الإيجار القديم في مصر..آخر التطورات ومستقبل العلاقة الإيجارية

اهم الاخبار

استمع الي المقالة
0:00

الإيجار القديم في مصر: آخر التطورات ومستقبل العلاقة الإيجارية

يُعد ملف “الإيجار القديم” في مصر من القضايا الشائكة والمعقدة التي طالما أثارت جدلاً واسعًا بين الملاك والمستأجرين على حد سواء. فبين مطالبات الملاك بتحرير العلاقة الإيجارية وعودة أملاكهم بأسعار تتناسب مع الواقع الاقتصادي الحالي، وتخوفات المستأجرين من التشريد وعدم القدرة على توفير بديل مناسب، تتواصل النقاشات والجهود التشريعية للوصول إلى حلول توافقية تُرضي جميع الأطراف وتُحقق العدالة الاجتماعية. فما هي آخر التطورات في هذا الملف وماذا يحدث الآن؟

1. حكم المحكمة الدستورية العليا والقانون رقم 10 لسنة 2022

شهدت السنوات الأخيرة تطورات هامة في ملف الإيجار القديم، أبرزها حكم المحكمة الدستورية العليا بعدم دستورية الفقرة الأولى من المادتين 1 و2 من القانون رقم 136 لسنة 1981، فيما تضمنتاه من ثبات الأجرة السنوية للأماكن المرخص في إقامتها لأغراض السكنى. هذا الحكم، وإن كان يتعلق بـ “الأشخاص الاعتبارية” (الشركات والمؤسسات)، إلا أنه فتح الباب لمزيد من النقاش حول ضرورة تعديل القانون ليشمل الوحدات السكنية المؤجرة للأشخاص الطبيعيين.

وبناءً على ذلك، صدر القانون رقم 10 لسنة 2022، الذي أقر زيادة تدريجية في قيمة الإيجار للوحدات المؤجرة للأشخاص الاعتبارية بنسبة 15% سنويًا لمدة خمس سنوات، تنتهي بعدها العلاقة الإيجارية وتعود الوحدة إلى المالك. وقد بدأ تطبيق هذه الزيادات منذ مارس 2022، مما يعني أن عام 2027 سيشهد تحرير هذه العقود بالكامل.

2. مناقشات حول الوحدات السكنية للأشخاص الطبيعيين

على الرغم من تطبيق القانون الجديد على الأشخاص الاعتبارية، إلا أن الوحدات السكنية المؤجرة للأشخاص الطبيعيين بموجب عقود الإيجار القديم لا تزال تمثل التحدي الأكبر. تتواصل جلسات الحوار المجتمعي داخل مجلس النواب، بمشاركة ممثلين عن الملاك والمستأجرين والحكومة، لمناقشة مقترحات التعديل.

من أبرز المقترحات المتداولة حاليًا:

زيادة القيمة الإيجارية: تشير بعض المقترحات إلى رفع الإيجار إلى 20 ضعف القيمة الحالية للوحدات السكنية، مع تحديد حد أدنى للإيجار الشهري لا يقل عن 1000 جنيه في المدن و500 جنيه في القرى. كما يتوقع تطبيق زيادة سنوية بنسبة 15% على هذه القيمة لمدة خمس سنوات.

تحديد فترة انتقالية: يطالب العديد من النواب بوضع فترة انتقالية محددة لإنهاء العلاقة الإيجارية للوحدات السكنية أيضًا، على غرار ما تم تطبيقه مع الأشخاص الاعتبارية. هناك خلاف حول مدة هذه الفترة، فبينما يرى الملاك أنها يجب أن تكون قصيرة، يرى المستأجرون أنها يجب أن تكون كافية للبحث عن بديل.

معالجة أوضاع الوحدات المغلقة: يسعى القانون المقترح إلى معالجة مشكلة الوحدات المغلقة وغير المستغلة، والتي يقدر عددها بمئات الآلاف، بهدف إعادة استغلالها وتحقيق أقصى استفادة من الثروة العقارية.

البعد الاجتماعي: تؤكد جميع الأطراف على ضرورة مراعاة البعد الاجتماعي، خاصة بالنسبة لمحدودي الدخل وكبار السن وأصحاب المعاشات. هناك مطالبات بتقديم الدولة لوحدات سكنية بديلة أو دعم مالي لهذه الفئات، أو إعطائهم الأولوية في الحصول على وحدات ضمن مشروعات الإسكان الاجتماعي.

3. الجدل المستمر والتحديات

لا تزال النقاشات حول قانون الإيجار القديم يكتنفها الكثير من الجدل. فبينما يرى الملاك أن القانون الحالي يجحف بحقوقهم ويحرمهم من الاستفادة من أملاكهم، يرى المستأجرون أن التعديلات المقترحة قد تؤدي إلى تشريد آلاف الأسر وتزيد من الأعباء المعيشية عليهم في ظل الظروف الاقتصادية الراهنة. تكمن التحديات في إيجاد صيغة متوازنة تحقق العدالة للطرفين دون إحداث صدمة اجتماعية أو اقتصادية.

إن الهدف من هذه التعديلات هو تحقيق التوازن بين حقوق المالك والمستأجر، وضمان الاستغلال الأمثل للوحدات السكنية في ظل ندرة المعروض من الوحدات المناسبة. ورغم صعوبة الملف، إلا أن التوافق على حلول عادلة ومنصفة أصبح ضرورة ملحة لاستقرار السوق العقاري وتحقيق العدالة الاجتماعية.