من سم قاتل إلى مصل شافٍ.. رحلة استخلاص وتطوير مضادات السموم

الصحة والجمال

استمع الي المقالة
0:00

من سم قاتل إلى مصل شافٍ.. رحلة استخلاص وتطوير مضادات السموم

 

مقدمة: يُعرف سم الثعبان (الvenom) بكونه واحداً من أشد المواد فتكاً في الطبيعة، فهو خليط معقد من البروتينات والإنزيمات والسموم العصبية أو الدموية التي تستهدف شل الفريسة وقتلها. ومع ذلك، فإن هذا السم القاتل هو أيضاً المادة الخام لإنقاذ آلاف الأرواح سنوياً، حيث يتحول في مختبرات علم السموم إلى ترياق (مصل مضاد للسم) يعالج أخطر حالات لدغات الأفاعي، ويفتح آفاقاً لعلاج أمراض مزمنة.

التحويل الأول: صناعة الترياق (المصل المضاد للسم): تعتبر صناعة الترياق هي الاستخدام الأهم والأكثر حيوية لسم الثعبان. وتمر العملية بعدة مراحل دقيقة:

  1. استخلاص السم (“الحلب”): يقوم خبراء الزواحف المدربون باستخلاص السم من الغدد السُمية للثعبان بحذر شديد، حيث يُشجع الثعبان على إفراغ سمه في وعاء زجاجي معقم. ويتم حفظ هذا السم بالتجميد أو التبريد للحفاظ على فاعليته.
  2. التحصين (المنع): يُحقن حيوان مضيف (غالباً الخيول أو الأغنام) بجرعات صغيرة جداً وغير مميتة من السم المستخلص. تبدأ الجرعات من مستويات منخفضة وتُزاد تدريجياً على مدى أسابيع أو أشهر. يقوم الجهاز المناعي للحيوان بإنتاج أجسام مضادة قوية لمواجهة هذه السموم.
  3. تجميع وتنقية الأجسام المضادة: يتم سحب عينات من دم الحيوان المحصن. ثم تُفصل الأجسام المضادة المتخصصة (الغلوبولين المناعي) التي تكونت ضد السم. هذه الأجسام المضادة هي المكون الفعال في الترياق.
  4. التركيز والتعقيم: تخضع الأجسام المضادة لعمليات تنقية وتركيز عالية، ثم تُعقم وتُعبأ كمنتج نهائي جاهز للحقن البطيء في وريد المصاب بلدغة الثعبان. يعمل الترياق على “تحييد” جزيئات السم المنتشرة في جسم الإنسان، مما يوقف تأثيرها القاتل.

الخلاصة: يُعد الترياق الناتج عن سم الثعبان مثالاً مذهلاً على مبدأ “الداء بالدواء”، حيث يُستخدم السم نفسه لإنقاذ ضحاياه. ورغم قدم هذه التقنية، إلا أنها لا تزال تمثل العلاج الوحيد والفعال للدغات الثعابين، وتتطور الأبحاث حالياً لإنتاج مضادات سموم صناعية أو واسعة المجال لزيادة فاعليتها وتقليل آثارها الجانبية.