت سيدة ذات شخصية ساحرة، وذات تأثير قوى وكانت تعتقد اعتقاداً راسخاً أن أطفالها قادرين على فعلِ كلِ شيء.
حيث بدأت قصت كتابتي حينما أصبت ببرد شديد ألزمنى الفراش قالت لي أمي : خير لكِ أن تقطعى الوقت بكتابة قصة قصيرة وأنت فى فراشك. فأجبتها: ولكنى لا أعرف، فقالت: لا تقولى لا أعرف، ثم حاولت ووجدت متعة فى المحاولة، فقضيت السنوات القليلة التالية أكتب قصصاً قابضة للصدر! يموت معظم أبطالها! كما كتبت مقطوعات من الشعر ورواية طويلة احتشد فيها، عدد هائل من الشخصيات بحيث كانوا يختلطون ويختفون لشدة الزحام، ثم خطر لى أن أكتب رواية جرائم، ففعلت واشتد بى الفرح حينما قبلت الرواية ونشرت، وكنت حين كتبتها متطوعة فى مستشفى تابع للصليب الأحمر إبان الحرب العالمية الأولى”.
وبعد مرور بضع سنواتٍ نشرت أغاثا روايتها الأولى بعنوان “The Mysterious Affair at Style” في عام 1920. ركّزت القصة على أحداث مقتل وريثةٍ غنية، وكانت هذه المرة الأولى التي عرّفت فيها أغاثا قراءها على واحدةٍ من أشهر الشخصيات في قصصها، المحقق البلجيكي هركل بوارو.
تزوجت من الكولونيل أرشيبلد كريستي الذي كان طيارًا في الفيلق الملكي عام 1914، وأنجبت منه ابنتها الوحيدة، روزاليند، خطّ قلم الكاتبة الشهيرة في عام 1926 روايةً لاقت حينها نجاحًا باهرًا، وتعتبر إلى اليوم من الروايات الكلاسيكية إضافةً إلى كونها واحدةٌ من الروايات المفضلة لدى الكاتبة نفسها
“The Murder of Roger Ackroyd”. لكنّها لم تهنئ بنجاحها في ذلك العام، فقد كانت سنةً مأساويةً بالنسبة لها؛ توفّت والدتها فيها إلى جانب إفصاح زوجها لها عن علاقته مع امرأةٍ أخرى.
احتاجت بعدها كريستي لبعضٍ من الوقت لتتعافى واختفت بعدها عن الأنظار لعدة أيام، لكنّ السلطات استطاعت إيجادها في فندق هاروغيت متخفيةً تحت اسم عشيقة زوجها الجديدة.
وطلبت الطلاق من زوجها في عام 1928.
في الحرب العالمية الثانية، و قبل ان تموت امها عملت كمساعدة في صيدلية، وحصلت على خبرةٍ كبيرةٍ في السموم، وهو أمرٌ انعكس بشكلٍ كبير على رواياتها اللاحقة.
رافقت أمها في رحلة علاجية إلى القاهرة، ولكن في باطن الأمر، كان والدتها تريد منها البحث عن زوج بريطاني في الوجهة السياحية الأشهر للبريطانيين آنذاك.
تزوّجت بعدها أغاثا من أستاذ علم الآثار ماكس مالوان، وسافرت معه في عدة رحلاتٍ استكشافية سجّلتها لاحقاً في عام 1946 في مذكراتها التي نشرتها بعنوان ” Come, Tell Me How You Live”.
شهدت سنة زفافها الجديد نشرها لقصةٍ جديدةٍ أخرى ” Murder At The Vicarage”.
أصبحت هذه القصة أيضًا من الروايات الكلاسيكية وعرّفت جمهورها من القرّاء على شخصيةٍ جديدةٍ أخرى هي الآنسة جين ماربل، المحققة الريفية.
يعتبر كل من ماربل وبوارو من أكثر الشخصيات المشهورة في روايات الكاتبة كريستي، حيث كانا البطلين الأساسيين في معظم قصصها ورواياتها. نذكر من القصص المميزة التي ظهر فيها بوارو: “Ackroyd, The Mystery of the Blue” عام 1928، و”Death in the Clouds” في عام 1935.
بينما ظهرت الآنسة ماربل في عددٍ من الروايات مثل “The Moving Finger” عام 1942 و” A Pocket Full of Rye” في عام 1953. وبسبب شهرة هذه القصص، تمّ تقديمها لتكون أفلامًا أو مسلسلات تلفزيونية حيث لعب دور الآنسة ماربل ممثلاتٍ مميزات مثل: أنجيلا لانسبري وهيلين هايز وجيرالدين ماكيوان.
امتلكت الكاتبة البريطانية قدرةً رائعة على الكتابة والتشويق، وتجلّى ذلك واضحًا في سنواتها اللاحقة، حيث كتبت كريستي أكثر من 70 رواية تحرّي بالإضافة إلى القصص التخيلية القصيرة. حصدت الكاتبة نجاحًا كبيرًا في مجال قصص الجريمة والتحرّي، مما جعلها تستحق لقب “ملكة الجريمة” و “ملكة الغموض”، لكن لا يعني ذلك أبداً أنّها لم تكتب أنماطًا أخرى من القصص، فهناك على سبيل المثال روايات رومنسية مثل “Unfinished Portrait” التي نُشرت في عام 1934 ورواية ” A Daughter’s a Daughter” التي تمّ نشرها في عام 1952 تحت اسمٍ مستعار هو ماري ويستماكوت.
تُعتبر كريستي ملكة الكتابة والنشر في جميع الأنواع الأدبية على اختلافها، ونرى ذلك جليًا عندما نعرف أنّها وبحسب كتاب غينيس للأرقام القياسية الكاتبة الروائية الأكثير مبيعًا للكتب على مر العصور، حيث بيع أكثر من 2 مليار نسخة من أعمالها مجتمعةً حول العالم، كما أنّ أعمالها تصنّف في المرتبة الثالثة في قائمة أكثر كتب العالم المنشورة بعد أعمال شكسبير والإنجيل.
وبحسب قاعدة بيانات اليونيسكو ” Index Translationum” فإنّ أغاثا هي أكثر الكتّاب الذين تُرجمت كتبهم ورواياتهم، فقد تُرجمت كتاباتها إلى أكثر من 103 لغة حول العالم.
تُعتبر رواية “And Then There Were None” الرواية الأكثر مبيعًا للكاتبة حيث بيع منها إلى تاريخ اليوم أكثر من 100 مليون نسخة، مما جعلها رواية الغموض الأكثر مبيعًا في العالم، وواحدة من أكثر الكتب مبيعًا عبر التاريخ.
كانت أغاثا كاتبة مسرحيةً معروفةً أيضًا، ومن أعمالها المسرحية: “The Hollow” التي نُشرت في عام 1951، وكذلك “Verdict” في عام 1958.
حصلت مسرحية أغاثا الشهيرة “The Mousetrap” على الرقم القياسي العالمي لأطول فترة عرض أولية. افتُتح العرض أول مرة في مسرح إمباسادور في 25 تشرين الأول/ نوفمبر من عام 1952 وما تزال تُقدّم حتى عامنا هذا (2018)، أي ما يتجاوز 25,000 عرض.
كما تم تحويل العديد من أعمال أغاثا كريستي إلى أفلامٍ شهيرة بما في ذلك ” Murder on the Orient Express” عام 1974 وفلم ” Death on the Nile” عام 1978.
مُنحت الكاتبة المتألقة اللقب الفخري “Dame” وهو المقابل للقب الفارس عند الرجال حسب النظام الفخري البريطاني في عام 1971. كان آخر ظهورٍ لها بعد سنواتٍ قليلة في ليلة افتتاح عرض مسرحية “Murder on the Orient Express”.
توفّت أغاثا كريستي في 12 يناير من عام 1976 عن عمرٍ يناهز 85 عامًا لأسبابٍ طبيعية، ودُفنت في فناء كنيسة سانت ماري في شولسي.