دراسة تحذر من نقص الفيتامينات طويل الأمد ومضاعفاته..جراحة السمنة

الصحة والجمال

استمع الي المقالة
0:00

ما بعد جراحة السمنة: دراسة تحذر من نقص الفيتامينات طويل الأمد ومضاعفاته

 

تُقدم جراحات السمنة، مثل تكميم المعدة وتحويل المسار، حلولًا فعالة ومغيرة للحياة للأشخاص الذين يُعانون من السمنة المفرطة ومضاعفاتها الصحية. تُساعد هذه الجراحات على فقدان الوزن بشكل كبير وتحسين حالات مثل السكري وارتفاع ضغط الدم. ومع ذلك، تُشير دراسة حديثة إلى جانب أقل إيجابية، حيث تحذر من أن جراحات السمنة قد تُسبب نقصًا حادًا ومستمرًا في الفيتامينات والمعادن الضرورية لفترة طويلة بعد الجراحة، مما يُمكن أن يُؤدي إلى مضاعفات صحية خطيرة إذا لم تتم إدارته بشكل صحيح.


 

جراحات السمنة: حل فعال بتحديات غذائية

 

تُغير جراحات السمنة من بنية الجهاز الهضمي بطرق تُقلل من كمية الطعام التي يُمكن للمريض تناولها، وتُقلل أيضًا من امتصاص العناصر الغذائية. على سبيل المثال:

  • تكميم المعدة (Sleeve Gastrectomy): يتم إزالة جزء كبير من المعدة، مما يُقلل من حجمها ويُقلل من إنتاج الهرمونات المحفزة للجوع. ومع ذلك، لا تُؤثر هذه الجراحة بشكل كبير على الامتصاص في الأمعاء الدقيقة.
  • تحويل المسار المصغر (Mini Gastric Bypass) أو تحويل المسار الكلاسيكي (Roux-en-Y Gastric Bypass): تُغير هذه الجراحات مسار الطعام بحيث يتجاوز جزءًا كبيرًا من المعدة والجزء الأول من الأمعاء الدقيقة (الاثني عشر). هذا التجاوز يُقلل بشكل كبير من امتصاص العديد من الفيتامينات والمعادن.

بينما تُحقق هذه التغيرات فقدانًا كبيرًا في الوزن، فإنها تُعرض المريض لخطر كبير من سوء التغذية ونقص الفيتامينات والمعادن، مما يُعرف بـ نقص المغذيات الدقيقة (Micronutrient Deficiency).


 

الدراسة الحديثة: نقص مستمر وواسع النطاق

 

الدراسة التي تُسلط الضوء على هذه المشكلة غالبًا ما تكون دراسة طولية (تتبعية)، تتبع مجموعات كبيرة من مرضى جراحات السمنة على مدى سنوات عديدة بعد الجراحة. تُركز هذه الدراسات على:

  1. قياس مستويات الفيتامينات والمعادن: يتم أخذ عينات دم من المرضى بانتظام لتقييم مستويات الفيتامينات القابلة للذوبان في الدهون (A, D, E, K)، الفيتامينات ب المركبة (خاصة B12، B1، الفولات)، الحديد، الكالسيوم، الزنك، والنحاس.
  2. مقارنة النتائج: تُقارن المستويات لدى المرضى الذين خضعوا للجراحة بتلك الموجودة لدى الأشخاص الأصحاء أو تُقارن مستوياتهم قبل وبعد الجراحة.
  3. رصد المضاعفات: يتم متابعة ظهور أي أعراض أو حالات طبية مرتبطة بنقص هذه المغذيات.

 

النتائج الرئيسية للدراسة:

 

أظهرت الدراسة أن النقص في الفيتامينات والمعادن يُعد شائعًا جدًا بين مرضى جراحات السمنة، وغالبًا ما يكون مستمرًا وشديرًا لسنوات بعد الجراحة. من أبرز النتائج:

  • نقص فيتامين D والكالسيوم: وهما ضروريان لصحة العظام. يُلاحظ نقصهما بشكل متكرر بسبب ضعف امتصاص الدهون وتغيرات في مسار الطعام.
  • نقص فيتامين B12: هذا النقص يكاد يكون حتميًا بعد جراحات تحويل المسار، حيث يتم تجاوز الجزء من الأمعاء الدقيقة الذي يمتص فيتامين B12.
  • نقص الحديد: يُؤدي إلى فقر الدم.
  • نقص الفيتامينات A, E, K: وهي فيتامينات قابلة للذوبان في الدهون، ويُمكن أن يتأثر امتصاصها.
  • نقص الفولات (Folate) والحديد والزنك والنحاس: تُعد هذه المعادن والفيتامينات ضرورية لوظائف الجسم المختلفة ويُمكن أن تُصبح ناقصة.

الأهم هو أن الدراسة تُشير إلى أن هذا النقص ليس مؤقتًا، بل يمكن أن يستمر لفترة طويلة، مما يتطلب مراقبة وإدارة مستمرة.


 

مضاعفات نقص الفيتامينات والمعادن بعد جراحات السمنة

 

إذا لم تتم معالجة نقص المغذيات الدقيقة، يُمكن أن يُؤدي إلى مجموعة واسعة من المشاكل الصحية الخطيرة:

  1. هشاشة العظام وضعف العظام: نقص الكالسيوم وفيتامين D يُؤدي إلى ضعف العظام وزيادة خطر الكسور.
  2. فقر الدم: نقص الحديد وفيتامين B12 والفولات يُؤدي إلى أنواع مختلفة من فقر الدم، مما يُسبب التعب الشديد، ضيق التنفس، والدوخة.
  3. المشاكل العصبية: نقص فيتامين B12 بشكل خاص يُمكن أن يُسبب تلفًا عصبيًا لا رجعة فيه، بما في ذلك التنميل، الوخز، ضعف العضلات، ومشاكل في التوازن والذاكرة. نقص فيتامين B1 (الثيامين) يُمكن أن يُؤدي إلى اعتلال دماغي خطير (متلازمة فيرنيك-كورساكوف).
  4. مشاكل في الرؤية: نقص فيتامين A يُمكن أن يُسبب مشاكل في الرؤية الليلية وفي الحالات الشديدة يُؤدي إلى العمى.
  5. مشاكل جلدية وشعر وأظافر: يُمكن أن يُؤدي نقص العديد من الفيتامينات والمعادن إلى جفاف الجلد، تساقط الشعر، وهشاشة الأظافر.
  6. ضعف الجهاز المناعي: نقص الزنك وبعض الفيتامينات يُمكن أن يُضعف الجهاز المناعي، مما يجعل الجسم أكثر عرضة للعدوى.
  7. مشاكل في التئام الجروح: بعض الفيتامينات والمعادن ضرورية لعملية الشفاء.

 

الوقاية والعلاج: إدارة حاسمة بعد الجراحة

 

نظرًا لخطورة نقص المغذيات الدقيقة، تُعد الإدارة الفعالة أمرًا ضروريًا مدى الحياة بعد جراحات السمنة. يتضمن ذلك:

  1. المكملات الغذائية مدى الحياة: يُعتبر تناول المكملات الغذائية المتعددة الفيتامينات والمعادن المصممة خصيصًا لمرضى جراحات السمنة أمرًا حتميًا ومدى الحياة. يجب أن تُوصف هذه المكملات من قبل طبيب أو اختصاصي تغذية لديه خبرة في جراحات السمنة، وتكون بجرعات أعلى مما تُوجد في الفيتامينات اليومية العادية.
  2. الفحوصات المخبرية المنتظمة: يجب إجراء فحوصات دم دورية (كل 3-6 أشهر في البداية، ثم سنويًا) لمراقبة مستويات الفيتامينات والمعادن وتعديل جرعات المكملات حسب الحاجة.
  3. التوعية والتثقيف: يجب تثقيف المرضى بشكل كامل حول أهمية المكملات الغذائية، وعلامات نقص الفيتامينات، وضرورة المتابعة الطبية.
  4. النظام الغذائي الصحي: على الرغم من أن المكملات ضرورية، إلا أن اتباع نظام غذائي متوازن وغني بالبروتين والمغذيات كلما أمكن يُساهم في دعم الصحة العامة.
  5. المتابعة مع فريق طبي متخصص: يجب أن يُتابع المريض مع فريق رعاية صحية متعدد التخصصات يشمل جراح السمنة، اختصاصي تغذية، وطبيب رعاية أولية، لضمان إدارة شاملة للحالة.

 

خاتمة

 

جراحات السمنة هي أداة قوية لمكافحة السمنة المفرطة، لكنها تأتي مع مسؤولية كبيرة في إدارة الجانب الغذائي. الدراسة الحديثة التي تُحذر من نقص الفيتامينات والمعادن المستمر تُؤكد على أهمية المتابعة الدقيقة والمستمرة لمرضى جراحات السمنة. من خلال الالتزام الصارم بتناول المكملات الغذائية والفحوصات الدورية، يُمكن للمرضى الاستفادة الكاملة من جراحاتهم وتحقيق نتائج صحية إيجابية ومستدامة، مع تجنب المضاعفات المحتملة لنقص المغذيات.