في خطوة تعد من أهم التطورات في تاريخ محركات البحث، أعلنت جوجل عن إطلاق وضع البحث بالذكاء الاصطناعي (SGE – Search Generative Experience). هذا الابتكار ليس مجرد تحديث بسيط، بل هو نقلة نوعية تهدف إلى تغيير جوهري في طريقة تفاعلنا مع المعلومات عبر الإنترنت. فبدلاً من تقديم قائمة طويلة من الروابط التي تتطلب من المستخدم التنقل بينها للعثور على الإجابة، أصبح محرك بحث جوجل الآن قادرًا على توليد إجابات شاملة ومختصرة ومباشرة باستخدام الذكاء الاصطناعي، مما يوفر الوقت والجهد بشكل غير مسبوق.
يعمل وضع البحث بالذكاء الاصطناعي على تحليل استعلام المستخدم وفهمه بعمق، ثم يقوم بجمع المعلومات من مصادر متعددة وموثوقة على الويب لإنشاء ملخص متكامل. على سبيل المثال، إذا كان المستخدم يبحث عن “كيفية زراعة الورود”، لن يقدم له جوجل روابط لمواقع مختلفة فحسب، بل سيقوم بتوليد نص يجمع أفضل الممارسات والنصائح من تلك المواقع، مع توضيح الخطوات الأساسية في شكل نقاط أو فقرات منظمة. هذا النهج يقلل بشكل كبير من الحاجة إلى النقر على عشرات الروابط للوصول إلى المعلومة المطلوبة.
من أبرز مزايا SGE هي قدرته على الإجابة على الأسئلة المعقدة التي تتطلب مقارنة أو تحليلًا. على سبيل المثال، يمكن للمستخدم أن يسأل عن “أفضل هاتف ذكي للتصوير بسعر أقل من 500 دولار”، وسيقوم محرك البحث بتوليد ملخص يقارن بين عدة هواتف، مع ذكر إيجابيات وسلبيات كل منها، لمساعدة المستخدم على اتخاذ قرار مستنير. هذه الميزة تجعل من محرك البحث أداة أقرب إلى المساعد الشخصي الذكي.
إلى جانب توفير الإجابات النصية، يتميز وضع البحث بالذكاء الاصطناعي بقدرته على دمج العناصر المرئية مثل الصور ومقاطع الفيديو، مما يثري الإجابة ويجعلها أكثر فهمًا وسهولة. كما يتيح للمستخدمين طرح أسئلة متابعة أو طلب المزيد من التفاصيل حول نقطة معينة، مما يخلق تجربة حوارية أشبه بالمحادثة. هذا التفاعل المستمر يضمن أن المستخدم سيحصل على المعلومات التي يحتاجها بالضبط، بدلاً من التيه في بحر من النتائج غير ذات الصلة.
لا يزال هذا الوضع في مراحله التجريبية، لكنه يمثل بداية عصر جديد في عالم البحث الرقمي. يثير هذا التطور تساؤلات حول مستقبل صناعة المحتوى، حيث قد يتغير دور المواقع الإلكترونية من مجرد مصدر للمعلومات إلى جزء من منظومة أكبر يجمعها محرك البحث. في الوقت نفسه، يؤكد إطلاق جوجل لـ SGE على التزام الشركة بالاستفادة من الذكاء الاصطناعي لتقديم أدوات أكثر ذكاءً وفعالية، مما يعزز مكانتها الرائدة في عالم التكنولوجيا.
