البعد الطبي والتشريعي لـ “القتل الرحيم” بعد انضمام الأوروغواي

الصحة والجمال

استمع الي المقالة
0:00

صراع الكرامة والقدسية: البعد الطبي والتشريعي لـ “القتل الرحيم” بعد انضمام الأوروغواي إلى قائمة الدول المشرعة

 

في خطوة تاريخية ومثيرة للجدل، أقرّت الأوروغواي مؤخراً قانوناً يُشرّع ما يُعرف بـ الموت الرحيم” (Euthanasia) أو “إنهاء الحياة بمساعدة طبية”، لتنضم بذلك إلى مجموعة محدودة من الدول التي وضعت هذا الحق تحت مظلة القانون. يُمثل هذا القرار، الذي جاء بعد سنوات من النقاش الشائك، تحولاً جذرياً في التعاطي مع الألم والمعاناة غير المحتملة للمرضى الميؤوس من شفائهم. لكن من المنظور الطبي، يظل هذا الإجراء نقطة التقاء معقدة بين واجب الطبيب في تخفيف الألم والقدسية الأخلاقية للحياة.


 

1. الموت الرحيم: تعريف وتصنيفات طبية 🩺

 

يشمل مصطلح “الموت الرحيم” (Euthanasia، أو القتل بدافع الشفقة) عدة تصنيفات تتطلب توضيحاً طبياً دقيقاً لفهم تشريع الأوروغواي:

  • الموت الرحيم النشط (Active Euthanasia): هو التدخل المباشر من قبل الطبيب لإنهاء حياة المريض، عادة بإعطاء جرعة قاتلة من الأدوية، بناءً على طلب المريض الواعي. وهو ما أقرته الأوروغواي بشروط صارمة.
  • المساعدة على الانتحار (Physician-Assisted Suicide – PAS): يوفر الطبيب الوسيلة (وصفة طبية أو دواء)، ويقوم المريض بإنهاء حياته بنفسه. تتيح بعض الدول هذا الشكل دون النشط.
  • الموت الرحيم السلبي (Passive Euthanasia): هو الامتناع عن تقديم علاج طبي يُطيل الحياة بشكل اصطناعي (مثل فصل جهاز دعم الحياة)، وهو إجراء مقبول في معظم دول العالم.

 

2. شروط الأوروغواي الصارمة والمنظور الطبي 📝

 

القانون الجديد في الأوروغواي، والذي أُطلق عليه اسم “الموت بكرامة”، وضع ضوابط طبية ونفسية مشددة:

  • حالة المريض: يجب أن يكون المريض في المرحلة النهائية من مرض عضال، أو يعاني من آلام مبرحة لا تُحتمل أدت إلى تدهور خطير في جودة حياته. هذا التقييم يتطلب موافقة أكثر من طبيب متخصص.
  • الأهلية النفسية: من الشروط الأساسية أن يكون الشخص بالغاً وسليماً نفسياً، ولديه القدرة الكاملة على اتخاذ قرار واعٍ ومستنير، لضمان أن القرار نابع عن إرادة حرة وغير ناتج عن اكتئاب أو ضغوط خارجية.
  • المسار الزمني: يتضمن القانون عادة فترة انتظار لضمان مراجعة القرار، مما يفرض على الأطباء مسؤولية مضاعفة في تقييم دقة التشخيص والتأكد من استنفاد كافة خيارات الرعاية التلطيفية.

 

3. التحديات الطبية والأخلاقية المحورية ⚖️

 

لا يزال الجدل الطبي والأخلاقي محتدماً حول شرعية هذه الممارسة:

  • تحويل دور الطبيب: يرى المعارضون أن القانون يُحوّل دور الطبيب من مُنقذ للحياة ومُخفف للألم إلى مُنهٍ للحياة، مما يتعارض مع قسم أبقراط.
  • الرعاية التلطيفية (Palliative Care): يطالب العديد من الأطباء بتعزيز خدمات الرعاية التلطيفية كبديل إنساني للموت الرحيم، بحجة أن الألم الجسدي للمرضى يمكن السيطرة عليه في الغالب، وأن الدافع الحقيقي للطلب غالباً ما يكون الخوف من الوحدة أو فقدان الكرامة.
  • حماية الفئات الضعيفة: يثير النقاد مخاوف جدية بشأن احتمالية إساءة استخدام القانون ضد الفئات الأكثر ضعفاً (كبار السن أو ذوي الإعاقة) الذين قد يشعرون بالضغط لإنهاء حياتهم لتخفيف العبء عن أسرهم أو المجتمع.