الأمراض المناعية أثناء الحمل.. التحديات والإدارة السليمة

مقالات

استمع الي المقالة
0:00

الأمراض المناعية أثناء الحمل.. التحديات والإدارة السليمة.

د. هيثم بدران

يمثل الحمل تحديًا فسيولوجيًا فريدًا للجهاز المناعي، حيث يجب عليه تحقيق توازن دقيق بين حماية الأم من العدوى وعدم رفض الجنين، الذي يحمل مواد وراثية جزئيًا من الأب. في بعض الحالات، يؤدي هذا التوازن إلى اضطرابات مناعية قد تؤثر سلبًا على صحة الأم والجنين. تشمل هذه الحالات أمراض المناعة الذاتية، حيث يهاجم الجهاز المناعي أنسجة الجسم، وأمراض أخرى تتعلق بفرط الاستجابة المناعية.

أمراض المناعة الشائعة أثناء الحمل

1- الذئبة الحمراء الجهازية «SLE»

تُعد الذئبة الحمراء من أكثر أمراض المناعة الذاتية شيوعًا لدى النساء في سن الإنجاب، وقد تتفاقم أعراضها أثناء الحمل. يمكن أن تؤدي إلى مضاعفات مثل الإجهاض، الولادة المبكرة، تسمم الحمل، وتأخر نمو الجنين. لذلك، يجب متابعة الحمل بعناية مع استخدام أدوية آمنة، مثل الهيدروكسي كلوروكين والكورتيكوستيرويدات بجرعات منخفضة.

2- متلازمة الأجسام المضادة للفوسفوليبيد «APS»

تزيد هذه المتلازمة من خطر حدوث جلطات دموية، ما قد يؤدي إلى الإجهاض المتكرر أو تقييد نمو الجنين. تعتمد استراتيجيات العلاج على استخدام مميعات الدم، مثل الأسبرين والهيبارين منخفض الوزن الجزيئي؛ لضمان تدفق دموي صحي للجنين.

3- التهاب المفاصل الروماتويدي «RA»

يؤثر التهاب المفاصل الروماتويدي على الحمل بطرق مختلفة، حيث تعاني بعض النساء من تحسن الأعراض، بينما تتفاقم لدى أخريات بعد الولادة. يُفضل استخدام أدوية آمنة أثناء الحمل، مثل الكورتيكوستيرويدات وبعض الأدوية البيولوجية تحت إشراف الطبيب.

4- التصلب المتعدد «MS»

يبدو أن الحمل له تأثير وقائي على النساء المصابات بالتصلب المتعدد، حيث يقل معدل الانتكاسات خلال الحمل، لكنه قد يزيد بعد الولادة. يفضل تجنب بعض العلاجات المثبطة للمناعة أثناء الحمل، مع مراقبة الحالة عن كثب.

5- مرض الغدة الدرقية المناعي «هاشيموتو وغريفز»

تُعد اضطرابات الغدة الدرقية المناعية من أكثر المشكلات شيوعًا أثناء الحمل، وقد تؤثر على نمو الجنين إذا لم تتم إدارتها بشكل صحيح. تحتاج النساء المصابات بقصور الغدة الدرقية إلى تعويض نقص الهرمونات، بينما تُستخدم أدوية مثل البروبيثيوراسيل لعلاج فرط نشاط الغدة الدرقية في الثلث الأول من الحمل.

التعامل مع الأمراض المناعية أثناء الحمل

1- التخطيط المسبق للحمل

يُنصح النساء المصابات بأمراض مناعية بالتخطيط للحمل تحت إشراف طبي متخصص لضمان استقرار الحالة قبل الحمل. يشمل ذلك تعديل جرعات الأدوية، وإجراء الفحوصات اللازمة لضمان استقرار الحالة.

2- المتابعة الطبية المنتظمة

يحتاج الحمل في ظل وجود مرض مناعي إلى متابعة دقيقة من قبل فريق طبي متعدد التخصصات يشمل أطباء النساء والتوليد، وأطباء المناعة، وأطباء الباطنة. تساعد المتابعة الدورية في الكشف المبكر عن أي مضاعفات واتخاذ التدابير اللازمة.

3- تعديل العلاج الدوائي

يجب مراجعة الأدوية المستخدمة قبل وأثناء الحمل، حيث قد تؤثر بعض العلاجات على الجنين. يتم اختيار العلاجات الآمنة بجرعات مناسبة للحفاظ على استقرار الحالة دون الإضرار بالحمل.

4- الوقاية من الجلطات الدموية

بالنسبة للنساء المصابات بمتلازمة الأجسام المضادة للفوسفوليبيد أو غيرها من الحالات التي تزيد من خطر التجلط، يُوصى باستخدام مضادات التخثر تحت إشراف طبي.

5- التعامل مع التهابات الجهاز المناعي

نظرًا لأن الجهاز المناعي يضعف جزئيًا أثناء الحمل، فإن الوقاية من العدوى تُعد أمرًا ضروريًا، بما في ذلك التطعيمات الموصى بها واتخاذ الاحتياطات الصحية، مثل غسل اليدين وتجنب الأماكن المزدحمة.

الخاتمة

يمثل الحمل تحديًا إضافيًا للنساء المصابات بأمراض مناعية، لكنه يمكن أن يكون آمنًا مع التخطيط الجيد والمتابعة الطبية الدقيقة. يعد التعاون بين التخصصات المختلفة والتوعية بحالة المريضة ضروريًا لضمان حمل صحي وولادة آمنة.

نسأل الله السلامة للجميع