تُعد العلاقة بين فيتامين د وصحة الكلى علاقة تكاملية وحيوية إلى أقصى حد؛ فالكلى ليست مجرد عضو لتصفية السموم، بل هي المختبر الكيميائي الذي يقوم بتحويل فيتامين د من صورته الخاملة إلى صورته النشطة التي يستفيد منها الجسم. وعندما يحدث نقص في هذا الفيتامين، فإن الكلى تتأثر بشكل مباشر وغير مباشر، مما قد يدخل المريض في حلقة مفرغة من المشكلات الصحية.
إليك تفصيل لتأثير نقص فيتامين د على صحة ووظائف الكلى:
1. الكلى كـ “مُنشط” لفيتامين د
لكي نفهم التأثير، يجب أن نعرف أن الكبد يحول فيتامين د إلى مادة وسيطة، ثم تأتي الكلى لتقوم بالخطوة النهائية والضرورية عبر إنزيم خاص لتحويله إلى “كالسيتريول” (الصورة النشطة). في حالة وجود قصور في الكلى، تضعف هذه العملية، وفي المقابل، فإن نقص الفيتامين ابتداءً يحرم الكلى من مادة هامة تلعب دوراً في حماية أنسجتها.
2. زيادة خطر الإصابة بأمراض الكلى المزمنة
أظهرت الدراسات الحديثة أن الأشخاص الذين يعانون من مستويات منخفضة جداً من فيتامين د هم أكثر عرضة للإصابة بـ مرض الكلى المزمن (CKD). يعمل فيتامين د كمضاد للالتهاب ومنظم للجهاز المناعي داخل خلايا الكلى؛ ونقصه يؤدي إلى زيادة نشاط نظام “الرينين-أنجيوتنسين”، وهو النظام المسؤول عن تنظيم ضغط الدم. نشاط هذا النظام المفرط يؤدي إلى ارتفاع ضغط الدم داخل الكلى، مما يسبب تلف الفلتر الكلوي بمرور الوقت.
3. تأثير نقص الفيتامين على “البروتين البولي”
من العلامات المبكرة لتضرر الكلى بسبب نقص فيتامين د هو ظهور البروتين في البول (Proteinuria). يساعد فيتامين د في الحفاظ على سلامة “الخلايا القدمية” في الكلى، وهي الخلايا المسؤولة عن منع تسرب البروتين من الدم إلى البول. نقص الفيتامين يضعف هذه الخلايا، مما يؤدي إلى تسرب البروتين، وهو ما يعتبر مؤشراً خطيراً على تدهور وظائف الكلى.
4. العلاقة مع الغدة الجار درقية والعظام
عندما ينقص فيتامين د، ينخفض امتصاص الكالسيوم، مما يدفع الغدة الجار درقية لإفراز هرمونها بكثرة لسحب الكالسيوم من العظام. هذا الاضطراب الهرموني يضع عبئاً إضافياً على الكلى للتخلص من الفوسفات الزائد، وقد يؤدي في النهاية إلى ترسب الكالسيوم في أنسجة الكلى نفسها، مما قد يسبب الحصوات أو التكلس الكلوي.
5. مرضى غسيل الكلى ونقص فيتامين د
يعاني أغلب مرضى الفشل الكلوي من نقص حاد في فيتامين د النشط، مما يزيد من مخاطر إصابتهم بأمراض القلب والأوعية الدموية. لذا، يُعتبر تعويض هذا الفيتامين (تحت إشراف طبي دقيق) جزءاً أساسياً من البروتوكول العلاجي لهؤلاء المرضى لتحسين جودة حياتهم وحماية قلوبهم.














