وبعدين معاكي يا كورونا ؟
بقلم : أسامة كمال
كورونا التي سلبتنا الكثير خلال عام ونصف تظل تحير العالم وتحيرنا معها، ويظل العلماء يحيروننا يوماً بعد الأخر.. سلبنا فيروس كورونا الكثير من الأحباء والأقارب والأصدقاء وسلبتنا أسلوب حياتنا الذي لم يكن يعجبنا ولكننا نفتقده اليوم ونتنمنى أن يعود بنا الزمن لما كنا عليه.
سلبتنا تقارب مع كثيرين وزيارات وسفر ومصايف (حتى لو كنت أنا من الذين لا يقومون بالتصييف).. سلبتنا مؤتمرات مهمة كنا نتعلم فيها ونعمل فيها.. وها هي تأبى أن ترحل ويظل المتخصصون في ارباكنا بتصريحات واكتشافات جديدة.
بعد إقناع من الكثير من أصدقائي الأطباء تلقيت اللقاح في دوري منذ شهرين.. ولما ذهبت إلى الوحدة أخبروني لا يوجد الا اللقاح البريطاني، فسألت إن كان آمنا لمن في حالتي الصحية، فردت الطبيبة بأن لديها نفس الحالة وتلقته.. وتلقى أفراد من أسرتي نفس اللقاح وتلقى آخرون اللقاح الصيني.
قالوا لي لا يهم أي نوع ولكن يجب أن نحصل عليه جميعاً.. ثم.. وآه من ثم.. قالوا الصيني غير مجد الا بجرعة ثالثة منشطة.. ثم قالوا إياك والبريطاني.
منذ أيام قليلة أعلنت إيطاليا في مؤتمر صحفي أن هذا اللقاح سيتم إعطاؤه فقط للأشخاص الذين تزيد أعمارهم عن 60 عامًا لأن الفوائد لمن هم دون الستين لا تتماشى مع المخاطر وتحديداً في حالات الجلطة، والذين تقل أعمارهم عن 60 عامًا، الذين تلقوا جرعتهم الأولى من هذا اللقاح يحصلوا على جرعة ثانية من أحد اللقاحات الأمريكيين.
طب ماعندناش الأمريكاني، نعمل إيه؟ قالوا الطلاينة مش صح.. بجد؟ على أي أساس؟ مش عارفين.
ثم أرقام الاصابات في مصر – حسب وزارة الصحة – انخفضت بشكل كبير والحكومة خففت الاجراءات التي لم تكن ثقيلة كباقي البلاد بما يعكس حالة اطمئنان، وفي نفس التوقيت تصنفنا بريطانيا منطقة حمراء.. فنتساءل، فنسمع أن التصنيف يأتي لأسباب سياسية لضرب السياحة!!!
كلي ثقة في حكومة بلادي وفي السيدة وزيرة الصحة ولكن لو لم أكترث وحصلت على الجرعة الثانية من نفس اللقاح، ماذا أفعل مع أسرتي؟ بماذا أنصحهم؟ أتوجه بسؤالي لمن؟ اليس من حقي كمواطن أن تساورني الشكوك بعد الإعلان الإيطالي؟ اليس من حقي أن يدخل قلبي بعض الشك بعد الإعلان البريطاني والوزيرة تعلن أننا سننقل للعالم تجربتنا الناجحة في التعامل مع الفيروس؟
أؤمن بالوقاية قبل وبعد اللقاح، لكن الناس تخلت عن حرصها وصارت تصافح وتعانق وكأن شيئاً لم يكن.
أصبحت عبوة الكحول في يدي دون غير محط انتباه، فلا أسمع الا “إيه دة؟ كحول؟ طب هات رشة” فأصبحت رشة الكحول مرادف لـ “هات سيجارة”.
الناس في الشارع تقابلني فتتعامل معي بحسن نية وحميمية فتصافحني وتقول أنها تفتقدني على الشاشة.. هل يمكن أن أرد على هذه المشاعر الجميلة بجملة “معلش ما بسلمش”؟
لو كانت كل هذه الأسئلة تدور في بالي، فماذا عن المواطن البسيط الذي لا يجد من يجيبه أيضاً؟ الرد ببساطة هو “خلاص خليها على الله ولن يصيبنا الا ما كتب الله لنا” وتظل الحلقة المفرغة مستمرة.
نحتاج إلى معلومات كثيرة ومستمرة أبعد من بيانات عن عدد حالات الشفاء والاصابات والوفيات وكيف تحمي نفسك من الاصابة وأننا سنصنع اللقاح الصيني في مصر.. احتار العلماء ومواقع التواصل أنهكتنا وراء أطباء من كل بقاع الأرض يحذرون من اللقاحات ومن عدم تلقي اللقاحات، من ارتداء أقنعة الوجه ومن عدم ارتداءها.. رايحة بينا فين يا كورونا؟ هتمشي امتى؟ ولما تمشي هتسيبيلنا إيه؟ ما هي الآثار الصحية والنفسية والاجتماعية بعد أن تغير كل شئ؟.
ماذا نفعل بجيل درس وهو لابس البيجاما في البيت، وموظفين لا يرغبوا في التواجد في أماكن العمل، وخوف من الآخر حتى لو كان أصلاً من الأقربين؟ وبعدين يا كورونا.. وبعدين يا وزارة.. وبعدين يا إيطاليا.. وبعدين يا علماء.. وبعدين وبعدين.