تحذير صحي مُلح: خبراء يكشفون عن العلاقة المحتملة بين زيت الطهي المستخدم وخطر الإصابة بسرطان الثدي.. تفاصيل هامة لحماية صحتك
تهديد خفي في مطبخك؟.. دراسات تربط استخدام زيوت طهي معينة بزيادة خطر الإصابة بسرطان الثدي.. خبراء يدقون ناقوس الخطر ويوضحون الآليات والتوصيات الهامة:
في تطور يثير القلق ويسلط الضوء على أهمية اختيارنا اليومي للطعام وطريقة تحضيره، حذر خبراء متخصصون في مجال الصحة والتغذية من وجود علاقة محتملة بين استخدام أنواع معينة من زيوت الطهي بشكل متكرر وبين زيادة خطر الإصابة بسرطان الثدي، وهو أحد أكثر أنواع السرطان شيوعًا بين النساء على مستوى العالم. تستند هذه التحذيرات إلى نتائج أبحاث ودراسات أولية تشير إلى أن بعض الزيوت، عند تعرضها لدرجات حرارة عالية أثناء الطهي، قد تنتج مركبات ضارة يمكن أن تساهم في تطور الخلايا السرطانية. في هذه المقالة، سنتناول بالتفصيل هذه التحذيرات الهامة، ونستعرض الآليات المحتملة التي تربط زيوت الطهي بسرطان الثدي، ونقدم توصيات الخبراء بشأن أنواع الزيوت الأكثر أمانًا للاستخدام اليومي وكيفية الطهي الصحي لتقليل المخاطر المحتملة.
أولًا: أساس التحذير.. دراسات أولية تربط تسخين بعض الزيوت بإنتاج مركبات مسرطنة:
تستند تحذيرات الخبراء إلى نتائج أبحاث علمية أولية استقصت تأثير تسخين أنواع مختلفة من زيوت الطهي إلى درجات حرارة عالية، وهي الدرجات التي غالبًا ما يتم استخدامها في القلي العميق أو التحمير لفترات طويلة. وقد أظهرت هذه الدراسات أن بعض الزيوت، وخاصة تلك التي تحتوي على نسبة عالية من الدهون المتعددة غير المشبعة (Polyunsaturated Fatty Acids – PUFAs) ونقطة تدخين منخفضة، تكون أكثر عرضة لإنتاج مركبات ضارة عند تسخينها بشكل مفرط. من بين هذه المركبات:
- الألدهيدات (Aldehydes): وهي مركبات عضوية يمكن أن تكون سامة وقد ارتبطت بزيادة خطر الإصابة بالعديد من الأمراض، بما في ذلك السرطان وأمراض القلب والأوعية الدموية.
- الهيدروكربونات العطرية متعددة الحلقات (Polycyclic Aromatic Hydrocarbons – PAHs): وهي مركبات تتكون نتيجة الاحتراق غير الكامل للمواد العضوية، وقد تم تصنيف بعضها كمواد مسرطنة.
- الأكريلاميد (Acrylamide): وهو مركب كيميائي يتكون في بعض الأطعمة النشوية عند طهيها في درجات حرارة عالية، وقد صنفته بعض الوكالات الدولية على أنه مادة مسرطنة محتملة للإنسان.
تشير الدراسات إلى أن أنواعًا معينة من الزيوت، مثل زيت عباد الشمس وزيت الذرة وزيت فول الصويا وزيت بذور الكتان، والتي تحتوي على نسبة عالية من الأحماض الدهنية المتعددة غير المشبعة، قد تنتج كميات أكبر من هذه المركبات الضارة عند تسخينها لدرجات حرارة عالية مقارنة بزيوت أخرى ذات نقطة تدخين أعلى ونسبة أقل من هذه الأحماض الدهنية.
ثانيًا: الآلية المحتملة.. كيف يمكن أن تساهم هذه المركبات في زيادة خطر الإصابة بسرطان الثدي؟:
على الرغم من أن الأبحاث لا تزال في مراحلها الأولية، إلا أن الخبراء يقترحون عدة آليات محتملة يمكن من خلالها أن تساهم المركبات الضارة الناتجة عن تسخين بعض زيوت الطهي في زيادة خطر الإصابة بسرطان الثدي:
- التأثيرات المؤكسدة (Oxidative Stress): يمكن أن تؤدي الألدهيدات والهيدروكربونات العطرية متعددة الحلقات إلى زيادة الإجهاد التأكسدي في الجسم، وهو اختلال في التوازن بين إنتاج الجذور الحرة ومضادات الأكسدة. يمكن أن يتسبب الإجهاد التأكسدي المزمن في تلف الحمض النووي للخلايا وزيادة خطر الإصابة بالسرطان، بما في ذلك سرطان الثدي.
- التفاعلات مع الحمض النووي (DNA Adducts): قد تتفاعل بعض المركبات الناتجة عن تسخين الزيوت مع الحمض النووي للخلايا، مما يؤدي إلى تكوين ما يعرف باسم “نواتج إضافة الحمض النووي” (DNA adducts). يمكن أن تتسبب هذه التغيرات في الحمض النووي في حدوث طفرات جينية قد تؤدي إلى تطور الخلايا السرطانية.
- التأثيرات الهرمونية (Hormonal Disruption): تشير بعض الأبحاث إلى أن بعض المركبات الناتجة عن تسخين الزيوت قد تتداخل مع عمل الهرمونات في الجسم، بما في ذلك هرمون الاستروجين الذي يلعب دورًا في تطور بعض أنواع سرطان الثدي.
- الالتهاب المزمن (Chronic Inflammation): يمكن أن تساهم المركبات الضارة في إحداث التهاب مزمن في الجسم، والذي يعتبر عامل خطر معروفًا للعديد من أنواع السرطان، بما في ذلك سرطان الثدي.
من المهم التأكيد على أن هذه الآليات لا تزال قيد الدراسة والتحقق، وأن هناك حاجة إلى مزيد من الأبحاث طويلة الأمد على البشر لتأكيد وجود علاقة سببية مباشرة بين استخدام زيوت طهي معينة وسرطان الثدي. ومع ذلك، فإن النتائج الأولية تدعو إلى الحذر واتخاذ خطوات لتقليل المخاطر المحتملة.
ثالثًا: توصيات الخبراء.. أنواع الزيوت الأكثر أمانًا وكيفية الطهي الصحي:
بناءً على التحذيرات والدراسات الأولية، يقدم الخبراء مجموعة من التوصيات الهامة لاختيار زيوت الطهي واستخدامها بطريقة صحية لتقليل المخاطر المحتملة:
- اختيار الزيوت ذات نقطة تدخين عالية: نقطة التدخين هي درجة الحرارة التي يبدأ عندها الزيت في التحلل وإطلاق دخان ومركبات ضارة. يفضل استخدام الزيوت ذات نقطة التدخين العالية للطهي على درجات حرارة مرتفعة (مثل القلي والتحمير). من بين هذه الزيوت:
- زيت الأفوكادو: يتميز بنقطة تدخين عالية جدًا (حوالي 270 درجة مئوية) ونكهة خفيفة.
- زيت الزيتون المكرر (Refined Olive Oil): نقطة تدخينه أعلى من زيت الزيتون البكر الممتاز (حوالي 210-240 درجة مئوية).
- زيت جوز الهند المكرر (Refined Coconut Oil): نقطة تدخينه عالية (حوالي 230 درجة مئوية).
- زيت الفول السوداني المكرر (Refined Peanut Oil): نقطة تدخينه عالية (حوالي 230 درجة مئوية).
- زيت نخالة الأرز (Rice Bran Oil): نقطة تدخينه عالية (حوالي 230 درجة مئوية).
- استخدام زيت الزيتون البكر الممتاز للطهي على نار متوسطة أو منخفضة: يتميز زيت الزيتون البكر الممتاز بفوائده الصحية العديدة ونكهته الغنية، ولكنه يحتوي على نقطة تدخين أقل (حوالي 160-190 درجة مئوية)، لذا يفضل استخدامه في تتبيل السلطات والطهي على نار هادئة أو متوسطة.
- الحد من استخدام الزيوت ذات النسبة العالية من الدهون المتعددة غير المشبعة في الطهي على درجات حرارة عالية: يجب استخدام زيوت مثل زيت عباد الشمس وزيت الذرة وزيت فول الصويا وزيت بذور الكتان بحذر عند الطهي على درجات حرارة عالية، ويفضل استخدامها في تتبيل السلطات أو إضافتها بعد الطهي.
- تجنب تسخين الزيت بشكل مفرط أو لفترات طويلة: عند القلي أو التحمير، يجب تجنب ترك الزيت يسخن حتى يبدأ في التدخين، حيث أن هذا يشير إلى بداية تحلله وإنتاج المركبات الضارة. يجب أيضًا تغيير الزيت بشكل متكرر وعدم استخدامه عدة مرات.
- اعتماد طرق طهي صحية أخرى: لتقليل الاعتماد على القلي والتحمير بكميات كبيرة من الزيت، يفضل استخدام طرق طهي صحية أخرى مثل الشوي، والسلق، والخبز، والطهي بالبخار، والقلي الهوائي (Air Frying).
- استخدام كميات معتدلة من الزيت: حتى عند استخدام الزيوت الصحية، يجب استخدامها بكميات معتدلة كجزء من نظام غذائي متوازن.
- التنوع في استخدام الزيوت: يمكن التنويع في استخدام أنواع مختلفة من الزيوت الصحية للاستفادة من فوائدها المختلفة وتقليل الاعتماد على نوع واحد فقط.
- قراءة الملصقات الغذائية: عند شراء زيوت الطهي، يجب قراءة الملصقات الغذائية لمعرفة أنواع الدهون ونقطة التدخين إن كانت مذكورة.
رابعًا: سياق التحذير وأهمية المزيد من الأبحاث:
من المهم وضع هذه التحذيرات في سياقها العلمي. لا تزال الأبحاث التي تربط بشكل مباشر بين استخدام زيوت طهي معينة وسرطان الثدي في مراحلها الأولية، وهناك حاجة إلى مزيد من الدراسات طويلة الأمد على البشر لتأكيد هذه العلاقة وتحديد الآليات الدقيقة والكميات الآمنة للاستهلاك. ومع ذلك، فإن مبدأ “الوقاية خير من العلاج” يستدعي اتخاذ خطوات حذرة وتبني عادات طهي صحية لتقليل أي مخاطر محتملة.
الخلاصة: وعي واختيارات صحية لحماية صحة الثدي والمطبخ:
تحمل التحذيرات الصادرة من الخبراء رسالة هامة حول ضرورة الوعي بكيفية اختيار واستخدام زيوت الطهي في مطابخنا. على الرغم من أن الأبحاث لا تزال مستمرة، فإن اتخاذ خطوات استباقية لتبني عادات طهي صحية، واختيار الزيوت المناسبة لكل طريقة طهي، والحد من التعرض للزيوت المسخنة بشكل مفرط، يمكن أن يساهم في تقليل المخاطر المحتملة والحفاظ على صحة الثدي والصحة العامة. إن الاهتمام بتفاصيل بسيطة في مطبخنا يمكن أن يكون له تأثير كبير على صحتنا على المدى الطويل