البحيرة المقدسه ، عجائب الحضارة المصرية القديمة

سياحة

استمع الي المقالة
0:00

البحيرة المقدسة في الأقصر: سر من أسرار الحضارة المصرية القديمة

تُعدّ البحيرة المقدسة في معبد الكرنك بالأقصر، أحد أبرز الشواهد على عظمة الحضارة المصرية القديمة، وسرًا من أسرارها التي لا تزال تُبهر العالم حتى اليوم. فهي ليست مجرد مسطح مائي، بل كانت لها وظائف دينية وطقسية هامة في حياة المصريين القدماء. في هذه المقالة، سنتناول بالتفصيل كل ما يتعلق بالبحيرة المقدسة:

الموقع والتاريخ:

تقع البحيرة المقدسة في معبد الكرنك، تحديدًا في الجزء الجنوبي من معبد آمون رع، خارج البهو الرئيسي للمعبد، بالقرب من تمثال الجعران الشهير للملك أمنحتب الثالث. أمر بحفرها الملك تحتمس الثالث خلال الأسرة الثامنة عشرة (حوالي 1481-1425 قبل الميلاد)، لتُستخدم في الطقوس الدينية والتطهير.

الوصف المعماري:

  • الشكل والمساحة: تتميز البحيرة المقدسة بشكلها المستطيل، حيث يبلغ طولها حوالي 120 مترًا (393 قدمًا) وعرضها حوالي 77 مترًا (252 قدمًا)، لتغطي مساحة تقريبية تبلغ 3200 متر مربع. تُعتبر هذه البحيرة الأكبر من نوعها بين البحيرات المقدسة التي تم اكتشافها في مصر القديمة.
  • التصميم والإنشاء: تم بناء البحيرة بعناية فائقة، حيث تم تبطينها بأحجار ضخمة لمنع تسرب المياه، كما زُودت بسلالم حجرية تنزل إلى الماء، مما يُسهل الوصول إليها لأغراض الطقوس. كانت البحيرة مُحاطة في السابق بسور ضخم، لكنه تهدم مع مرور الزمن.

الاستخدامات والأهمية الدينية:

كانت البحيرة المقدسة تُستخدم في العديد من الطقوس الدينية الهامة، من بينها:

  • التطهير والاغتسال: كان الكهنة والملوك يغتسلون في مياه البحيرة قبل أداء الطقوس المقدسة ودخول قدس الأقداس، وهو أهم جزء في المعبد، لاعتقادهم بأن ذلك يُطهرهم روحيًا وجسديًا.
  • الاحتفالات الدينية: كانت البحيرة جزءًا من مراسم الاحتفالات الدينية الكبرى التي تُقام في المعبد، حيث كان يُعتقد أن مياهها مباركة.
  • تمثيل رحلة الشمس: يعتقد بعض الباحثين أن البحيرة كانت تُستخدم أيضًا لتمثيل رحلة الشمس اليومية في العالم السفلي، حيث كانت تُعتبر رمزًا للمياه البدئية التي خرج منها الكون.

أسرار البحيرة المقدسة:

تُحيط بالبحيرة المقدسة العديد من الأسرار التي أثارت فضول الباحثين عبر التاريخ، من أهمها:

  • ثبات منسوب المياه: من اللافت للنظر أن منسوب المياه في البحيرة يظل ثابتًا نسبيًا على مر العصور، على الرغم من عوامل الجو المختلفة وارتفاع درجة الحرارة في الأقصر. وقد أثار هذا الأمر تساؤلات حول كيفية تغذية البحيرة بالمياه بشكل مستمر. يعتقد البعض أن هناك قنوات سرية تحت الأرض تربط البحيرة بنهر النيل أو بمياه جوفية.
  • نقاء المياه: على الرغم من ركود المياه في البحيرة لفترات طويلة، إلا أنها لا تتعرض لتكون الطحالب أو الشوائب بشكل كبير، وهو ما يُعتبر لغزًا آخر.

البحيرة المقدسة اليوم:

تُعد البحيرة المقدسة اليوم جزءًا من منطقة معابد الكرنك المفتوحة للزوار، حيث يُمكن للسيّاح مشاهدة هذا المعلم التاريخي الهام والتعرف على تاريخه ووظائفه. تُعتبر البحيرة شاهدًا حيًا على براعة المصريين القدماء في الهندسة المعمارية وإيمانهم العميق بالعالم الآخر.

ملخص:

تُمثل البحيرة المقدسة في الأقصر تحفة معمارية فريدة من نوعها، وشاهدًا على الحضارة المصرية القديمة وطقوسها الدينية. تُثير أسرارها فضول الباحثين والزوار على حد سواء، وتُذكرنا بعظمة الأجداد وقدرتهم على الإبداع والابتكار.