الذكاء الأصطناعي وأهميته
نحن نسمي أنفسنا “إنسان عاقل أو حكيم”، لأن ذكائنا أمر مهم جدًا بالنسبة لنا. لقد حاولنا منذ آلاف السنين أن نفهم كيف نفكر، أي كيف يمكن للعقل البشري أن يدرك ويُحلل ويفهم ويتنبأ ويتلاعب بعالم كبير ومعقد. يذهب الذكاء الصناعي إلى ماهو أبعد من ذلك؛ يحاول فهم الكيانات الذكية إلى جانب بناء كيانات ذكية أيضًا.
الذكاء الاصطناعي هو أحد أحدث المجالات في العلوم والهندسة، وقد بدأ العمل به بجدية بعد الحرب العالمية الثانية بفترة وجيزة، لكنه لم يُبصر النور إلا مع بداية القرن الحادي والعشرين، حيث بدأ الإنترنت والبيانات بالانتشار إلى جانب تطور أجهزة الحواسيب.
يتميز الذكاء الصناعي بأنه علم كبير وتعددي؛ يشارك فيه علماء الحاسوب والرياضيات والهندسة واللغة والفلسفة والمنطق. الذكاء الاصطناعي وثيق الصلة بأي مهمة فكرية؛ إنه مجال عالمي.
ماهو الذكاء الاصطناعي
لنتفق بدايةً أنّه لا فرق في قول “الذكاء الاصطناعي” أو “الذكاء الصناعي” بالعربية، فكلاهما يُشيران إلى شيء من صنع البشر وليس الطبيعة.
مفهوم الذكاء الصناعي Artificial Intelligence -اختصارًا AI- هو مجال جديد ظهر تقريبًا عام 1950 على يد آلان تورينج (يُسميه البعض الأب الروحي للذكاء الصناعي) المقصود به باختصار هو جعل الآلة تفكر وتعمل مثل الإنسان.
في البداية لاقى هذا المجال الكثير من الصعوبات لأن العلماء كانوا يحاولون محاكاة الذكاء والتفكير البشري، محاولين جعل الآلة تفكر وتعمل مثل الإنسان. بسبب هذا التفكير فشل العلماء في الوصول إلى تقدم حقيقي في هذا المجال، لأنه رغم كل التقدم الذي وصلت إليه العلوم لم يستطع العلماء تحديد الطريقة التي يفكر بها الإنسان.
وصل العلماء لاحقًا إلى قناعة تفيد بأننا كبشر لا يهمنا كيف تعمل الآلة (أي لن نُقيد الآلة بطريقة التفكير البشري)؛ المهم أن نحصل على نفس النتيجة التي نحصل عليها من خلال الإنسان، فالإنسان يرى الصورة على أنها انعكاسات للضوء، والآلة ترى الصورة على أنها مصفوفة من البيكسلات والأصفار والواحدات.
آنذاك بدأ الذكاء الصناعي بالتطور ودخل جميع مجالات حياتنا العملية سواءًا المجال العسكري والطبي والصناعي والتجاري وحتى التعليمي والترفيهي، فكانت دقة الأداء عالية جدًا، وفي بعض المجالات كانت نسبة الخطأ شبه معدومة، أي أن الآلة بدأت تحاكي التفكير البشري، حتى أنها أصبحت أفضل منه في كثير من المجالات، فالعلوم حاليًا هي علوم الذكاء الصناعي. إن كان الإنترنت هو ثورة السنوات الماضية، فالذكاء الصناعي هو ثورة الحاضر والمستقبل.
تعريف الذكاء الاصطناعي
الذكاء الصناعي هو مصطلح صاغه البروفيسور الفخري في جامعة ستانفورد جون مكارثي في عام 1955 لأول مرة ضمن ورشة عمل صيفية تسمى مشروع دارتموث الصيفي للبحوث حول الذكاء الاصطناعي على أنه:
“علم وهندسة صناعة الآلات الذكية”
بالرغم من أن هناك اختلافات حول التعريف، إلا أن الجامعة الأشهر في الذكاء الصناعي “ستانفورد” تعتمده. من التعاريف الأخرى هو التعريف الذي صاغه أندرياس كابلان ومايكل هاينلين، وينص على أن الذكاء الصناعي هو:
“قدرة النظام على تفسير البيانات الخارجية بطريقة صحيحة والتعلم من هذه البيانات واستخدام تلك المعرفة لتحقيق أهداف ومهام محددة من خلال التكيف المرن”
تُركز تعريفات الذكاء الاصطناعي الحديثة على أنّه مجال فرعي لعلوم الحاسب وكيف يمكن للآلات تقليد الذكاء البشري. يُقدم قاموس أكسفورد هذا التعريف:
“نظرية وتطوير أنظمة الحاسب القادرة على أداء المهام التي تتطلب عادةً ذكاءً بشريًا، مثل الإدراك البصري والتعرف على الكلام واتخاذ القرار والترجمة بين اللغات”
ما هو ذكاء الآلة ومتى نقول عن الآلة أنها ذكية؟
يُجيب عن هذا السؤال اختبار تورينج (نسبةً لآلان تورينج). إنها أشبه بلعبة بين ثلاث أطراف؛ اثنان من البشر (الأول لاعب والثاني حكم أو مراقب) والآلة المُراد اختبارها إن كانت ذكية (اللاعب الثاني). اللاعبين الثلاثة معزولين عن بعضهم البعض، ويكون التراسل بين الأطراف كتابيًا. يبدأ المراقب بطرح أسئلة على اللاعبين (الحاسب والشخص الآخر). ينجح الحاسوب في الاختبار (يكون ذكي) إذا لم يستطع المراقب التفريق بينه وبين الإنسان.
عبقرية هذا المفهوم هي أنه ليست هناك حاجة لمعرفة ما إذا كانت الآلة تعرف شيئًا ما بالفعل أو أنها تُدرك ذاتها أو حتى إذا كانت إجاباتها صحيحة، وإنما يشير إلى قدرة تلك الآلة على معالجة كميات كبيرة من المعلومات وتفسير اللغة البشرية.
الذكاء الاصطناعي وتعلم الآلة
على الرغم من الخلط بين المصطلحين في بعض السياقات، إلا أن تعلم الآلة فرع من فروع الذكاء الصناعي العديدة. يشير الذكاء الصناعي إلى أي أسلوب يُعطي الآلة القدرة على محاكاة الذكاء البشري، بينما يشير التعلم الآلي إلى مجموعة التقنيات والخوارزميات التي تسمح للآلات بالتعلم من البيانات دون أن تُبرمج عليها صراحةً.
ما أهمية الذكاء الاصطناعي؟
يُنظر إلى تقنيات الذكاء الصناعي على أنها أدوات وتقنيات تهدف لخدمة البشرية وتسهيل حياة الأفراد، فهي تهدف إلى جعل حياتنا أسهل، كما يمكن تطبيقه في جميع المجالات تقريبًا للحصول على كفاءة أعلى.
فيُقدم الذكاء الصناعي العديد من الميزات والحلول التي تعود بالفائدة لأي مؤسسة حديثة تقريبًا، يتضمن ذلك:
- أتمتة العمليات: الذكاء الاصطناعي قادر على أتمتة المهام التي نُنجزها يدويًّا وبدقة وسرعة دون الشعور بأي إرهاق أو الاضطرار إلى أخذ فترات راحة مثلما يحتاج الموظف البشري (مثلًا مراقبة السيارات والإبلاغ عن المخالفات).
- تحليل البيانات الضخمة: كمية البيانات الموجودة حاليًّا على الإنترنت تفوق بكثير قدرة البشر على استيعابها وتفسيرها واتخاذ قرارات معقدة بناءً عليها. يمكن لخوارزميات الذكاء الصناعي معالجة تلك البيانات وتحليلها وفهمها، وبالتالي تمنح المؤسسات رؤى حول عملياتها ربما لم تكن على دراية بها من قبل.
- اتخاذ القرارات: يمكن لخوارزميات الذكاء الاصطناعي اتخاذ قرارات أكثر دقة من البشر في بعض الأحيان نظرًا لقدرتها على تحليل العلاقات المعقدة والمتعددة والاستفادة من البيانات الضخمة المنتشرة على الإنترنت.