الإفراط في استخدام الشاشات يهدد قلوب الأطفال والمراهقين..خطر خفي

الصحة والجمال

استمع الي المقالة
0:00

خطر خفي: الإفراط في استخدام الشاشات يهدد قلوب الأطفال والمراهقين (دراسة تُحذر)

 

في عصر التكنولوجيا الرقمية، أصبحت الأجهزة الإلكترونية جزءًا لا يتجزأ من حياة الأطفال والمراهقين. وبينما تُقدم هذه الأجهزة فوائد تعليمية وترفيهية، تُحذر الأبحاث العلمية بشكل متزايد من مخاطرها الصحية. في دراسة حديثة ومقلقة، توصل العلماء إلى أن الإفراط في استخدام الشاشات يرفع بشكل كبير خطر إصابة الأطفال والمراهقين بأمراض القلب، وهو ما يُشكل ناقوس خطر يدعو الآباء والمؤسسات التعليمية إلى إعادة التفكير في عادات استخدام الأجهزة الإلكترونية.


 

الإفراط في الشاشات: أكثر من مجرد إدمان

 

تُشير الدراسة إلى أن المشكلة لا تكمن في الشاشات نفسها، بل في نمط الحياة الخامل الذي تُعززه. الأطفال والمراهقون الذين يُقضون ساعات طويلة أمام شاشات الهواتف، الأجهزة اللوحية، وألعاب الفيديو، غالبًا ما يُمارسون القليل من النشاط البدني، ويُصبحون أكثر عرضة للعادات الغذائية السيئة. هذا المزيج من الخمول الجسدي والعادات غير الصحية هو ما يُشكل تهديدًا مباشرًا لصحة القلب.

 

الآليات التي تُربط بين الشاشات وأمراض القلب:

 

  1. الخمول البدني (Physical Inactivity):
    • التأثير: قضاء ساعات طويلة في الجلوس أمام الشاشات يعني انخفاضًا في الحركة واللعب في الخارج. هذا الخمول يُؤدي إلى ضعف في العضلات، زيادة الوزن، وانخفاض كفاءة الجهاز الدوري.
    • النتيجة: يُصبح الأطفال والمراهقون أكثر عرضة للسمنة، والتي تُعد عامل خطر رئيسيًا لأمراض القلب والسكري.
  2. العادات الغذائية السيئة:
    • التأثير: غالبًا ما يرتبط استخدام الشاشات بتناول الوجبات الخفيفة غير الصحية، مثل الشيبس، الحلويات، والمشروبات الغازية. هذه الأطعمة غنية بالسكر، الدهون المتحولة، والصوديوم.
    • النتيجة: يؤدي هذا النمط الغذائي إلى ارتفاع مستويات الكوليسترول الضار، وارتفاع ضغط الدم، ومقاومة الأنسولين، وهي كلها عوامل تُساهم في تطور أمراض القلب في سن مُبكرة.
  3. اضطرابات النوم:
    • التأثير: الضوء الأزرق المنبعث من الشاشات يُؤثر سلبًا على إنتاج هرمون الميلاتونين، وهو الهرمون المسؤول عن تنظيم النوم. وهذا يُؤدي إلى اضطرابات في النوم وقلة في ساعات الراحة.
    • النتيجة: قلة النوم تُزيد من مستويات هرمون التوتر (الكورتيزول)، وتُؤثر على ضغط الدم ومعدل ضربات القلب، مما يُشكل ضغطًا إضافيًا على الجهاز القلبي الوعائي.

 

نتائج الدراسة: أرقام تُثير القلق

 

كشفت الدراسة عن علاقة مباشرة بين عدد الساعات التي يُقضيها الأطفال والمراهقون أمام الشاشات ومُتغيرات صحية تُشير إلى زيادة خطر الإصابة بأمراض القلب.

  • زيادة مؤشر كتلة الجسم (BMI): أظهرت الدراسة أن الأطفال الذين يُقضون وقتًا أطول أمام الشاشات لديهم مؤشر كتلة جسم أعلى، وهو مؤشر على زيادة الوزن والسمنة.
  • ارتفاع ضغط الدم: وُجد أن مستويات ضغط الدم الانقباضي والانبساطي كانت أعلى لدى المراهقين الذين يُستخدمون الشاشات لفترات طويلة.
  • تغيرات في مستويات الكوليسترول: أُشير إلى أن هؤلاء الأطفال يُعانون من مستويات أعلى من الكوليسترول الضار (LDL) ومستويات أقل من الكوليسترول الجيد (HDL).

 

نصائح للوقاية: حماية قلوب الأجيال القادمة

 

للحد من هذه المخاطر، يجب على الأسر والمجتمع اتخاذ خطوات فعالة لتقنين استخدام الشاشات وتعزيز أنماط الحياة الصحية.

  1. وضع حدود واضحة لاستخدام الشاشات:
    • الأطفال (2-5 سنوات): تُوصي الأكاديمية الأمريكية لطب الأطفال بساعة واحدة فقط من المحتوى عالي الجودة يوميًا.
    • الأطفال الأكبر سنًا والمراهقون: يجب وضع حدود زمنية واضحة، مثل ساعتين يوميًا، مع تخصيص أوقات معينة لعدم استخدام الشاشات (مثل أوقات الوجبات أو قبل النوم).
  2. تعزيز النشاط البدني:
    • التشجيع على اللعب في الهواء الطلق: خصص وقتًا يوميًا للأطفال للعب في الحدائق أو ممارسة الرياضة في الخارج.
    • الأنشطة العائلية: شارك في أنشطة بدنية عائلية مثل المشي، ركوب الدراجات، أو السباحة.
  3. تبني عادات غذائية صحية:
    • الوجبات المتوازنة: قدم وجبات غنية بالفواكه، الخضروات، الحبوب الكاملة، والبروتينات الخالية من الدهون.
    • التقليل من الأطعمة المصنعة: قلل من تواجد الوجبات الخفيفة السكرية والمالحة في المنزل.
  4. خلق بيئة نوم صحية:
    • لا شاشات قبل النوم: تأكد من إبعاد الشاشات عن غرف النوم قبل النوم بساعة على الأقل.
    • روتين منتظم: ضع روتينًا مريحًا قبل النوم لضمان حصولهم على قسط كافٍ من الراحة.

 

خاتمة

 

يُعد الإفراط في استخدام الشاشات خطرًا صحيًا جديدًا يواجهه أطفالنا. تُقدم هذه الدراسة دليلًا علميًا قاطعًا على أن هذا الخطر لا يقتصر على الصحة النفسية والاجتماعية فحسب، بل يمتد ليشمل صحة القلب والأوعية الدموية. إن مسؤوليتنا كآباء ومعلمين هي توجيه الأطفال نحو التوازن، وتوفير بيئة صحية تُعزز من النشاط البدني والتغذية السليمة، لضمان مستقبل صحي خالٍ من أمراض القلب.