الإبتزاز الإلكتروني يدفع المراهقين للإنتحار

لايت نيوز, هام

استمع الي المقالة
0:00

الإبتزاز الإلكتروني يدفع المراهقين للإنتحار.

عشان ميضحكش عليك | كتب : المستشار علي طائع

خلال الأيام القليلة الماضية، انشغلت مواقع التواصل، بواقعة انتحار الشابة (17 عاماً) من مدينة كفر الزيات بمحافظة الغربية، التي وقعت ضحية الابتزاز الإلكتروني، ففضلت الموت على أن تواجه أسرتها والمجتمع.

وتركت رسالة لوالدتها تطلب منها تفهمها، للتأكيد عليها أن الصور المنشورة لها مفبركة وكتبت في رسالتها: “ماما يا ريت تفهميني أنا مش البنت دي، ودي صور متركبة والله العظيم وقسماً بالله دي ما أنا أنا يا ماما بنت صغيرة مستهلش اللي بيحصلّي ده أنا جالي اكتئاب بجد، أنا يا ماما مش قادرة أنا بتخنق، تعبت بجد أنا متربية أحسن تربية”.

بينما تزداد أعداد ضحايا الابتزاز الإلكتروني بالتزامن مع ارتفاع ملحوظ في نسبة التبليغ عن هذه الجرائم من قبل الفتيات والنساء، وبحسب منظمة الصحة العالمية، يعد الانتحار رابع سبب للوفاة بين اليافعين من الفئة العمرية ما بين 15 و19 عاماً، وتتكرر حالات الانتحار المشابهة لقصة فتاة الغربية كثيراً، على الرغم عن عدم توافر إحصاءات دقيقة عن مثل تلك الجرائم.

رغم وجود نص تشريعي وفقاً المادة الـ 26 من قانون الجرائم الإلكترونية رقم 175 لعام 2018 على استعمال برنامج معلوماتي أو تقنية معلوماتية لربطها بمحتوى منافٍ للآداب العامة أو المساس بالشرف بالحبس مدة لا تقل عن سنتين، ولا تتجاوز خمس سنوات وبغرامة لا تقل عن مائة ألف جنيه، وعن الظروف المشددة في تلك الجريمة، تنص المادة الـ 34 من القانون نفسه على أن “تكون العقوبة السجن المشدد؛ إذا وقعت أي جريمة من الجرائم المنصوص عليها في هذا القانون بغرض الإخلال بالنظام العام أو تعريض سلامة المجتمع وأمنه للخطر”.

ويعاقب قانون العقوبات المصري مرتكبي جرائم التحرش الجنسي. وتنص المادة الـ 306 مكرر (ب) فيه على أنه “يعد تحرشاً جنسياً إذا ارتكبت الجريمة المنصوص عليها في المادة (306 مكرر أ) من هذا القانون بقصد حصول الجاني من المجني عليها على منفعة ذات طبيعة جنسية، ويعاقب الجاني بالسجن مدة لا تقل عن خمس سنوات. فإذا ارتكبت الجريمة من شخصين فأكثر تكون العقوبة السجن مدة لا تقل عن سبع سنوات”.

كذلك يعد التهديد والترويع جريمة في قانون العقوبات المصري، إذ تنص المادة الـ 375 مكرر فيه على أنه “مع عدم الإخلال بأية عقوبة أشد واردة في نص آخر، يعاقب بالحبس مدة لا تقل عن سنة كل من قام بنفسه أو بواسطة الغير باستعراض القوة أو التلويح بالعنف أو التهديد بأيهما أو استخدامه ضد المجني عليه أو مع زوجة أو أحد أصوله أو فروعه، وذلك بقصد ترويعه أو التخويف بإلحاق أي أذى مادي أو معنوي به.

وتكون العقوبة الحبس مدة لا تقل عن سنتين ولا تجاوز خمس سنوات إذا وقع الفعل من شخصين فأكثر، أو إذا وقع الفعل على أنثى، أو على من لم يبلغ ثماني عشرة سنة ميلادية كاملة. ويقضي في جميع الأحوال بوضع المحكوم عليه تحت مراقبة الشرطة مدة مساوية لمدة العقوبة المحكوم بها”.

وحيث أحدثت واقعة فتاة بمحافظة الغربية ونشر صور “مفبركة” لها، وسلطت الواقعة الضوء بشكل كبير على جرائم للابتزاز الإلكتروني، كونها جرائم متكررة في السنوات الأخيرة، وسقط في فخها الكثيرون.

وعلى رغم وجود مواد قانونية تقر عقوبات واضحة على المتهمين بـ “الابتزاز” عبر مواقع التواصل، فإن واقعة انتحار فتاة الغربية دفعت الكثيرين إلى التأكيد على كون تلك العقوبات “غير كافية” لتمثل رادعاً حقيقياً عن ارتكاب تلك الجرائم.

ويمكن إلى ما نصفه بـ “الفراغ التشريعي”، مرتبط بوجود جرائم لا يعاقب عليها القانون المصري، من بينها “الأسباب التي دفعت أي شخص للانتحار”، ذلك أن القانون لا يعاقب كل من تسبب في إلحاق أذى نفسي لأي من الأشخاص قاده إلى الإقدام على خطوة الانتحار، ومن ثم فمن الضرورة أن تكون هناك عقوبات على الأسباب التي تقود للانتحار بشكل عام.

ويستشهد بواقعة انتحار موظف تردد أنه تعرض لضغوط نفسية من مديره في العمل، موضحاً أن ممارس تلك الضغوط لا يتعرض لمساءلة قانونية، لأن القانون لا يجد علاقة سببية بين الانتحار بوصفه قراراً اختيارياً من قبل شخص لإنهاء حياته، وبين الضغوط النفسية التي تعرض لها.

وهنا مكمن “الفراغ التشريعي”، وفي السياق نفسه فالقانون على سبيل المثال لا يحاسب الأسرة التي عرضت أي من أبنائها لضغوطات نفسية قادته للانتحار أو ترتب عليها إلحاقه أذى بنفسه، باعتبار أن “المشرع يعترف بالأذى البدني ويعاقب عليه الجاني، لكنه لا يعترف بالأذى النفسي ولا يعاقب عليه”.

في النهاية، نرى ضرورة تغليظ العقوبات المقررة فيما يخص “الابتزاز عبر مواقع ومنصات التواصل الاجتماعي”.

يبدو العالم بحاجة إلى مزيد من القوانين الرادعة التي تُجرم الابتزاز الإلكتروني، جنباً إلى جنب مع زيادة توعية النشء بمخاطر الأجهزة الذكية قبيل استخدامها، مع عدم إغفال دور الأسرة في مراقبة الأبناء ودعمهم وإشعارهم بالثقة والأمان في حال تعرضوا لمثل هذه الأفعال علشان ميضحيكش عليك.