ارتفاع حمض اليوريك: مخاطر صحية تتجاوز النقرس
يُعد حمض اليوريك مادة طبيعية تنتج عن تكسير البيورينات، وهي مركبات موجودة في بعض الأطعمة وفي خلايا الجسم. عادةً ما يُخرج الجسم حمض اليوريك الزائد عن طريق الكلى في البول. ولكن عندما يُنتج الجسم كمية كبيرة منه، أو عندما لا تتمكن الكلى من التخلص منه بكفاءة، فإنه يتراكم في الدم، وهي حالة تُعرف باسم فرط حمض يوريك الدم (Hyperuricemia). ورغم أن النقرس هو أشهر وأبرز أضرار ارتفاع حمض اليوريك، إلا أن مخاطره الصحية تتجاوز ذلك بكثير، وقد تؤثر على العديد من أجهزة الجسم الحيوية.
1. النقرس: الألم المبرح للمفاصل
الضرر الأكثر شيوعًا وشدة لارتفاع حمض اليوريك هو الإصابة بمرض النقرس (Gout). عندما تتراكم مستويات حمض اليوريك بشكل كبير، يمكن أن تُشكل بلورات حادة تُسمى “بلورات يورات أحادية الصوديوم” في المفاصل. هذه البلورات تُسبب التهابًا مؤلمًا جدًا، غالبًا ما يُصيب إصبع القدم الكبير أولًا، ولكنه يُمكن أن يُصيب مفاصل أخرى مثل الركبتين، الكاحلين، والمرفقين. نوبات النقرس تتميز بألم حاد، تورم، احمرار، وحرارة في المفصل المصاب، وقد تكون مؤلمة لدرجة تُعيق الحركة.
2. حصوات الكلى: خطر صامت على الجهاز البولي
عندما تتراكم بلورات حمض اليوريك في الكلى بدلاً من المفاصل، فإنها تُشكل حصوات الكلى. هذه الحصوات يمكن أن تُسبب ألمًا شديدًا عند مرورها عبر المسالك البولية، وقد تُعيق تدفق البول، مما يؤدي إلى عدوى المسالك البولية، أو تلف الكلى على المدى الطويل. قد لا تظهر الأعراض إلا عندما تُصبح الحصوة كبيرة بما يكفي لإحداث انسداد أو ألم.
3. أمراض الكلى المزمنة: تدهور الوظائف الكلوية
لا يقتصر تأثير ارتفاع حمض اليوريك على تشكيل الحصوات فحسب، بل يُمكن أن يُساهم أيضًا في تدهور وظائف الكلى على المدى الطويل. تُشير الأبحاث إلى أن فرط حمض يوريك الدم المزمن قد يُلحق ضررًا بالأوعية الدموية الدقيقة في الكلى، ويُسبب التهابًا وتليفًا، مما يُؤدي إلى قصور كلوي مزمن إذا لم يُعالج. هذا يُقلل من قدرة الكلى على التخلص من السموم من الجسم.
4. أمراض القلب والأوعية الدموية: عامل خطر مستقل
تُظهر العديد من الدراسات وجود ارتباط بين ارتفاع حمض اليوريك وزيادة خطر الإصابة بأمراض القلب والأوعية الدموية، بما في ذلك ارتفاع ضغط الدم، أمراض الشرايين التاجية، والسكتة الدماغية. يُعتقد أن حمض اليوريك المُرتفع يُساهم في الالتهاب المزمن، الإجهاد التأكسدي، وتلف البطانة الداخلية للأوعية الدموية (البطانة الغشائية)، مما يُزيد من خطر الإصابة بتصلب الشرايين.
5. متلازمة الأيض ومقاومة الأنسولين: دائرة مفرغة
يُلاحظ غالبًا أن ارتفاع حمض اليوريك يتزامن مع مكونات متلازمة الأيض، مثل السمنة المركزية، ارتفاع ضغط الدم، ارتفاع سكر الدم، واضطراب مستويات الدهون. تُشير بعض الأبحاث إلى أن ارتفاع حمض اليوريك قد يُساهم في مقاومة الأنسولين، مما يُزيد من خطر الإصابة بمرض السكري من النوع الثاني. العلاقة بين هذه الحالات معقدة، لكنها تُؤكد على أهمية إدارة مستويات حمض اليوريك كجزء من استراتيجية صحية شاملة.
متى يجب استشارة الطبيب؟
إذا كنت تُعاني من نوبات متكررة من النقرس، أو تُلاحظ أعراضًا مثل ألم شديد في الخاصرة (قد يُشير إلى حصوات الكلى)، أو لديك عوامل خطر للإصابة بارتفاع حمض اليوريك (مثل التاريخ العائلي، أو نظام غذائي غني بالبيورينات)، فمن الضروري استشارة الطبيب. يُمكن التشخيص من خلال فحص دم بسيط، والعلاج يشمل غالبًا تعديلات في نمط الحياة، ونظامًا غذائيًا معينًا، وفي بعض الحالات، أدوية لخفض مستويات حمض اليوريك والتحكم في المضاعفات.














