وداعًا أسطورة الكوميديا.. سمير غانم
تقرير : أيمن سليم
نجح في السينما والمسرح والتليفزيون وتربع على عرش الفوازير
يشارك بقائمة أفضل 100 فيلم في تاريخ السينما المصرية بفيلمين.
رحل الفنان العملاق سمير غانم عن عُمر يناهز الـ 84 عاماً متأثرًا بإصابته بكورونا، واستقبل أهله وأقاربه وجمهوره خبر رحيله بصدمة وحُزن شديدين.
فمن كان يعرفه شخصيًا أو يحبه فنيًا أو ربما يتذكر له مشهدًا واحدًا سيحزن على فقدان نجم الضحك الأول وخفيف الظل «سمّورة» كما يناديه أحباؤه.
يمتلك سمير غانم رصيدًا ضخمًا ومتنوعًا من الأعمال الفنية، سواء الدرامية أو السينمائية أو المسرحية أو الإذاعية، إذ قدّم خلال مشواره الفني ما يقرب من 160 فيلمًا، و50 مسرحية، و80 عملاً للدراما التلفزيونية والإذاعية، بخلاف فوازير رمضان التي قدّمها أكثر من مرة وبأكثر من شكل كبطل أول في الثمانينيات والتسعينيات، ومع مجموعة من نجوم الكوميديا زمن الستينيات والسبعينيات.
ولد الفنان سمير غانم بمحافظة أسيوط في الـ 15 من يناير 1937، وبعد الثانوية العامة التحق بكلية الشرطة، مثل والده الذي كان ضابط شرطة، لكنه رسب عامين، فقرر أن ينقل دراسته إلى كلية الزراعة بالإسكندرية وتخرج فيها، وبعد التخرج التقى بكلٍ من جورج سيدهم والضيف أحمد.
وكوّنوا معاً فرقة (ثلاثي أضواء المسرح)، وكانت فرقة كوميدية قدموا معاً عددًا من الأفلام والمسرحيات إلى أن توفي الضيف أحمد عام 1970، وبذلك تفرقوا، وبعدها اتجه سمير غانم مع جورج سيدهم إلى التمثيل معًا في عدة مسرحيات، من بينها (المتزوجون)، وكان آخر عمل مسرحي يجمعهما مسرحية (أهلًا يا دكتور).
كان مسلسل (حكاية ميزو) الكوميدي فارقاً في حياة سمير غانم، من إنتاج عام 1977، وشاركه بطولته كل من فردوس عبد الحميد وإسعاد يونس وحسين الشربيني ونعيمة وصفي وسامي فهمي، ومن تأليف لينين الرملي وإخراج محمد أباظة، إذ حقق نجاحًا مبهرًا، وزاد من شعبية سمير كونه أول بطولة مطلقة له في عالم الدراما.
وتدور قصة العمل حول معتز أبو العز الشهير باسم (ميزو) شاب مستهتر ورث عن أبيه ثروة أنفقها في اللهو ومطاردة الفتيات، مما أدى إلى إفلاسه ليتعرف عن طريق الصدفة على (نفيسة) الفتاة الغنية الساذجة، فيحاول أن يستميلها نحوه ويخدعها باسم الحب.
في حوار قديم له مع الفنانة صفاء أبو السعود على قناة art انتقدته واحدة من جمهوره بشأن تصريح سابق له قال فيه إنه اضطر إلى تقديم 50 فيلم مقاولات لإنقاذ حياة شقيقه، قالت الفتاة: «لماذا لم يكتف بخمسة أو عشرة أفلام؟»، لافتة إلى أن الرقم مبالغ.
وإذا كان صحيحًا فهذا يعني أنه خياره، ولماذا لم ينتج لنفسه، مؤكدة أنه صاحب موهبة كبيرة وخسارة أن لا تكون له أفلام مهمة في المكتبة السينمائية، وردّ سمير غانم على هذه الرسالة قائلًا «سارة كلامها صحيح، بس يكفينا شر المرض، خمس أفلام ما يكفوش الفشل الكلوي، مش أقل من 100 فيلم، جايز أنا قلتها كده من زمان.
كما أنا لست معترفاً بأن هناك ما يسمى بأفلام المقاولات، الفيلم السينما بيعمله المنتج عشان يكسب في الآخر، ولا أتذكر أنني قلت كلمة خمسين فيلم، يعني إيه مقاولات؟ يعني بانتج الفيلم عشان أكسب فيه يبقى بقيت مقاول، وثبت كلامي في الوقت اللي عايشين فيه.
من خلال فيلمين (صعيدي في الجامعة) و(إسماعيلية رايح جاي)، أفلام بسيطة جداً بس كسّرت الدنيا، فيه أفلام مهمة جداً، وما نجحتش مع إنها عظيمة مثلاً في نفس وقت عرض فيلم (إسماعيلية رايح جاي) كان فيه فيلم (المصير)، وباعتراف يوسف شاهين نفسه (إسماعيلية) جاب إيرادات أكتر من (المصير) أربع أو خمس مرات».
في ثمانينيات القرن العشرين بدأ اسم سمير غانم يلمع في سماء الفوازير، حيث قدم وقتها سلسلة فوازير كوميدية في شهر رمضان، وكانت تحمل اسم (فطوطة) وأخرجها المخرج فهمي عبد الحميد، وقدم بها سمير شخصيتي (سمّورة) و(فطوطة)، وحققت نجاحاً ساحقاً وقتها.
واستمر في تقديم الفوازير بأسماء مختلفة مثل (أهل المغنى) و(المتزوجون في التاريخ) و(فطوطة والأفلام)، وتنوّعت أعماله الفنية منذ فترة السبعينيات بين السينما والمسرح والتلفزيون، وقدم أفلاماً ناجحة منها (الصديقان، ولسنا ملائكة، وواحد في المليون، والسراب، والمجانين الثلاثة، ونحن الرجال طيبون).
كما شارك في أفلام كوميدية أخرى مثل (سنوات الانتقام)، إضافة إلى مسرحية (فخ السعادة الزوجية)، كما شارك في فيلم (البنات عايزة إيه)، وفيلم (أذكياء لكن أغبياء)، والعديد من الأفلام الناجحة في تاريخ السينما المصرية، وفي عام 1996 صدرت قائمة أفضل 100 فيلم في تاريخ السينما المصرية حسب استفتاء النقاد، وكان من بينها فيلمان شارك بهما سمير غانم وهما (خلي بالك من زوزو، والمذنبون).
من أهم أعماله على المسرح في فترة التسعينيات مسرحية (المستخبي) عام 1991 التي شاركه بطولتها الكوميديان الراحل طلعت زكريا، ومسرحية (صفقة بمليون دولار) عام 1992، وشاركته البطولة الفنانة سوسن بدر، ثم قدّم في العام التالي 1993 مسرحية (أنا والنظام وهواك)، وحققت نجاحاً كبيراً.
أمّا أهم مسرحياته في الألفية الجديدة مسرحية (دوري مي فاصوليا) عام 2001، ومسرحية (خلوصي حارس خصوصي) عام 2005، ثم قدّم في العام الذي تلاه مسرحية (ترا لم لم)، ومسرحية (مراتي زعيمة عصابة) عام 2008، وشاركه بطولتها كل من نهال عنبر وريكو، وكانت آخر مسرحية له على خشبة المسرح (سيبوني أغني)، وشاركه بطولتها طلعت زكريا وشعبان عبد الرحيم.
أمّا أعماله التليفزيونية فقد شارك بالعديد من المسلسلات في الألفينيات منها (راسين في الحلال، وسمير وعيلته الكتير، وأبو ضحكة جنان، وجوز ماما، ويوميات زوجة مفروسة، وشربات لوز، وعوالم خفية)، إلى جانب مشاركته مع ابنته دنيا في عدة أعمال، منها (الكبير أوي، ولهفة، ونيللي وشريهان، وفي اللالا لاند، وبدل الحدوتة تلاتة)، ومع ابنته الثانية إيمي قدم مسلسل (سوبر ميرو) و(عزمي وأشجان).
وأيضًا إعلان لصالح إحدى شبكات الاتصالات عُرض في رمضان الماضي، ليكون بذلك آخر له ظهور له على الشاشة قبل مرضه بأيام قليلة.
خلال مشواره الفني استطاع سمير غانم أن يكتشف العديد من الوجوه الشابة الذين أصبحوا نجومًا فيما بعد، وعلى رأسهم ابنتاه دنيا وإيمي، فالجميع أكد موهبتهما، وأصبحتا نجمتي صف أول في الوقت الحالي.
كذلك كان سمير غانم السبب في تعارف الثلاثي أحمد فهمي وشيكو وهشام ماجد، وشاركهم أولى بطولاتهم السينمائية في فيلم (سمير وشهير وبهير) عن طريق ظهوره ضيف شرف، من دون أن يتقاضى أي أجر على ذلك، إلى جانب اكتشافه الكوميديانة نورا والراحلة نادية العراقية وغيرهم من النجوم.
يرحل الإنسان وتبقى سيرته، ومن الواضح أن كل الحزن الذي احتل قلوب الجميع عند رحيله دليل على سيرته الطيبة وعطائه الفريد. وبالطبع سيكون خالداً في وجداننا بأعماله الباقية معنا، التي أخذت الكثير من روحنا وطفولتنا. رحم الله أسطورة الكوميديا العملاق سمير غانم.