ما بين العراقة والحداثة.. قصر البارون تحفة معمارية لها أساطير مخيفة

عقارات

0:00

 

ما بين العراقة والحداثة.. قصر البارون تحفة معمارية لها أساطير مخيفة.

كتب : هاني همام

ارتبط قصر البارون إمبان في أذهان الكثيرين بالقصص الغريبة والغامضة، فقد انتشرت عنه قبل عشرات السنوات، روايات كثيرة تتحدث عن وجود أشباح تسكن القصر، حتى إن البعض أطلق عليه اسم قصر الأشباح، حيث زعم سكان المباني المجاورة أنهم اعتادوا سماع أصوات لعملية نقل أثاث القصر بين حجراته في منتصف الليل، بالرغم من أنه مهجور، كما اعتادوا سماع صراخ وأصوات شجار في الليالي الممطرة.

القصص عن وجود أشباح في القصر بدأت في حياة البارون نفسه عندما قُتلت شقيقته بعد سقوطها من شرفة غرفتها الداخلية في القصر، حيث سقطت بشكل لم يتم تفسيره ولم توجه فيه اتهامات لأحد، ولاحقًا ظل الكثيرون يؤمنون بأن روح شقيقة البارون ما زالت تسكن القصر وتتحرك فيه ليلًا.

كما أن إصابة البارون بمرض الصرع وسقوطه المتكرر أمام خدم القصر في نوبات ألم كانت تنتهي بفقد للوعي، جعلتهم يعتقدون أن روحًا شريرة تلبسه وتتلاعب فيه.

ومما زاد من هذه القصص، أن البارون حرص على إضافة غرفة سرية داخل القصر أطلق عليها اسم «الغرفة الوردية»، هذه الغرفة كان ممنوعًا على كل من في القصر دخولها باستثناء البارون، حيث اكتشفوا بعد وفاته أنها تقود إلى سرداب سري طويل يمتد تحت الأرض بين القصر وبين كنيسة البازيليكك، التي تبعد عنه عدة أمتار ودُفن فيها البارون بعد موته.

والبعض آمن أن البارون حفر هذا السرداب حتى يساعد روحه في العودة إلى قصره بعد وفاته ودفنه.

أما في عام 1982، انتشر في وسائل الإعلام خبر مفاده أن دخانًا كثيفًا انبعث من إحدى غرف القصر الذي لم يكن يسكنه أحد في ذلك الوقت، وأن الدخان ظل يتصاعد قبل أن يتحول إلى نيران، وفجأة اختفى كل شيء دون تدخل من أحد.

وبالرغم من أن الأثريين يؤمنون بأن أيًا من هذه الأشياء غير حقيقية، إلا أن الأساطير التي انتشرت حول القصر أسهمت في اتساع شهرته عالميًا وجعلته واحدًا من أبرز الآثار الاستثنائية في مدينة القاهرة.

في نهاية القرن الـ19 وصل إلى مصر مليونير بلجيكي يُدعى البارون إدوارد إمبان، كانت له أنشطة كثيرة في المجالين الاقتصادي والهندسي، وكان معروفًا على مستوى أوروبا بمشاريعها الضخمة.

وبمجرد وصوله، أُغرم البارون بمصر وآثارها، فقرر أن يقيم فيها ضاحية جديدة كاملة في صحراء القاهرة أطلق عليها اسم «هليوبوليس»، وتُعرف حاليًا بحي مصر الجديدة.

وفي قلب هذه الضاحية، قرر البارون أن يبني قصره الخاص، الذي أصبح لاحقًا من أشهر القصور في مصر وأكثرها إثارة للجدل، إنه قصر البارون إمبان.

اختار البارون تصميمًا معماريًا فريدًا لقصره الجديد، وطرازًا غير معتاد في مصر التي شهدت تقريبًا كل ألوان وأشكال العمارة، فقد كان تصميم القصر على الطراز الهندسي الأوروبي، واختاره البارون بعدما شاهده في معرض هندسي في باريس، وصممه المعماري الفرنسي ألكسندر مارسيل.

بدأت عملية إنشاء القصر في عام 1906، واستمر العمل عليه قرابة الـ6 سنوات، حيث افتتح ويسكنه البارون في عام 1911 بحضور حاكم مصر في ذلك الوقت السلطان حسين كامل.

وتجاوزت مساحة القصر الـ12 ألف متر مربع، واستلهم تصميمه الخارجي من المعابد الهندوسية القديمة، وتصميمه الداخلي من فنون عصر النهضة الأوروبية؛ بطريقة تجعل الشمس لا تغيب عن حجراته وردهاته أبدًا.

وقامت الدولة المصرية بتطوير قصر البارون وأصبح معرضًا يروي تاريخ حي هليوبوليس، حيث يشمل مجموعة متنوعة من الصور والوثائق الأرشيفية والرسامات الإيضاحية والخرائط والمخاطبات الخاصة بتاريخ حي مصر الجديدة «هليوبوليس والمطرية» عبر العصور المختلفة، بالإضافة إلى أهم معالمها التراثية، ومجموعة متنوعة من الصور والخرائط والوثائق والأفلام تحكي تاريخ مصر الجديدة، ومظاهر ونمط الحياة في تلك الفترة الزمنية المميزة.