الأداء الإدراكي للأطفال في خطر..”السوشيال ميديا” وتدهور التركيز

الصحة والجمال

استمع الي المقالة
0:00

الأداء الإدراكي للأطفال في خطر: دراسة تكشف العلاقة بين “السوشيال ميديا” وتدهور التركيز

 

مقدمة: في خضم الثورة الرقمية، أصبحت وسائل التواصل الاجتماعي جزءاً لا يتجزأ من حياة الأطفال والمراهقين، حتى قبل بلوغهم سن المراهقة. لكن دراسة حديثة، أثارت قلقاً واسعاً، حذرت من أن التعرض لهذه المنصات، حتى في مستويات استخدامه المحدودة، يرتبط بانخفاض ملحوظ في الأداء الإدراكي والتحصيل المعرفي لدى هذه الفئة العمرية الحساسة.

تفاصيل الدراسة والنتائج الرئيسية: أجريت الدراسة على مجموعة كبيرة من الأطفال والمراهقين المبكرين (غالباً بين 9 و 13 عاماً)، وهدفت إلى قياس مدى ارتباط استخدام وسائل التواصل الاجتماعي بوظائف الدماغ المسؤولة عن التفكير والتعلم ومعالجة المعلومات.

الآليات الإدراكية المتأثرة:

  1. ضعف الذاكرة والقراءة: أظهرت النتائج أن الأطفال الذين يستخدمون وسائل التواصل الاجتماعي، ولو لفترة قصيرة لا تتجاوز الساعة يومياً، سجلوا درجات أقل في اختبارات الذاكرة والقراءة. يُعزى هذا التراجع إلى أن الوقت المخصص للأنشطة المعززة معرفياً، مثل القراءة والمذاكرة، يتم اختزاله لصالح التفاعل مع الشاشات.
  2. تشتت الانتباه ونقص التركيز: يتسم محتوى وسائل التواصل الاجتماعي بالتدفق السريع والتغير المستمر والمحفزات البصرية الفورية. هذا النمط من التفاعل يعود الدماغ النامي على التحول السريع بين المهام (Multi-tasking) بدلاً من التركيز العميق والمطوّل. نتيجة لذلك، يصبح الأطفال أقل قدرة على الانخراط في المهام التي تتطلب صبراً ومجهوداً ذهنياً مستمراً، مما يؤثر سلباً على أدائهم الدراسي.
  3. إعادة تشكيل نمو الدماغ: تشير بعض الأبحاث المماثلة إلى أن الاستخدام المتكرر والمبكر لهذه المنصات قد يعيد تشكيل الطريقة التي تتطور بها أدمغة المراهقين. فالدماغ يصبح أكثر حساسية تجاه “المكافآت الاجتماعية” الفورية (مثل الإعجابات والتعليقات)، مما يزيد من احتمالية الإدمان ويجعل المهام الواقعية البطيئة أقل جاذبية.

تأثيرات تتجاوز الاستخدام المفرط: أحد أهم استنتاجات الدراسة هو أن “الاستخدام المحدود” أو المعتدل لم يمنع بالضرورة التراجع في القدرات الإدراكية. هذا يشير إلى أن طبيعة المحتوى المتدفق والمقاطعات المتكررة التي تفرضها المنصات نفسها قد تكون عاملاً سلبياً بحد ذاتها على الدماغ النامي، حتى لو لم يقضِ الطفل عليها ساعات طويلة.

خاتمة: تدق هذه الدراسة ناقوس الخطر بخصوص الأثر الخفي لوسائل التواصل الاجتماعي على النمو المعرفي للأطفال. إن حماية الأداء الإدراكي تتطلب تدخلاً من أولياء الأمور والجهات التنظيمية لوضع قيود عمرية أكثر صرامة ومراقبة دقيقة لأنماط استخدام الأجهزة الرقمية، لضمان تخصيص الوقت الكافي للأنشطة التي تبني الذاكرة والتركيز.