الأورام.. بین الحقائق والأوهام

الصحة والجمال

استمع الي المقالة
0:00

الأورام.. بین الحقائق والأوهام

الأورام أو السرطان، هو اسم قادر على بث الرعب والقلق في قلوب من يسمعه حتی ولو لم يُصب به. والحق يقال، التشخيص بهذا المرض يصيب المرء بالخوف والقلق. ويجب على المريض ومن حوله والطبيب المعالج، أن يبذلوا قصارى جهدهم لدعم المريض بالأخص نفسيًا لعبور هذه المحنة.

ولكن علی قدر ما يحتوي هذا المرض من مشاكل وتبعيات، ولكنه أيضًا من أكثر الأمراض التي حدث ويحدث فيها تطور كبير بالعلاج؛ على سبيل المثال لا الحصر، العلاج المناعي الذي حوّل مجرى الأمور في علاج الأورام، وحصل صاحب الاختراع على جائزة نوبل في الطب لعام 2018. وعليه استطاع الكثير من المرضى أن يصلوا إلى الشفاء التام، أو التعايش مع المرض.

أحيط هذا المرض بالغموض على مدار المعرفة الإنسانية؛ فالقدماء المصريون أول من وصفوه عام 1600 ق.م.. حيث سماه أبوقراط باسمه الشهير «السرطان» والمشتق من الكلمة الإغريقية Karakinos، وتعني السلطعون أو الكابوريا، وذلك لتشابه المرض بالأخير عند التشريح. ولعل أبرز العوامل التي جعلت الغموض يحيط بالمرض، عدم معرفة سبب حدوثه على وجه الدقة حتى تاريخه.

ونظرًا لهذا القدر من الغموض، فقد انتشر عن هذا المرض قدر لا نهائي من المعلومات، بعض منها صحيح وآخر كثير لا يمت للحقيقة بصلة. في هذا المقال نستعرض أشهر المعلومات الخاطئة عن الأورام، وسنعرف المعلومة الصحيحة.

الخرافة رقم «1»: «تحدث الأورام لأسباب وراثية»

الحقيقة.. تمثل الوراثة نسبة لا تزيد على 1-2٪ من الأورام، أما الباقي فهي الصدفة كما نسميها، أو الإرادة الإلهية كما نفضل تسميتها.

الخرافة رقم «2»: «أخذ عينة أو عمل جراحة استئصال كاملة أو غير كاملة تؤدى إلى تهيج المرض وانتشاره»

لم يثبت أي بحث علمي في أي مجلة دورية طبية عن حدوث أي مما سبق بعد عينة أو جراحة. السبب المحتمل لانتشار الخرافة: هذه المعلومة تكاد ترتقي إلى اليقين في مجتمعنا، وأظن أن هذه الفكرة ظهرت في الماضي عندما كان كل ما نملكه لعلاج الأورام هو الجراحة فقط، وبالتالي كانت فرصة ارتجاع/ انتشار المرض عالية جدًا، وبالتبعية تم اتهام الجراحة كسبب للارتجاع.

الخرافة رقم «3»: «كل الأورام ترتجع بعد العلاج بالجراحة أو الكيماوي أو الاستصال»

لا نستطيع أن ننكر أن هناك فرصة لارتداء الاورام بعد علاجها، وهي فرصة تتناسب طرديًا مع مرحلة المرض عند التشخيص، بمعنى: كلما كانت المرحلة مبكرة زادت فرصة الشفاء. ولكن المشكلة هنا في التعميم- النسبة العامة للشفاء من الأورام هي 50- 60 %.

وهناك أورام مثل أورام الغدد الليمفاوية وأورام الخصية وأورام الثدي وأورام القولون وأورام الرأس تتخطى نسبة شفائها الـ٨٠٪ في مراحلها المبكرة والمتوسطة.

الخرافة رقم «٤»: «السكر الأبيض واللحوم الحمراء تنشط الأورام أو تسبب الانتشار»

هذه هي قطعًا وبلا جدال الخرافة الأشهر والأحب لقلوب كل المرضى، محاولة إقناع المريض بأنه لا يوجد أي علاقة بين الغذاء ونشاط الأورام هي معركة فاشلة للأسف.

أولًا: يجب التفرقة بوضوح بين الأسباب التي تزيد من فرصة الإصابة بالأورام والأسباب التي تنشط الأورام.

ثانيًا: أثبت العلم وجود علاقة بين زيادة استهلاك بعض أنواع الأغذية مثل اللحوم الحمراء والأغذية المعلبة والدهون وفرص الإصابة بالأورام.

ثالثًا والأهم: لم يثبت أي بحث وجود أي عامل، بما فيها الغذاء بكل أنواعه، يساعد في زيادة نشاط الأورام.

رابعًا: لا يوجد شيء اسمه «تجويع خلايا الأورام»، فالأورام مثل الجنين في بطن الأم يأخذ احتياجاته حتى ولو على حساب صحتها.

وفيما يخص الغذاء يُنصح بالآتي:

• الغذاء الصحي والحفاظ على وزن مثالي يقلل من فرص حدوث الأورام.

• الإكثار في بعض الأنواع من الغذاء يزيد فرص حدوث بعض الأورام.

• السكر الأبيض لا ينشط الأورام، ولكن تذكر أنه الطريق السهل لزيادة الوزن الذي بدوره يزيد من فرص الإصابة بالأورام.

• الحفاظ على نظام غذائى صحي أثناء العلاج يساعد المريض في تحمل العلاج بشكل أفضل.

هذه هي الخرافات الأشهر، ولكن بالقطع القائمة تطول.

أتمنى ألا أكون أطلت عليكم وأن تكون المقالة مفيدة لقرائنا الأعزاء، وندعو الله عز وجل أن يمن بالشفاء على مرضانا جميعًا.