المشي بعد الأكل مباشرة: هل هو مفيد أم مضر؟
يُعتبر المشي من الأنشطة البدنية البسيطة والمتاحة للجميع، وكثيرًا ما يُطرح سؤال حول جدوى المشي بعد الأكل مباشرة. هل هو مفيد حقًا أم أن له آثارًا سلبية على الجسم؟ الإجابة على هذا السؤال ليست قاطعة تمامًا، ولكنها تتجه نحو التأكيد على أن المشي المعتدل بعد تناول الطعام يمكن أن يكون له فوائد عديدة، بينما المشي السريع أو المجهد قد يسبب مشاكل.
في البداية، من المهم التفريق بين المشي الهادئ والمشي الشديد. المشي الخفيف لمدة تتراوح بين 10 إلى 15 دقيقة بعد وجبة الطعام مباشرة يمكن أن يساعد في عملية الهضم. عندما نمشي، يتم تحفيز عضلات البطن والأمعاء، مما يساعد على نقل الطعام عبر الجهاز الهضمي بشكل أكثر كفاءة. هذا يقلل من احتمالية الإصابة بالانتفاخ والغازات وعسر الهضم. بالإضافة إلى ذلك، قد يساهم المشي في تحفيز إنتاج الإنزيمات الهاضمة، مما يسهل عملية تكسير الطعام وامتصاص العناصر الغذائية.
من ناحية أخرى، فإن المشي بعد الأكل مباشرة له فوائد أخرى تتجاوز عملية الهضم. فهو يساعد في تنظيم مستويات السكر في الدم. بعد تناول وجبة غنية بالكربوهيدرات، يرتفع مستوى الجلوكوز في الدم، والمشي يساعد العضلات على استخدام هذا الجلوكوز كطاقة، مما يقلل من الارتفاع المفاجئ في سكر الدم ويقلل من الحاجة إلى إفراز كميات كبيرة من الأنسولين. هذه الفائدة مهمة بشكل خاص للأشخاص الذين يعانون من مرض السكري أو المعرضين لخطر الإصابة به.
ومع ذلك، يجب الحذر من المبالغة. المشي السريع أو الركض أو أي نشاط بدني شديد بعد الأكل مباشرة ليس فكرة جيدة. فممارسة التمارين المجهدة تحوّل تدفق الدم بعيدًا عن الجهاز الهضمي وتنقله إلى العضلات، مما يعيق عملية الهضم ويسبب تقلصات في المعدة، الشعور بالغثيان، وأحيانًا القيء. لذلك، يُنصح دائمًا بالانتظار لمدة تتراوح بين ساعة إلى ساعتين قبل ممارسة أي نشاط بدني قوي بعد تناول وجبة دسمة.
في الختام، يمكن القول إن المشي الخفيف والمتقطع بعد الوجبات له فوائد صحية مؤكدة، فهو يسهل الهضم، ويساعد في تنظيم مستويات السكر في الدم، ويساهم في السيطرة على الوزن. المفتاح هو الاعتدال؛ فالمشي الهادئ بعد الطعام مباشرة هو عادة صحية مفيدة، بينما الإفراط في المجهود البدني قد يؤدي إلى نتائج عكسية.














