الإختيار المصري من التريند إلى البراند
بقلم : الفنان نضال الشافعي
صباح ومساء الخيرات على أحسن ناس أهل مجلة لايف الكرام.. موضوع اليوم يا غاليين.. عن القوة الناعمة.. مصطلح فقد معناه من كثرة استخدامه في غير معناه وفي غير محله.. والكل بسم الله ما شاء الله.. في كل حتة وكل مكان يقول.. إحنا قوة ناعمة..
لدرجة تاهت معاني الكلمات في أزقة المجادلات.. (وربنا حلوة أزقة كلام كبير.. أزقة جمع زقاق.. ولا ننسى زقاق المدق للكاتب الكبير نجيب محفوظ).. نرجع يعني لأصل الموضوع يعني إيه قوة ناعمة.. ولماذا هذه التسمية؟ ولماذا التصقت بمصر؟ وهل أضافت لمصر ومصر أضافت لها؟
أولاً المعنى الاصطلاحي، القوة الناعمة Soft power، هو مفهوم صاغه جوزيف ناي من جامعة هارفارد لوصف القدرة على الجذب والضم دون الإكراه أو استخدام القوة كوسيلة للإقناع.
ويقول الدكتور جمال عبد الجواد في مقاله عن القوة الناعمة إنها القدرة على التأثير في الآخرين، بحيث يصبح ما تريده هو نفسه ما يريدونه، وبحيث تصبح قيمك وثقافتك ومبادئك وطريقتك في الحياة هي النموذج الذي يودون احتذاءه.
وهناك مفاهيم كتير للقوة الناعمة.. وبالبلدي برضه إزاي تعرف تأثر في اللي حواليك وتأثر في قراراتهم.. (بالطريقة) يعني من غير عنف ولا شد وجذب ولا حتى جدل.. وبلغة الدول.. تتحكم في قرارات من حولك دون التدخل العسكري. عظمة كده.. فلة.. أظن فهمنا.
طيب فكرة القوة الناعمة تطلق على إيه بالنسبة للدول.. هل تطلق على السياحة مثلاً أو الآثار أو الفنون أو الثقافة أو إيه؟ بصوا.. ناس كتير في الفترة الأخيرة.. يعملوا مؤتمر.. رحلة.. طبق محشي.. يقولوا القوة الناعمة.. وده طبعاً من وجهة نظري يعمل لبس كبير.
فخلينا نتفق إن القوة الناعمة هي كل قدرات أي دولة تقدر تستغلها للتأثير في المحيطين بها دون استخدام القوة.. إذن كل ما ذكر يدخل في نطاق القوى الناعمة.. ولكن التجربة المصرية في هذا المضمار.. كانت سباقة.. واستطاعت مصر أن تستغل القوة الناعمة بشكل أكثر من رائع من سنين كتيرة أووووي.
طيب مصر عملت إيه. أقولك أنا.. مصر من زمن الزمن وهي أم الدنيا.. وأهلها أهل حضارة.. ولهم عشق خاص للفنون السامية.. مثل المسرح والكتابة والموسيقى والفنون التشكيلية بأنواعها.
ومصر بها صناعة السينما فوق المائة عام بحبة حلوين.. وأصبحت مصر قبلة الفن في الوطن العربي.. وهوليوود الشرق.. وأصبح كل من يملك موهبة في أي مجال يتجه إلى مصر. ليأخذ النور المطلوب والهالة المطلوبة والنجومية بالبلدي.
هذا كان الوارد ومن يأتي لا بد بدون شعور منه أو قصدية يسعى جاهداً تعلم اللهجة العامية المصرية، ويظهر بها في أعمال فنية.. وهذه الأعمال تسافر لمختلف البلدان.. ليس هذا فقط ولكن الفنان المصري تحول إلى سفير لمصر.. له كل الصلاحيات أن يدخل بيوت الأمة العربية من خلال الأعمال الفنية، ويرسخ داخل وجدان العرب والطفل العربي والأسرة العربية مفاهيم كثيرة وتقاليد وعادات مصرية ليتأثر بها الناس وليس هذا فقط.
لكن اللهجة المصرية تصبح اللهجة المحببة لجميع الأقطار العربية والمفهومة من المشرق للمغرب.. وتتوالى الأجيال.. وتصبح مصر هي الحاضنة لكل شعوب المنطقة.. وكل عربي عندما يأتي إلى مصر لا يشعر بالغربة.
فهو قد طاف بشوارعها وناسها ونيلها وأهرامتها كثيراً حتى لو لم يأت إليها.. وذلك من خلال الفن والثقافة والأفلام والمسلسلات وأغاني عبد الحليم وأم كلثوم.. وأصبح الفنان المصري ليس مجرد يقوم بوظيفة الفن فقط، لكن هو سفير لبلده مصر للعالم وليس هذا فقط، ولكنه قوة حقيقة ونافعة.
هذا على مستوى تجربة مصر واستغلال قوة الفن الناعمة والتأثير على الخارج بجد شابوه. وأصبح هناك رشدي أباظة وعادل إمام وفاتن حمامة وشادية سفراء حقيقيين، وتأتي كوكب الشرق أثناء الحروب المصرية تساعد بحفلاتها وإيراداتها في كل الأقطار العربية لصالح المجهود الحربي. وهذا ما حدث في السابق ونود أن نستمر.
وبما أن مصرنا الحبيبة سباقة وبها من العقول التي تفكر خارج الصندوق.
كيفية استغلال القوة الغنية الناعمة لتوحيد الصف من الداخل.. وزيادة الوعي. وسد كل الفراغات التي يستغلها أهل الشر لزرع سمومهم. والشهادة لله.. كانت وجهة نظر القيادة السياسية بالفعل حكيمة.. وهي إعادة استغلال القوة الناعمة المصرية الفن.. كي تساعد على توحيد الصف وشرح المفاهيم وزيادة الوعي بالحقائق.
كل هذا طالب به سيادة الرئيس عبد الفتاح السيسي.. مثقفي مصر وفنانيها.. وهذا وعي عظيم وإدراك رائع من القيادة السياسية لقيمة الفن ومدى تأثيره على الناس.. وكانت.. وبدأت الاستجابة.
وكانت البداية الحديثة.. فيلم (الممر) وهو من بطولة النجم أحمد عز وكوكبة من النجوم وإخراج الأستاذ شريف عرفة، ولأول مرة فيلم حربي من الطراز الأول يشرح إحدى بطولات القوات المسلحة، ويخوض تجربة السوق وشباك التذاكر، والمفاجأة تحقيق أرقام فلكية ونجاح رائع.
وليس هذا فقط ولكن الأروع أن قامت القيادة السياسية وسيادة الرئيس عبد الفتاح السيسي بتكريم العمل وأبطاله.. إيه الجمال ده.. وأزيدكم من الشعر بيتاً.. بدأت شركات كبيرة مثل الشركة المتحدة وشركة سينرجي انطلاق ماراثون الوعي والأعمال الوطنية.
وعرض تضحيات رجال الظل.. الذين ضحوا بحياتهم من أجل بلادهم سواء كانوا من الجيش أو الشرطة أو أجهزة المخابرات.
لزيادة الوعي عند الناس والأمل والثقة في بلدهم والقائمين على حمايتهم، وليس هذا فقط، لكن لزرع الانتماء في نفوس الشباب والأطفال.
وكان (الاختيار) الجزء الأول، ثم (الاختيار) الجزء الثاني، ثم (هجمة مرتدة) الذي أحب بعضهم إطلاق عليه الاختيار الجزء الثالث، لأنه يشرح المؤامرة الخارجية التي كانت تدبر لمصر من الخارج.
وخلونا نبص على ملحمة الاختيار الجزء الأول قصة الشهيد منسي وصحبته من أهل الجنة.. وتحول الاختيار الجزء الأول والشهيد منسي لترند.. على السوشيال ميديا كلها وترند المقاهي والبيوت.
واللي فهمته أن تريند دي معناها أنه هو مسار حديث الناس في كل مكان.. يعني زمان ليالي الحلمية كان تريند ورأفت الهجان كان تريند وجمعة الشوان تريند.. بس دول ظهروا وغيرهم قبل ما يبقى في كلمة تريند.. مش بقولكوا مصر سباقة في كل حاجة.. نرجع لموضوعنا.. ثم جاء الاختيار ٢.. ليكمل الملحمة.
وبه تحول الاختيار من تريند إلى براند.. يعني إيه.. يعنى تحول الاختيار لنوع من الدراما الواقعية المصرية الأصيلة التي تسهم في زيادة الوعي بشرح الحقيقة بكل شفافية وبكل جوانبها من خلال إطار درامي شيق.. ولا ننسى بالذكر شكر كل القائمين على الاختيار إنتاجاً وإخراجاً وتأليفاً وتمثيلاً.
وعلى الجانب الآخر الشارع والناس الكبار والصغيرين.. أصبح الاختيار بالنسبة لهم وجبة أساسية.. مش بس عشان العمل فنياً جيد، ولكن علشان عايزين يعرفوا الحقيقة.. فأصبح الاختيار براند مصري خالص لشرح تضحيات المصريين للداخل والخارج.. وتوحيد الصف.. وزيادة الترابط بين المصريين بعضهم ببعض.. هي دي فايدة القوة الناعمة وهي دي مصر.
دلوقتي رجعنا نسمع من الأطفال والصبية والبنات.. عايزين نبقى ظباط عشان نحمي أهلنا وأرضنا.. ويقولوا أهل الشر والإرهاب دول فاهمين غلط.. لازم نقف لهم.. وربي وما أعبد الكلام ده سمعته بودني.. أيه العظمة دي يا جدعان.. ده إحنا جامدين أوووي.. ويمين بالله لو اتعمل مليون مؤتمر.. مش هيأثر نفس التأثير لمشهد درامي بيأثر في الناس وفي رسالة.. زي حلقة الشهيد مبروك أو الشهيد المنسي أو شهداء مصر الأبرار.. اللي اتجسدت في الاختيار.
والبراند المصري هنا من رأيي لن يتوقف بل لا بد أن يستمر.. وبطولات المصريين لا تعد ولا تحصى، ويجب إبرازها وطرحها للناس.. أصبح عندنا دراما حقيقية بتاعتنا إحنا، بس ممكن أن نصل بها إلى العالمية.
نستطيع أن نقدم الاختيار ٣ و٤ و٥ و٦ ومليون ونعمل منه أفلام، لأننا بالفعل نحتاج إلى هذا الوعي وهذا الجرس المستمر.. أن مصر بها رجال ضحوا بالغالي والنفيس من أجل بلادهم، وأن مصر بها فنانين ومثقفين وكوادر عباقرة.
تستطيع أن تحارب بهم الجهل والفساد وأهل الشر. بس يا سيدي وانتي يا ستي طولت عليكو.
الخلاصة: مصر ولادة.. وسباقة في كل شيء.. في الحضارة والفنون وحب الوطن.. صدق اللي قال كانت مصر في البداية ثم جاء التاريخ.. وستظل مصر تبهر العالم بصمودها وقوتها وشموخها.
عاش اختيار مصر، وتحيا القوة الناعمة المصرية، وتحيا مصر.