بعض الحب قد يغيّر لنا حياتنا.
للحب أنواع كثيرة إن كان أساسًا فيما نفعله في مشوار حياتنا، إلى جانب العقل بالطبع فإنها ستتغير إلى الأفضل.. إن الحب هو دليل على إنسانيتنا، وقدرتنا على الحب تجعلنا أسعد وأكثر نجاحًا في حياتنا الخاصة العامة وفي عملنا.. إن الحب هو مصدر قوة لنا، وهو محفز للنجاح في أي أمر نفعله، وأي سلوك نسلكه.. هو أساس الإحساس بالسعادة في أي علاقة.. في علاقة المرأة والرجل، وعلاقة الفرد بأسرته، وعلاقه الأم بأبنائها وعلاقة الأب بأبنائه، وعلاقة الفرد بعمله، وفي علاقة المواطن بوطنه.
فدعونا نشعل جذوة الحب في قلبونا ونعبر عنه لمن حولنا، وتحديدًا لمن نحبهم.. فالتعبير عن الحب يحيي مشاعرنا ومشاعر من نحبهم، ويجعل للحياة طعمًا ومعنى، وأنا أحب الاحتفاليتين، الحب بالسؤال والاهتمام عمن أحبهم، وأتمنى أن نعيد للحب قيمته كشعور إنساني فريد وأساسي في حياتنا، فإننا كدنا نفقد الحب في خضم مشاكل الحياة ولأسباب كثيرة أذكرها باختصار شديد؛ لأنها تعكس ما نمر به منذ سنوات في بلدنا وحياتنا، فالمؤثرات على الحب كثيرة، وتتمثل في أسباب كثيرة، منها مثلًا الكثير من الأحوال الخارجية التي تحيط بوطننا، منها اختراق وسيطرة التكنولوجيا ووسائل الاتصال والميديا على معيشتنا اليومية.
كما أننا نكاد نفقد الحب في ظل تغييرات كبرى حدثت في وطننا مع أحداث وفوضى يناير ٢٠١١، والمعاناة التي مر بها كل بيت مصري بسبب وجود الظلاميين وممارساتهم التدميرية، ثم انطلاق ثورة الشعب المصري الهادرة ضد الظلاميين في ٣٠ يونيو ٢٠١٣، ثم مكافحة الإرهاب والتطرف والتكفير وقضايا كبرى استطاع الشعب المصري الصمود فيها، ثم خطوات إيجابية حدثت؛ أولاها إعادة بناء مصر في عهد الرئيس عبدالفتاح السيسي واستعادة الأمان والاستقرار وتطهير المؤسسات والاتجاه نحو التنميه المستدامة، ثم مشاكل وقضايا كثيرة، منها أزمة فيروس كورونا والأخطار والخسائر والمشاكل التي نجمت عنها لمدة ٣ سنوات، وأيضًا المشاكل الاقتصادية التي تعتبر ظاهرة عالمية، وقضية ارتفاع الأسعار مع غياب الرقابة على السلع ومشاكل الصحة، والتزامات المدارس وتربية الأبناء في زمن التكنولوجيا وتأثيراتها العديدة على الأسر في البيوت
وفي ظل كل هذا أتمنى أن تسود قيمة الحب؛ باعتباره مصدرًا للثراء النفسي، والدليل أننا نحيا وأن لدينا قلوبًا تخفق، ومن المؤكد ان مكونات الحب تشبه علم الكيمياء، فانجذاب طرفين هو عملية كيميائية بحتة بها مكونات خفية تجذب رجلًا وامرأة معًا دون أن يدركا مكوناتها وقد يفهمان فيما بعد بعض أسباب انجذابهما وإعجاب كل منهما بالآخر.
وقد يؤدي هذا الإعجاب إلى الزواج والإحساس بالسعادة وقد لا يكملان العلاقة بينهما لاختلافهما أو لخلافات نشبت بينهما؛ لأن الحب أيضًا لكي يحيا ويزدهر لا بد أن يكون متبادلًا ولا بد من رعايته والتمسك به كأساس حياة، وإلا فإنه إن لم يكن صادقًا وإن لم تكن المشاعر صادقة ومتينة فإنه يمكن أن ينتهي ويطوي وأن تنهيه الخلافات، فالحب كشجرة مثمرة عليك أن تقوم برعايتها بالمشاعر والأحاسيس الصادقة، والحرص على أن نرويها لتتفتح ثمارها فإنها تذبل ولا تعيش طويلًا.
فإذا كان الحب موجودًا في حياة امرأة ورجل، وكان أساسًا لارتباطهما أو زواجهما فإنه يجعل حياتهما أكثر تفاهمًا، ويسهل الصعب ويذلل العقبات ويجعل البيت اكثر دفئا ومصاعب الحياة من حولهما أكثر ضآلةو والتحديات أقل حجمًا، والمشاكل حينما تكون خارج البيت فإنها لا تهدمه ولا تزلزل كيانه، أما إذا غاب الحب فإن المشاكل تبدأ داخل جدرانه، وتكون الحياة أكثر مشقة، واللون الرمادي هو الذي يخيم على أصحاب البيت الواحد ويتحول لون جدرانه إلى اللون الرمادي القاتم، كما يصبح الاكتئاب اكثر حضورًا والتحديات التي تواجه الزوجين أكبر حجمًا ويهرب الدفء من الشباك ويفتقد كلا الزوجين الأمان والاستقرار، وتصبح السعادة كأنها حلم مستحيل والبهجة تتحول إلى ابتسامات باهتة أو مصطنعة.
إن السبب في تحديد يوم ٤ نوفمبر من كل عام ليكون موعدًا لعيد الحب المصري الذي يختلف عن عيد الحب العالمي، يعود إلى سنة ١٩٧٤ حينما نشر الكاتب الصحفي الراحل مصطفى أمين في مقاله اليومي «فكرة» في جريدة الأخبار اليومية أنه رأى جنازة في حي السيدة زينب فتعجب من وجود ٣رجال فقط يسيرون في جنازة رجل توفي، فلما سأل عن السبب في هذه الجنازة الغريبة عرف أن الرجل لم يكن محبوبًا، ولا يحب أحدًا.. وهنا استلهم موضوع «عيد الحب المصري» في مقاله فكرة، واختار أن يكون الاحتفال به يوم ٤ نوفمبر من كل عام، ليسود الحب والسلام بين الناس.
وأنا أتمنى هنا أن يكون «الحب» دستورًا لحياتنا وأساسًا لها، إلى جانب العقل، حب الله وحب الوطن وحب الأسرة وحب الأصدقاء وحب العمل الذي تؤديه وحب بيتك، ودعونا نحتفل به بكلمة حلوة وبمشاعر صادقة نعبر عنها، ودعونا نستعيد الحب كقيمة عليا لأننا بذلك سنحيي أجمل فضائلنا ومثلنا وقيمنا، وستتغير حياتنا إلى الأفضل والأحسن وأكثر سعادة، فالحب شعور إنساني وقيمة كبيرة نبيلة تغنى به الشعراء والكتاب والمفكرون والمطربون.
فدعونا نحيي الحب في قلوبنا بكلمة أو بهمسة، ودعونا نتبادل الورود والهدايا الرمزية لنحييه بداخلنا وبداخل نفوس من حولنا، ولنجعله نورًا داخل أعماقنا يضيء حياتنا وينير لنا دربنا.