أفضل الأعمال في شهر صفر .. تغفر ذنوبك
شهر صفر من الأشهر الهجرية ، وهو الذي يلي شهر المحرم، وترتيبه الشهر الثاني في التقويم الهجري، وشهر صفر ليس شهرًا منحوسًا كما يعتقد البعض، وليس من عقيدة المؤمن الذي يعلم أنَّ الحوادث بيد الله وأنَّ الأيام والشهور لا تدبير لها بل هي مدبرة مسخرة، ليس عن عقيدته أن يستاء من هذا الشهر، أو يتضجر، أو يمتنع من مزاولة أموره الشخصية، في شؤون حياته، بل هو كبقية الأشهر والأيام.
أفضل الأعمال في شهر صفر
1- الصيام خصَّ الله عز وجل عبادة الصيام من بين العبادات بفضائل وخصائص عديدة، منها: أولًا: أن الصوم لله عز وجل وهو يجزي به، كما ثبت في البخاري (1894)، ومسلم ( 1151 ) من حديث أبي هريرة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «كُلُّ عَمَلِ ابْنِ آدَمَ يُضَاعَفُ الْحَسَنَةُ عَشْرُ أَمْثَالِهَا إِلَى سَبْعمِائَة ضِعْفٍ قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ إِلا الصَّوْمَ فَإِنَّهُ لِي وَأَنَا أَجْزِي بِهِ يَدَعُ شَهْوَتَهُ وَطَعَامَهُ مِنْ أَجْلِي».
2- الصلاة ويجب المحافظة عليها في جماعة والتبكير إليها والإكثار من النوافل ، فإن ذلك من أفضل القربات، ففي الحديث «عليك بكثرة السجود؛ فإنك لن تسجد لله سجدة إلا رفعك الله بها درجة وحط عنك خطيئة » رواه مسلم.
وورد عن أَبي هُريرة -رضي الله عنه- أَنَّ رَسُولِ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- قَالَ: «الصَّلواتُ الخَمْس، والجُمُعةُ إِلى الجُمُعَةِ، كفَّارةٌ لِمَا بَيْنهُنَّ، مَا لَمْ تُغش الكبَائِرُ» رواه مسلم، وعن عثمانَ بنِ عفان -رضي الله عنه- قالَ: سمِعْتُ رسولَ اللَّه -صلى الله عليه وسلم- يقولُ: «ما مِن امرئ مُسْلِمٍ تحضُرُهُ صلاةٌ مَكتُوبةٌ فَيُحْسِنُ وُضُوءَهَا، وَخُشوعَهَا، وَرُكُوعَها، إِلاَّ كَانَتْ كَفَّارةً لِمَا قَبْلَهَا مِنْ الذنُوبِ مَا لَمْ تُؤْتَ كَبِيرةٌ، وَذلكَ الدَّهْرَ كلَّهُ» رواه مسلم.
فضل المحافظة على الصلاة
1. نورٌ للمسلم يوم القيامة، إضافةً إلى أنّها نورٌ له في حياته الدنيا.
2. محو الخطايا وتطهير النفس من الذنوب والآثام، وتكفير السيئات؛ فبالصلاة يغفر الله تعالى ذنوب عبده بينها وبين الصلاة التي تليها، وكذلك تُكفّر ما قبلها من الذنوب.
3. أفضل الأعمال بعد شهادة ألّا إله إلّا الله، وأنّ محمدًا رسول الله.
4. يرفع الله تعالى بالصلاة درجات عبده.
5. تُدخل الصلاة المسلم الجنّة، برفقة الرسول صلّى الله عليه وسلّم. عدّ رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- انتظار الصلاة رباطًا في سبيل الله تعالى.
6. عدّ رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- أجر من خرج إلى الصلاة بأجر الحاجّ المُحرم.
7. أول ما يُحاسب عليه العبد يوم القيامة.
8. يُعدّ المسلم في صلاةٍ حتى يرجع إذا تطهّر، وخرج إليها.
9. يُعدّ المُصلّي في صلاةٍ ما دامت الصلاة تحبسه.
10. تبقى الملائكة تُصلّي عليه حتى يفرغ من مُصلّاه.
3- من أفضل الأعمال شهر صفر حفظ الجوارح عن المحرمات مطلقًا في هذا اليوم: ففي الحديث عن ابن عباس – رضي الله عنهما – أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال للفضل ابن عباس يوم عرفة «يا ابن أخي هذا يوم من ملك فيه سمعه وبصره ولسانه غفر له» رواه أحمد بسند صحيح، وزاد البيهقي من «حفظ لسانه وسمعه وبصره يوم عرفة غفر له من عرفة إلى عرفة».
4-من أفضل الأعمال شهر صفر الإكثار من شهادة التوحيد بصدق وإخلاص: ففي الحديث «كان أكثر دعاء النبي -صلى الله عليه وسلم- يوم عرفة «لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد، بيده الخير وهو على كل شيء قدير» مسند الإمام أحمد.
ويعد الدعاء سببا لرفع البلاء قال صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «مَنْ فُتِحَ لَهُ مِنْكُمْ بَابُ الدُّعَاءِ فُتِحَتْ لَهُ أَبْوَابُ الرَّحْمَةِ وَمَا سُئِلَ اللَّهُ شَيْئًا يَعْنِي أَحَبَّ إِلَيْهِ مِنْ أَنْ يُسْأَلَ الْعَافِيَةَ وَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهم عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِنَّ الدُّعَاءَ يَنْفَعُ مِمَّا نَزَلَ وَمِمَّا لَمْ يَنْزِلْ فَعَلَيْكُمْ عِبَادَ اللَّهِ بِالدُّعَاءِ». (رواه الترمذي)، وأيضاً يكون الداعي في معيةُ الله قال رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «يقول الله عز وجل: «أَنَا عِنْدَ ظَنِّ عَبْدِي بِي وَأَنَا مَعَهُ إِذَا دَعَانِي» (رواه مسلم).
5- من أفضل الأعمال شهر صفر كثرة الدعاء بالمغفرة والعتق من النار: وكان من دعاء علي بن أبى طالب: «اللهم اعتق رقبتي من النار وأوسع لي من الرزق الحلال واصرف عني فسقة الإنس والجان».
6- الإكثار من الأعمال الصالحة في شهر صفر منها: قيام الليل، والاستغفار، ووقت السحر، والتبكير في الذهاب إلى صلاة الجماعة، والجلوس بعد أداء صلاة الفجر لذكر الله -تعالى- حتى تطلع الشمس، والرباط في انتظار الصلاة بعد الصلاة، والإكثار من ذكر الله -تعالى- بالحمد والتهليل والتكبير والتسبيح.
7- استجماع شروط إجابة الدعاء وآدابه، من إخلاص النية لله تعالى، والثناء عليه بأسمائه الحسنى وصفاته العليا، واليقين بإجابته للدعاء، واستقبال القبلة، والحرص على الطهارة، والانكسار بين يدي الله.
8- المداومة على الأذكار، خاصة الباقيات الصالحات: «سبحان الله، والحمد لله، ولا إله إلّا الله، والله أكبر».
9- من أفضل الأعمال شهر صفر صلة الرحم وبر الوالدين، وهناك فضائل لصلة الرحم منها: تحقيق الصلة مع الله- تعالى- في الدنيا والآخرة؛ فالرّحم معلّقة بالعرش، بدليل ما روى عن أبي هريرة -رضي الله عنه- عن النبيّ – صلى الله عليه وسلم- قال: «إن الله خلق الخلق، حتى إذا فَرَغ من خلقه قالت الرحم: هذا مقام العائذ بك من القطيعة؛ قال: نعم، أما ترضين أن أصل من وصلك وأقطع من قطعك؟ قالت: بلى يا رب؛ قال: فهو لك؛ قال رسول الله – صلى الله عليه وسلم-: اقرأوا إن شئتم: “فهل عسيتم إن توليتم أن تفسدوا في الأرض وتقطعوا أرحامكم»، رواه البخارى.
– تحقيق محبة الله تعالى ومحبة الناس.
– بسط في الرزق وزيادة البركة في العمر وتعمير البيت.
– إكرام الفرد بالميتة الحسنة وإبعاد الميتة السيّئة عنه.
– دخول الجنة مع أول الداخلين.
حكم التشاؤم من شهر صفر
التشاؤم من شهر صفر حرام شرعًا وهو من اعتقاد الجاهلية، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «لَا عَدْوَى، وَلَا طِيَرَةَ، وَلَا هَامَةَ، وَلَا صَفَرَ» رواه البخاري، فالعرب كانوا يتشاءمون في صفر فنهاهم النبي صلى الله عليه وسلم عن ذلك.
التشاؤم من شهر صفرالتشاؤم
الذي يعتقده بعض من ينتسب إلى الدين الإسلامي ليس صحيحًا، ولا يستند إلى دليل شرعي من كتاب الله – تبارك وتعالى -، ولا من سنة المصطفى – صلى الله عليه وآله وسلم -، ولم يثبت أنه – صلى الله عليه وآله وسلم -، أو أحد من أصحابه – رضي الله عنهم – تشاءم بهذا الشهر ولا بغيره، بل الناظر إلى ما جاء من الشارع الحكيم يجد أن الدين الإسلامي حارب هذه البدعة، حيث كانت هذه البدعة موجودة قبل ظهور الإسلام -أي في عصور الجاهلية-، وكانت قد استشرت فيما بينهم؛ لأنهم كانوا يرجعون في هذا الشهر إلى أعمال السلب والنهب بعدما كانوا يمتنعون عن ذلك خلال الأشهر الحُرُم الثلاثة التي قبله، وهذا ما ورد في سبب تسمية هذا الشهر بصفر.
وحين جاء الإسلام نهى النبي – صلى الله عليه وآله وسلم – عن التشاؤم بهذا الشهر، أو التطير به فقد ثبت عن أَبِي هُرَيْرَةَ – رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ – عَنْ النَّبِيِّ – صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ – قَالَ: «لَا عَدْوَى، وَلَا طِيَرَةَ، وَلَا هَامَةَ، وَلَا صَفَرَ» وأراد – صلى الله عليه وسلم – بهذا الحديث نفي ما كان يعتقده أهل الجاهلية من الاعتقادات الباطلة التي تؤثر في القلب، وتضعف الظن الحسن بالله – عز وجل -، فقوله: “ولا صفر: وهو تأخير المحرم إلى صفر في النسئ، أو دابة بالبطن تعدى عند العرب، ويحتمل أن يكون نفيًا لما يتوهم أن شهر صفر تكثر فيه الدواهي والفتن”.
فأبطل بذلك النبي – صلى الله عليه وآله وسلم – قضية التشاؤم في شهر صفر، وأنه ليس من الدين في شيء، وأن شهر صفر شهر من الأشهر التي عدَّها الله – عز وجل -، وأيامه من أيام الله – تبارك وتعالى -.
لماذا سمي شهر صفر بهذا الاسم ؟
شهر صفر من الأشهر الهجرية ، وهو الذي يلي شهر محرم، وترتيبه الشهر الثاني في التقويم الهجري، وشهر صفر ليس شهرًا منحوسًا كما يعتقد البعض، وليس من عقيدة المؤمن الذي يعلم أنَّ الحوادث بيد الله وأنَّ الأيام والشهور لا تدبير لها بل هي مدبرة مسخرة، ليس عن عقيدته أن يستاء من هذا الشهر، أو يتضجر، أو يمتنع من مزاولة أموره الشخصية، في شؤون حياته، بل هو كبقية الأشهر والأيام.
سمي شهر صفر بهذا الاسم، لأن ديار العرب كانت تَصْفُر أي تخلو من أهلها، لخروجهم فيه ليقاتلوا ويبحثوا عن الطعام ويسافروا هربًا من حر الصيف، ويقال أيضًا شهر صفر سمي بذلك لأن الريح كانت تعصف بشدة فكان لحركتها صفير.
أحداث وقعت في شهر صفر
أولًا: غزة الأبواء: خرج رسول الله – صلى الله عليه وسلم – في صفر غازيًا على رأس اثني عشر شهرًا من مقدمه المدينة لاثنتي عشرة ليلة مضت من شهر صفر، حتى بلغ ودان، وكان يريد قريشًا، وبني ضمرة، وهى غزوة الأبواء، ثم رجع إلى المدينة، وكان استعمل عليها سعد بن عبادة، وهذه أول غزوة غزاها النبي – صلى الله عليه وآله وسلم -.
ثانيًا: فتح خيبر: «قال ابن إسحاق: وكان رسول الله – صلى الله عليه وسلم – فيما بلغني قد أعطى ابن لقيم العبسي حين افتتح خيبر ما بها من دجاجة أو داجن، وكان فتح خيبر في صفر».
ثالثا: سرية قطبة بن عامر بن حديدة: «سرية قطبة بن عامر بن حديدة إلى خثعم بناحية بيشة قريبًا من تربة في صفر سنة تسع، قال ابن سعد: قالوا: بعث رسول الله – صلى الله عليه وسلم – قطبه في عشرين رجلًا إلى حي من خثعم بناحية تبالة، وأمره أن يشن الغارة، فخرجوا على عشرة أبعرة يعتقبونها، فأخذوا رجلًا فسألوه فاستعجم عليهم، فجعل يصيح بالحاضرة، ويحذرهم؛ فضربوا عنقه، ثم أقاموا حتى نام الحاضر فشنوا عليهم الغارة فاقتتلوا قتالًا شديدًا حتى كثر الجرحى في الفريقين جميعًا، وقتل قطبة بن عامر من قتل، وساقوا النعم، والشاء، والنساء إلى المدينة، وجاء سيل أتى فحال بينهم وبينه فما يجدون إليه سبيلًا، وكانت سهمانهم أربعة أبعرة، والبعير يعدل بعشر من الغنم بعد أن أفرد الخمس”.
رابعًا: غزوة ذي أمر: «عن ابن إسحاق قال: ولما رجع رسول الله – صلى الله عليه وسلم – من غزوة السويق أقام بالمدينة بقية ذي الحجة والمحرم أو عامته، ثم غزا نجدًا يريد غطفان وهي غزوة ذي أمر، فأقام بنجد صفر كله، أو قريبًا من ذلك، ثم رجع إلى المدينة فلم يلق كيدًا»..
خامسًا: وفد بنى عذرة: «قدم على رسول الله – صلى الله عليه وسلم – وفد بنى عذرة في صفر سنة تسع اثنا عشر رجلًا فيهم جمرة بن النعمان، فقال رسول الله – صلى الله عليه وسلم -: من القوم؟ فقال متكلمهم: من لا تنكر، نحن بنو عذرة، إخوة قصي لأمه، نحن الذين عضدوا قصيًا، وأزاحوا من بطن مكة خزاعة، وبني بكر، ولنا قرابات وأرحام، قال رسول الله – صلى الله عليه وسلم -: «مرحبًا بكم وأهلًا، ما أعرفني بكم»، فأسلموا، وبشرهم رسول الله – صلى الله عليه وسلم – بفتح الشام، وهرب هرقل إلى ممتنع بلاده، ونهاهم عن سؤال الكاهنة، وعن الذبائح التي كانوا يذبحونها، وأخبرهم أن ليس عليهم إلا الأضحية، فأقاموا أيامًا بدار رملة، ثم انصرفوا وقد أجيزوا”.
سادسًا: إسلام عمرو بن العاص، وخالد بن الوليد، وعثمان بن طلحة – رضي الله عنهم -: «عن ابن إسحاق قال: كان إسلام عمرو بن العاص، وخالد بن الوليد، وعثمان بن طلحة؛ عند النجاشي فقدموا إلى المدينة في صفر سنة ثمان من الهجرة”.
سابعًا: هجرته – عليه الصلاة والسلام -: “قال يزيد بن أبي حبيب خرج رسول الله – صلى الله عليه وسلم – من مكة في صفر، وقدم المدينة في ربيع الأول”.
ثامنًا: زواجه – صلى الله عليه وآله وسلم – من خديجة بنت خويلد – رضي الله عنها -: “قال ابن إسحاق: في شهر صفر كان زواج السيدة خديجة بنت خويلد – رضي الله عنها – من النبي محمد – صلى الله عليه وسلم – عقب خمسة وعشرين يومًا من صفر سنة ست وعشرين”.
تاسعًا: زواج علي بن أبي طالب – رضي الله عنه – بالسيدة فاطمة – رضي الله عنها -: قال ابن كثير: “وأما فاطمة – رضي الله عنها – فتزوجها ابن عمها علي بن أبى طالب – رضي الله عنه – في صفر سنة اثنتين، فولدت له الحسن والحسين، ويقال: ومحسن، وولدت له أم كلثوم وزينب”.
عاشرًا: غزو الروم: في شهر صفر لأربع ليال بقين من صفر سنة إحدى عشرة أمر رسول الله – صلى الله عليه وسلم – بالتهيؤ لغزو الروم، وأمرهم بالجد، ثم دعا من الغد يوم الثلاثاء لثلاث بقين من صفر أسامة بن زيد، و”بعثه النبي – صلى الله عليه وسلم – لأربع بقين من صفر، وأمره من غزو الروم والإغارة عليهم بما أمر، وعقد له لواء بيده المباركة، وجهزه في المهاجرين والأنصار أرباب الصوارم الفاتكة”، وقد حث النبي – صلى الله عليه وآله وسلم – ببعث هذا الجيش.
فهذه بعض الأحداث المشرقة التي حدثت للأمة ووقعت في شهر صفر، وكلها تدل على أن النبي – صلى الله عليه وآله وسلم – كان لا يتشاءم من هذا الشهر، بل كان يتعامل فيه كما يتعامل في بقية الأشهر، فقد تزوج في هذا الشهر، وزوج ابنته بعلي – رضي الله عنهما – في هذا الشهر، وغزا في هذا الشهر، وهذا كله يدل دلالة واضحة على إبطال دعاوى من يدعي أن هذا الشهر شهر شؤم ونحس، ولهذا نقول لمن تشاءم من هذا الشهر: أين أنتم من هذا الهدي النبوي؟ وماذا تقولون أو تردون؟ وما موقفكم من هذه النصوص؟.
أحداث مأساوية في شهر صفر
كما حدث في شهر صفر أحداث مشرقة للأمة، فكذلك حدثت أحداث مأساوية للأمة في شهر صفر، وهذا لا يعني أن هذا الشهر شهر شؤم تقع فيه المصائب؛ لأنه لا دخل للزمن فيما قدره الله، ولا يجلب الزمن أو يرد قضاء الله وقدره، ومن تلك الأحداث:
أولًا: غزوة الرجيع: و”كان أصحاب الرجيع ستة نفر منهم: عاصم بن ثابت بن أبي الأقلح، وخبيب بن عدي، وزيد بن الدثنة، وعبد الله بن طارق حليف لبني ظفر، وخالد بن البكير الليثي، ومرثد بن أبي مرثد، وكان من شأنهم أن نفرًا من عضل والقارة قدموا على رسول الله – صلى الله عليه وسلم – فقالوا: إن فينا مسلمين فابعث معنا نفرًا من أصحابك يفقهوننا، فبعث رسول الله – صلى الله عليه وسلم معهم -، حتى نزلوا بالرجيع؛ استصرخوا عليهم هذيلًا، فلم يرع القوم إلا والقوم مصلتون عليهم بالسيوف، وهم في رحالهم، فلما رأوهم أخذوا سيوفهم فقالت هذيل: إنا لا نريد قتالكم، فأعطوهم عهدًا وميثاقًا لا يريبونهم، فاستسلم لهم خبيب بن عدي، وزيد بن الدثنة، وعبد الله بن طارق، ولم يستسلم عاصم بن ثابت، ولا خالد بن البكير، ولا مرثد بن أبي مرثد، ولكن قاتلوهم حتى قتلوا، وخرجت هذيل بالثلاثة الذين استسلموا لهم حتى إذا كانوا بمرِّ الظهران نزع عبد الله بن طارق يده من قرانه ثم أخذ سيفًا؛ فرموه بالحجارة حتى قتلوه، وقدموا بخبيب بن عدي، وزيد بن الدثنة مكة، فأما خبيب فابتاعه آل حجير بن أبي إهاب فقتلوه بالحارث بن عامر، وابتاع صفوان بن أمية زيد بن الدثنة فقتله بأبيه”.
ثانيًا: مرض النبي – صلى الله عليه وآله وسلم -: مرض النبي – صلى الله عليه وآله وسلم – لاثنين وعشرين ليلة من صفر، وبدأ وجعه عند وليدة له يقال لها ريحانة كانت من سبي اليهود، وكان أول يوم مرض يوم السبت، وكانت وفاته يوم الاثنين لليلتين خلتا من شهر ربيع الأول لتمام عشر سنين من مقدمه المدينة”.
ثالثًا: معركة صفين والتحكيم: في شهر صفر سنة سبع وثلاثين التقى علي – رضي الله عنه – وصحبه بمعاوية – رضي الله عنه – ومؤازريه في صفين، ودام القتال بينهم أيامًا.
فهذه بعض الأحداث الأليمة التي وقعت في الأمة الإسلامية خلال شهر صفر، والمتأمل في هذه الأحداث يجد أن لا دخل لشهر صفر وعلى مدار التاريخ في صنع الأحداث، ومن خلال هذا يُفهم أن هذا الشهر لا يختص بخير ولا بشر، فهو زمن من الأزمنة، وشهر من الشهور، يقع فيه ما يقدره الله – عز وجل – من خير أو شر وفق مقاديره – تبارك وتعالى -، وهو داخل تحت قوله – عز وجل -: «إِنَّ عِدَّةَ الشُّهُورِ عِندَ اللّهِ اثْنَا عَشَرَ شَهْرًا فِي كِتَابِ اللّهِ يَوْمَ خَلَقَ السَّمَاوَات وَالأَرْضَ مِنْهَا أَرْبَعَةٌ حُرُمٌ ذَلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ».