السياحة في براغ.. المدينة الذهبية
في قلب أوروبا، وعلى ضفاف نهر “فلتافا” الساحر، تتلألأ مدينة براغ، عاصمة جمهورية التشيك، كجوهرةٍ تاريخية تشهد على عظمة الحضارات التي مرّت بها عبر القرون. تُعرف براغ بلقب “المدينة الذهبية” و”مدينة المئة برج” لما تزخر به من معالم معمارية فريدة ومبانٍ تاريخية تنبض بجمال العصور الوسطى. إنها مدينة تجمع بين عبق التاريخ وروح الحداثة، فتأسر الزائر بسحرها منذ اللحظة الأولى.
السياحة في براغ.. المدينة الذهبية
جمال معماري يأسر القلوب
تُعدّ براغ من أكثر المدن الأوروبية محافظةً على تراثها المعماري. تمتزج فيها الطرازات القوطية والباروكية وعصر النهضة بطريقة مذهلة تجعلها أشبه بمتحفٍ مفتوحٍ في الهواء الطلق.
من أبرز رموز المدينة قلعة براغ (Prague Castle)، التي تُعتبر أكبر قلعة تاريخية في العالم، وتضم كاتدرائية القديس فيتوس ذات الأبراج الشاهقة. عند زيارة القلعة، يشعر المرء وكأنه يسافر عبر الزمن إلى العصور الملكية القديمة.
ولا يمكن الحديث عن براغ دون ذكر جسر تشارلز (Charles Bridge)، الجسر الأشهر في المدينة الذي يربط بين جانبيها القديم والجديد. تصطفّ على جانبيه ثلاثون تمثالاً تاريخيًا، ويُعدّ مكانًا مفضلاً للسياح والفنانين وعازفي الموسيقى في الشوارع.
المدينة القديمة وسحر الساعة الفلكية
يُعتبر ميدان المدينة القديمة (Old Town Square) قلب براغ النابض، حيث تتجلى روعة العمارة الأوروبية في أبنيته الملوّنة وساحاته الواسعة. ومن أبرز معالمه الساعة الفلكية (Astronomical Clock) التي تعود إلى القرن الخامس عشر، وتُعدّ من أقدم الساعات العاملة في العالم.
عند دقّ أجراسها كل ساعة، يتجمع السياح لمشاهدة العرض الميكانيكي الذي تُقدّمه تماثيل الساعة في مشهد مدهش يجمع بين الفن والعراقة.
التنزه على ضفاف فلتافا
يمنح نهر فلتافا براغ لمسة رومانسية لا مثيل لها. يمكن للسائح الاستمتاع بجولة بالقارب على مياهه الهادئة، حيث تنعكس قباب الكنائس وأبراج القلاع على صفحة الماء في مشهدٍ ساحرٍ خصوصًا عند غروب الشمس.
كما تنتشر المقاهي والمطاعم على ضفاف النهر، مقدّمةً أطباقًا تشيكية تقليدية لذيذة ومشروبات محلية أصيلة.
الثقافة والفنون
تُعرف براغ بأنها مدينة الموسيقى والفن، فهي مسقط رأس العديد من المؤلفين الموسيقيين مثل أنطونين دفورجاك وسميتانا. تنتشر المسارح ودور الأوبرا في أرجائها، وأشهرها دار الأوبرا الوطنية التي تُقدّم عروضًا عالمية راقية.
كما تضم المدينة عددًا كبيرًا من المتاحف، مثل المتحف الوطني التشيكي ومتحف كافكا الذي يخلّد ذكرى الكاتب الشهير فرانز كافكا، أحد رموز الأدب العالمي.
تجربة المطبخ التشيكي
لا تكتمل زيارة براغ دون تذوق المأكولات التشيكية التقليدية. من أشهر الأطباق هناك الغولاش التشيكي والدمبلينغ (كرات العجين)، إلى جانب الحلويات المحلية مثل الكولاش والترديلنيك، وهي كعكة ملفوفة تُخبز على الفحم وتُقدَّم ساخنة مع السكر أو الشوكولاتة.
براغ ليلاً.. سحر لا ينام
عند حلول المساء، تتحول براغ إلى لوحة فنية مضيئة. تلمع قبابها وأبراجها تحت أضواء المدينة الذهبية، بينما تمتلئ المقاهي والحانات القديمة بالموسيقى الحية والضحكات. وتُعدّ الإطلالة من فوق تلة بترين (Petrin Hill) من أجمل المناظر الليلية التي يمكن للزائر مشاهدتها، حيث تبدو المدينة وكأنها بحر من الأنوار المتلألئة.
الخاتمة
إن براغ المدينة الذهبية، ليست مجرد وجهة سياحية، بل هي تجربة متكاملة تُغني الروح وتُدهش الحواس. إنها مدينة تجمع بين عبق التاريخ وسحر الطبيعة وروعة الفن، فتأسر كل من يزورها بجمالها الهادئ وأناقتها الأوروبية الأصيلة، ومن يطأ أرضها مرة، لا بد أن يعود إليها من جديد، فبراغ لا تُنسى، لأنها ببساطة مدينة لا تشيخ أبدًا.