ارتفاع ضغط وسكر الحمل يُعيقان رحلة الرضاعة الطبيعية..تحديات ما بعد الولادة

الصحة والجمال

استمع الي المقالة
0:00

تحديات ما بعد الولادة: ارتفاع ضغط وسكر الحمل يُعيقان رحلة الرضاعة الطبيعية.. دراسة تكشف العلاقة!

 

تُعتبر الرضاعة الطبيعية ركيزة أساسية لِصحة الطفل ونموه، وتُقدم فوائد جمة لا تُقدر بثمن لِكُل من الأم والمولود. ومع ذلك، تُواجه العديد من الأمهات صعوبات وتحديات في إتمام هذه الرحلة، بعضها قد يكون مُرتبطًا بِظروف صحية مُعينة خلال فترة الحمل. وفي سياق الجهود المُكثفة لِفهم العوامل التي تُؤثر على الرضاعة الطبيعية، تُسلط دراسة حديثة الضوء على علاقة مُقلقة ومُهمة: ارتفاع ضغط الدم وسكر الحمل قد يزيدان من صعوبات الرضاعة الطبيعية بعد الولادة. هذه النتائج تُثير تساؤلات حول كيفية دعم الأمهات اللاتي يُواجهن هذه الظروف الصحية، وتُؤكد على أهمية المتابعة الدقيقة خلال فترة الحمل لِضمان أفضل النتائج لِكُل من الأم والطفل.

دعنا نتعمق في تفاصيل هذه الدراسة، ونُفهم الآليات المُقترحة التي تربط بين ارتفاع ضغط وسكر الحمل وصعوبات الرضاعة، ونُسلط الضوء على أهمية هذه النتائج في سياق رعاية الأم والطفل، مُقدمين لك نصائح عملية لدعم الأمهات في هذه الظروف.


 

1. الرضاعة الطبيعية: الفوائد والتحديات

 

تُقدم الرضاعة الطبيعية العديد من الفوائد المُثبتة علميًا:

  • لِلمولود: تُعزز الجهاز المناعي، تُقلل من خطر الإصابة بالعديد من الأمراض (مثل التهابات الأذن، الإسهال، الربو، السكري من النوع 1)، وتُحسن النمو المعرفي.
  • لِلأم: تُساعد على انكماش الرحم بعد الولادة، تُقلل من خطر نزيف ما بعد الولادة، تُساعد على فقدان الوزن الزائد، وتُقلل من خطر الإصابة بسرطان الثدي والمبايض وهشاشة العظام والسكري من النوع 2.

ومع ذلك، تُقابل العديد من الأمهات صعوبات في بدء الرضاعة الطبيعية أو الاستمرار فيها، وتُشير التقديرات إلى أن أقل من نصف الأطفال في العالم يُرضعون رضاعة طبيعية حصرية خلال الأشهر الستة الأولى، غالبًا بسبب هذه التحديات.


 

2. أمراض الحمل الشائعة: سكر الحمل وارتفاع ضغط الدم

 

  • سكر الحمل (Gestational Diabetes): حالة ترتفع فيها مستويات السكر في الدم أثناء الحمل لدى النساء اللاتي لم يُعانين من السكري من قبل. يُمكن السيطرة عليها غالبًا بالنظام الغذائي والرياضة، وفي بعض الحالات قد تتطلب الأنسولين.
  • ارتفاع ضغط الدم أثناء الحمل (Gestational Hypertension / Preeclampsia): ارتفاع ضغط الدم الذي يتطور بعد الأسبوع العشرين من الحمل. تُعد مقدمات الارتعاج (Preeclampsia) حالة أكثر خطورة تتضمن ارتفاع ضغط الدم بالإضافة إلى وجود البروتين في البول، ويُمكن أن تُؤثر على أعضاء الأم الحيوية.

 

3. الدراسة: الربط بين مضاعفات الحمل وصعوبات الرضاعة الطبيعية

 

تُشير الأبحاث الحديثة إلى أن النساء اللاتي يُصبن بِسكر الحمل أو ارتفاع ضغط الدم أثناء الحمل قد يُواجهن تحديات أكبر في بدء الرضاعة الطبيعية أو الحفاظ عليها.

  • آليات الارتباط المُقترحة:
    • تأثير هرموني مُباشر:
      • الإنسولين ومقاومة الإنسولين: في حالات سكر الحمل، يُمكن أن تُؤثر مستويات الأنسولين غير المُتحكم بها أو مقاومة الإنسولين على إنتاج الحليب. يُعتقد أن الأنسولين يلعب دورًا في تحفيز وتطوير خلايا الثدي لِإنتاج الحليب (Lactogenesis II). قد تُعيق مقاومة الإنسولين هذه العملية.
      • تأثيرات ضغط الدم على الهرمونات: يُمكن أن تُؤثر حالات ارتفاع ضغط الدم ومقدمات الارتعاج على توازن الهرمونات المُتحكمة بإنتاج الحليب مثل البرولاكتين (Prolactin)، وهو الهرمون الرئيسي المسؤول عن إنتاج الحليب. الإجهاد الفسيولوجي الناتج عن هذه الحالات قد يُقلل من استجابة الجسم لِهذا الهرمون.
    • تأخر “نزول الحليب” (Delayed Lactogenesis II): غالبًا ما تُلاحظ الأمهات اللاتي يُعانين من سكر الحمل أو ارتفاع ضغط الدم تأخرًا في بدء إنتاج الحليب الوفير (نزول الحليب) بعد الولادة. هذا التأخير قد يُصيب الأم بالإحباط ويُؤدي إلى اللجوء لِلرضاعة الصناعية مُبكرًا.
    • الولادة المُبكرة أو القيصرية: ارتفاع ضغط الدم وسكر الحمل قد يزيدان من احتمالية الولادة المُبكرة أو الولادة القيصرية.
      • الولادة القيصرية: غالبًا ما تُؤخر ملامسة الجلد لِجلد الطفل وتُؤجل البدء الأول للرضاعة الطبيعية، مما يُؤثر على إشارات تحفيز إنتاج الحليب.
      • الولادة المُبكرة: الأطفال الخدج قد يُواجهون صعوبة في الرضاعة الفعالة بسبب عدم اكتمال نموهم أو حاجتهم لِلدعم الطبي في وحدة العناية المركزة لِحديثي الولادة (NICU)، مما يُقلل من فرص الرضاعة الطبيعية المُبكرة.
    • حالة الأم الصحية والدوائية:
      • الأدوية: قد تتناول الأم أدوية لِعلاج ارتفاع ضغط الدم أو السكري، وبعض هذه الأدوية قد يُؤثر على إنتاج الحليب أو يُسبب آثارًا جانبية.
      • الإجهاد والتعب: حالات الحمل المُعقدة تُسبب إجهادًا جسديًا ونفسيًا أكبر للأم، مما يُمكن أن يُقلل من طاقتها وقدرتها على الرضاعة الطبيعية بنجاح.
    • تأثيرات على الطفل: يُمكن أن يُؤثر سكر الحمل على صحة الطفل، مما قد يُسبب له انخفاضًا في سكر الدم بعد الولادة أو مشاكل تنفسية، مما يستدعي تدخلًا طبيًا يُبعد الطفل عن الأم ويُعيق البدء الفوري للرضاعة.

 

4. الأهمية السريرية لهذه الدراسة: كيف نُقدم دعمًا أفضل؟

 

تُبرز هذه الدراسة الحاجة المُلحة لِتركيز أكبر على دعم الرضاعة الطبيعية للأمهات اللاتي يُعانين من سكر الحمل أو ارتفاع ضغط الدم.

  • التوعية المُبكرة: يجب توعية النساء الحوامل اللاتي يُعانين من هذه الظروف بِاحتمالية مُواجهة صعوبات في الرضاعة الطبيعية، لِتمكينهن من الاستعداد وطلب الدعم.
  • التدخل المُبكر والمُكثف:
    • مُستشارو الرضاعة الطبيعية: توفير دعم مُكثف من مُستشاري الرضاعة الطبيعية قبل الولادة وبعدها مُباشرة لِتقديم الإرشاد العملي والتشجيع.
    • الملامسة الجلد لِجلد (Skin-to-Skin): تشجيع الملامسة المُبكرة والمُستمرة بين الأم والمولود فور الولادة، حتى في حالات الولادة القيصرية، لِتحفيز إفراز الأوكسيتوسين والبرولاكتين وبدء الرضاعة.
    • التعبير اليدوي أو بالشفاط: تعليم الأمهات كيفية التعبير اليدوي عن الحليب أو استخدام الشفاط (Pumping) لِتحفيز إمداد الحليب في حال تأخر نزول الحليب أو صعوبة إرضاع الطفل.
    • خطط الرعاية المُخصصة: تطوير خطط رعاية مُخصصة لهؤلاء الأمهات تُراعي حالتهن الصحية وتُقدم دعمًا مُستمرًا لِضمان نجاح الرضاعة الطبيعية.
  • الإدارة الفعالة لِسكر وضغط الدم: السيطرة الجيدة على مستويات السكر وضغط الدم خلال الحمل يُمكن أن يُقلل من خطر المُضاعفات التي تُؤثر على الرضاعة الطبيعية.
  • التغذية السليمة: الاستمرار في نظام غذائي صحي ومُتوازن بعد الولادة لدعم إنتاج الحليب.

 

الخلاصة: كل دعم يًحدث فرقاً

 

إن الربط بين ارتفاع ضغط وسكر الحمل وصعوبات الرضاعة الطبيعية يُقدم فهمًا أعمق للتحديات التي تُواجهها بعض الأمهات، ويُؤكد على أن صحة الحمل تُؤثر بشكل مُباشر على فترة ما بعد الولادة، خاصًة على القدرة على الرضاعة الطبيعية. هذه المعرفة لا تُلقي اللوم على الأمهات، بل تُقدم أسبابًا بيولوجية لِبعض الصعوبات، وتُبرز الحاجة المُلحة لِتوفير دعم مُكثف، مُتخصص، ومُبكر لِجميع الأمهات، وخاصًة اللاتي يُعانين من هذه الظروف الصحية. فِفي نهاية المطاف، كل خطوة دعم، وكل معلومة، تُحدث فرقًا كبيرًا في رحلة الأمومة، وتُساهم في ضمان أفضل بداية صحية لِكُل طفل.