الإجهاد وتساقط الشعر.. التفسير البيولوجي للظاهرة
يُعد تساقط الشعر استجابة جسدية شائعة وواضحة لارتفاع مستويات التوتر المزمن أو الإجهاد العاطفي الشديد. العلاقة بينهما ليست مجرد اعتقاد شائع، بل هي عملية بيولوجية محددة تتوسط فيها الهرمونات والناقلات العصبية التي تهاجم الدورة الطبيعية لنمو الشعر.
مرحلة النمو المضطربة: تزايد الانخفاض
لفهم كيفية تأثير التوتر، يجب أولاً فهم دورة حياة الشعرة، والتي تتكون من ثلاث مراحل رئيسية:
-
مرحلة التنامي (Anagen): وهي مرحلة النمو النشط للشعر (تستمر لعدة سنوات).
-
مرحلة التراجع (Catagen): وهي مرحلة انتقالية قصيرة.
-
مرحلة التساقط (Telogen): وهي مرحلة الراحة التي تنتهي بتساقط الشعر القديم لتبدأ دورة جديدة.
يُعد النوع الأكثر شيوعاً من تساقط الشعر المرتبط بالتوتر هو “التساقط الكربي” (Telogen Effluvium). يحدث هذا عندما يتسبب التوتر الشديد في دفع عدد كبير بشكل غير طبيعي من بصيلات الشعر (قد تصل إلى 70% من البصيلات) للدخول بشكل فوري ومبكر في مرحلة التساقط (Telogen). بعد بضعة أشهر من هذا الحدث المجهد، تبدأ هذه الشعيرات في التساقط بشكل ملحوظ.
دور الهرمونات في عملية التساقط
عندما يتعرض الجسم للإجهاد، يطلق استجابة “الكر أو الفر”، التي تنطوي على إفراز هرمونات رئيسية تعطل دورة الشعر:
-
الكورتيزول (Cortisol): يُعرف هذا الهرمون بـ “هرمون التوتر”. المستويات المرتفعة والمزمنة من الكورتيزول يمكن أن تؤثر مباشرة على بصيلات الشعر، مما يؤدي إلى تقصير مرحلة التنامي ودفع البصيلات إلى مرحلة التساقط بشكل مبكر. كما أن الكورتيزول يمكن أن يقلل من تدفق الدم والمواد الغذائية إلى فروة الرأس.
-
الناقلات العصبية: يُظهر العلماء أن الإجهاد يطلق ناقلات عصبية معينة، مثل المادة P والنورإبينفرين، حول بصيلات الشعر. هذه المواد الكيميائية يمكن أن تسبب التهاباً صغيراً حول البصيلة، مما يساهم في إضعاف تثبيت الشعرة ودفعها نحو التساقط.
الدراسة توضح: الارتباط بالالتهاب
تشير الأبحاث والدراسات الحديثة إلى أن التوتر لا يسبب التساقط بشكل مباشر فحسب، بل يمكن أن يؤدي إلى تفاقم الالتهاب الجهازي (Systemic Inflammation). هذا الالتهاب المزمن يؤثر على دورة نمو الشعر، ويجعل فروة الرأس بيئة غير صحية لنمو الشعر الجديد. كما أن الضغط النفسي يمكن أن يساهم في تطور حالة “داء الثعلبة” (Alopecia Areata)، وهو نوع من تساقط الشعر حيث يهاجم الجهاز المناعي بصيلات الشعر، ويعتقد أن التوتر الشديد قد يكون محفزاً رئيسياً لهذه الهجمات المناعية














