الكيمياء العاطفية: كيف يُنظم لمس جلد الأم إفراز الكورتيزول ويُنشط نمو الدماغ في الأطفال الخُدج؟
يُعتبر الأطفال المبتسرون (الخُدج) الذين يولدون قبل الأوان في بيئة وحدة العناية المُركّزة لحديثي الولادة (NICU) عرضة لمستويات عالية من التوتر البيئي، مما يُعيق نمو أدمغتهم الحساسة. وقد أكدت دراسات علم الأعصاب الحديثة أن أبسط أشكال التفاعل البشري، وهو ملامسة الجلد للجلد بين الطفل ووالديه، يعمل كـ “علاج عصبي” فعّال، يُحفز نمو الدماغ بشكل مباشر عبر آليات هرمونية وكيميائية دقيقة.
1. الآلية العصبية: تنظيم التوتر وبناء الاتصالات
تكمن قوة اللمس في قدرته على إعادة توازن النظام العصبي المُجهد للطفل المبتسر:
أ. خفض هرمون الكورتيزول (Cortisol) 📉
يُعتبر الكورتيزول هو هرمون التوتر الرئيسي. البيئة الصاخبة والتدخلات الطبية المُتكررة في وحدة العناية ترفع مستويات الكورتيزول لدى الخدج، وهو ما يُعتبر ساماً للأعصاب ويُبطئ من تكوين الخلايا والاتصالات العصبية. اللمس المُباشر من الأم أو الأب يعمل على الفور كمهدئ طبيعي، مما يُخفّض مستويات الكورتيزول بشكل كبير، ويُنشئ بيئة مثالية لنمو الدماغ.
ب. إفراز الأوكسيتوسين (Oxytocin) ✨
يُسمى الأوكسيتوسين “هرمون الحب والارتباط”؛ وينتج هذا الهرمون بكميات كبيرة لدى كل من الأم والطفل أثناء التلامس المباشر. يعمل الأوكسيتوسين على:
- تهدئة العصب الحائر: يُنشط الأوكسيتوسين العصب الحائر (Vagus Nerve)، وهو العصب المسؤول عن التواصل الاجتماعي والتنظيم الداخلي (مُعدل ضربات القلب، الهضم). تنشيط هذا العصب يُساعد الطفل على الانتقال من وضع الإجهاد إلى وضع الراحة والنمو.
- تعزيز نمو الخلايا العصبية: يُشجع الأوكسيتوسين على تغلغل الأوعية الدموية في الدماغ ويُساهم في تكوين مسارات عصبية جديدة، مما يُعزز التطور المعرفي والحسي.
2. اللمس كعامل مُحفز للنمو طويل الأمد
الفوائد لا تتوقف عند فترة الإقامة في المستشفى. تُشير الدراسات المتابعة إلى أن الأطفال المبتسرين الذين تلقوا رعاية مكثفة عبر ملامسة الجلد للجلد أظهروا تطوراً معرفياً أفضل، ومهارات حركية أدق، ومُستويات قلق أقل في السنوات اللاحقة من حياتهم، مما يُثبت أن “الحنان علاج” على المدى الطويل.














