إمبراطور الفوازير .. فهمي عبد الحميد

إيفينت, هام

استمع الي المقالة
0:00

إمبراطور الفوازير .. فهمي عبد الحميد

كيف بدأ رحلته مع فوازير رمضان وتخوفه من «فطوطة»؟
نيللي: أهم خطوات حياتي كانت معه وأحب فوازير «عروستي» و«الخاطبة».

لبلبة: مخرج ليس له مثيل ولن أنسى له هذا الموقف
وائل فهمي عبد الحميد: أحببت الإخراج بسببه وأنتظر عودة شيريهان.

كتب : أيمن سليم

نعم، إنه لوجو (فهمي عبد الحميد) الخالد في ذهن الجميع، الذي يذكرنا بذكريات عظيمة لن تتكرر، فبمجرد رؤيته تنتابك حالة من الحنين إلى الماضي، لمشاهدة الفوازير التي نتذكرها حتى الآن كل عام في شهر رمضان الكريم من (حول العالم، وعروستي، وفطوطة، وألف ليلة وليلة) تشكيلة خالصة ومميزة أمتعنا بها المخرج الكبير الراحل فهمي عبد الحميد الملقب بـ(إمبراطور الفوازير) و(الفوازيرجي).

ولد فهمي عبد الحميد في 1 فبراير 1939 بحي العباسية بالقاهرة، وبعد 4 سنوات توفي والده ليستكمل حياته يتيمًا مع والدته، حيث انتقلا إلى منزل العائلة بالقناطر الخيرية، والتحق بكلية الفنون الجميلة بالقاهرة، وتخرج فيها عام 1963 بقسم الحفر، ثم عمل بالتلفزيون المصري عام 1964 بقسم الرسوم المتحركة، وتتلمذ على يد أساتذة الرسوم المتحركه الأخوان حسام مهيب وعلي مهيب.

ثم بدأت حياته العملية بتصميم تترات عدد من المسلسلات التليفزيونية والأفلام السينمائية، ومن أشهرها فيلم (الخط الأبيض) الذي حاز على الجائزة الذهبية لمهرجان التلفزيون العربي لسنة 1965 الذي أخرجه أساتذة الرسوم المتحركة الأخوان حسام مهيب وعلي مهيب، ومسلسل (وليد ورندا في الفضاء) ومسلسل (جحا) بطولة الراحل عبد المنعم مدبولي.

عام 1974 جاءت بدايته الحقيقية مع فوازير رمضان التلفزيونية، واختار الفنانة (نيللي) لتقديمها، وكانت فكرتها تعتمد على استضافة فناني الرسوم المتحركة في كل حلقة، وكانت بعنوان (صورة وفزورة)، ثم قدم (صورة وفزورتين)، ثم (صورة وثلاث فوازير)، و(أنا وأنت فزورة). تقول النجمة الكبيرة نيللي في تصريح خاص لمجلة لايف.

“أتذكر جيدًا فترة عملي مع المخرج الموهوب الرائع فهمي عبد الحميد منذ أن قدمنا أول عمل سويًا، حيث إنني كنت مرتبكة وخائفة أن لا يعجب الجمهور بالفوازير، لكنه كان مبهرًا ومغامرًا أيضًا، واستطاع أن يفعل شيئاً عظيماً وخالداً حتى الآن”.

مؤكدة أنه له الفضل الأول في انتشار فكرة الفوازير في مصر. وأكدت أنه كان يبدع في عمله بأقل الإمكانات الممكنة، ويظهرها بصورة مبهرة وغنية “فيما أكدت أن أفضل الأعمال التي تحبها حتى الآن هي فوازير (عروستي) و(الخاطبة) التي كانت بمثابة إعادة اكتشاف لها مجددًا، وإضافة كبيرة وحقيقية في مشوارها الفني.

والتقي فهمي عبد الحميد بعد فوازير نيللي، التي استمرت 7 سنوات متتالية بالمؤلف عبد الرحمن شوقي والفنان سمير غانم، وابتكر شخصية (فطوطة)، وجسدها سمير غانم بداية من عام 1982 إلى 1984.

وحققت نجاحاً فاق التوقعات، خصوصاً مع الأطفال. يقول فهمي عبد الحميد نفسه في لقاء تلفزيوني سابق له “الفوازير بتاخد وقت طويل في إعدادها بتتكتب وبعدين نقرأها وبعدين نعيد كتابتها، وبعدين نستوعب وبعدين ربما نعيد تاني وده ممكن ياخد مننا مدة شهرين بأقل تقدير. أذكر أنني مع الفنان سمير غانم قعدنا نعمل في خدعة 9 ساعات.

وتاني يوم قررت حذفها على الرغم من إعجاب كل العاملين في العمل بيها، لكن حسيت إنها ممكن تزعج الطفل، لأن في حاجات كتير بتتم تحت الكاميرا وقدامها من الخدع زي تغيير فساتين ومكياج وديكور وإضاءة كل ده بيتم في لحظة واحدة، وبياخد مننا شغل ساعات طويلة.

ومع ذلك هدفنا الأول والأخير هو إسعاد الجميع بدون إزعاج، وبدون أن نفقد قيمة العمل الفني الذي نقدمه، ورغم ذلك كل سنة بيزداد خوفي أكتر لدرجة الرعب، والسبب النجاح، كل ما بننجح أكتر بنخاف أكتر. الناس بتبقى بتبصلك أكتر وبتطلب منك الأفضل”.

ثم جاءت بداية النجمة شيريهان على يديه، حيث قدمت معه فوازير (ألف ليلة وليلة) للتلفزيون على مدى ثلاث سنوات، وفي عام 1988 اختار الفنانون يحيي الفخراني وصابرين وهالة فؤاد، لتقديم الفوازير، وجاء التعاون لأول مرة مع الكاتب الساخر يوسف عوف.

وتم تقديم الفوازير لأول مرة بشكل كوميدي، وبداخلها فزورة يكتبها عبد السلام أمين. وفي عام 1989 انضمت الفنانة ليلى علوي إلى حلقات (ألف ليلة وليلة)، وكانت منفصلة عن الفزورة التي قدمها الفنانان مدحت صالح وشيرين رضا.

ويقول (فهمي عبد الحميد) في لقاء تليفزيوني آخر عن هذا العمل: “قدمت ألف ليلة وليلة تدريجياً من ضمن الفوازير، لجس نبض المشاهد هل يتقبلها كجزء من الفزورة، وإذا تقبلها أنا ممكن أفكر أعمل فيها إيه..

وإذا لم يتقبلها أبعد عنها نهائياً، ولمّا لقيت الجمهور تقبلها قررت أستكمل خطتي وأفصلها لوحدها بدون فوازير، كان تفكيري إن الفوازير وألف ليلة وليلة يسندوا بعض كبرنامجين منفصلين وده اللي ربنا وفقني فيه، وكان اختيار الأبطال في ألف ليلة وليلة عملية مجهدة قوي.

لأن في نجوم وفنانين عظماء بس ما يبقوش لايقين مع عمل زي ده، لأنه بيحتاج نوع من الأداء اسمه الأداء المسجوع مش كل الفنانين يقدروا يقولوه”.

أخرج فهمي عبد الحميد العديد من أغنيات الأطفال، التي حققت نجاحاً وانتشاراً، وكان يخرج الرسوم المتحركة بأعماله التي حصلت على جوائز من مهرجانات دولية، منها (إبريق الشاي)، وكذلك المطربات عفاف راضي وليلى نظمي ولبلبة وإيمان الطوخي، وقدّم أغنيات وطنية مثل (على ضفافك يا نيل) غناء وردة الجزائرية و(يوم الهنا) غناء نجاة الصغيرة.

تقول النجمة الكبير (لبلبة) عن فهمي عبد الحميد في تصريح خاص لمجلة لايف: “لن ينساه التاريخ التلفزيوني، ولن ينساه أحد من الفنانين الذين عملوا معه، فهو كان يتميز بالإنسانية الشديدة، وحب العمل، وكان مبدعًا حقيقيًا.

وأتذكر جيدًا أننا في أحد الأعمال اختلفنا على طريقة أداء معين، وظل يقنعني به إلى أن فعلت له ما يريد، وأبلغته أنني غير راضية عن ذلك، لكن عندما فوجئت بنجاح العمل اعتذرت له، وقولتله أنا من إيدك دي لإيدك دي، لأنه كان يملك رؤية مستقبلية وسابق سنه، وأثبت أنه ليس له منافس”.

في التلفزيون أخرج الراحل برنامج (كشكول) إعداد الكاتب الراحل صلاح جاهين، وتقديم سلمى الشماع مع شخصيات كرتونية اسمها (سكر)، وأداها الفنان إبراهيم نصر، ثم أخرج مسلسل (مبروك جالك ولد) تأليف لينين الرملي وبطولة نيللي ومحمود عبد العزيز.

حصل فهمي عبد الحميد على العديد من الجوائز والتكريمات، منها تكريم الرئيس حسني مبارك بمنحه نوط الامتياز من الدرجة الأولى، وحصل على العديد من الجوائز التقديرية، وعلى المستوى الشخصي تزوج فهمي عبد الحميد، وله من الأبناء ثلاثة، هم المخرج وائل فهمي عبد الحميد، والمهندس محمد فهمي عبد الحميد، والإعلامية لمياء فهمي عبد الحميد.

وصرح نجله المخرج وائل فهمي عبد الحميد إلى مجلة لايف، “أفضل عمل في نظري قدمه والدي هو فوازير حول العالم للفنانة شيريهان، لأنها كانت تحتوي على استعراضات من جميع أنحاء العالم 30 دولة باستعراضاتهم وملابسهم وإكسسواراتهم، فكانت شيئاً مبهراً للغاية، وأيضًا ألف (ليلة وليلة)، لأنها كانت تحتوي على كم كبير من الخدع التي يصعب تنفيذها حتى الآن.

رغم كل الإمكانات والتقنيات التي توصلت إليها التكنولوجيا، لأن الصعوبة بها تكمن في التقطيع بين ثلاث شخصيات وهمية، يقوم بهم نفس الممثل دون أن يشعر الجمهور أنهم نفس الشخص، فلكل شخصية طريقة كلام وملابس وإكسسوار، وهذا هو ما يميز مخرجاً عن آخر”.

وعن حبه للإخراج استكمل “أحببت الإخراج بسببه حيث إنني بدأت أن أعمل معه كمساعد مخرج منذ أن كنت في الثانوية العامة، وحتى بعدما التحقت بمعهد السينما كنت أذهب له كي أحضر التصوير بعد انتهاء المحاضرات، لكنني لم أفكر في خوض تجربة إخراج الفوازير.

خوفًا من أن يضعني الجمهور في مقارنة معه، لأنها ستكون مقارنة ظالمة بالطبع، لن يستطيع أحد أن ينافسه في هذا المجال إطلاقًا، فقررت أن أتجه إلى إخراج الأعمال الدرامية، كي أثبت نفسي كمخرج بعيدًا عن والدي”.

وبسؤاله عن عودة الفنانة الكبيرة (شيريهان) مجددًا أكد أنه ينتظر عودتها بشدة، ويتمنى أن تظهر بأحسن صورة، لأنها وحشت جمهورها وعشاقها من جميع أنحاء العالم. وتمنى وائل فهمي عبد الحميد أن يترحم عليه الجمهور بقدر ما أسعدنا طوال تلك السنوات، حيث إن الجمهور ما زال يتذكره ويتذكر أعماله بعد مرور 31 سنة على وفاته.

رحل المخرج الكبير فهمي عبد الحميد عن عالمنا عام 1990، وكان الراحل من رواد الرسوم المتحركة وفن التحريك منذ عام 1964، وحتى وفاته وهو جدير بالاحتفاء به كأحد رواد الإخراج في التلفزيون المصري منذ نشأته عام 1960. وما زلنا نستمتع بمشواره الفني الطويل المليء بالبهجة والجمال والإبهار، ونتذكره كل عام في شهر رمضان الكريم، ونتمنى له الرحمة والغفران.