مليونيرات.. في أعماق منجم الفحم!
ذكريات صحفية | كتب : أحمد عمر
مؤسس ورئيس تحرير مجله ماجد الأسبق
حدث هذا في مايو ١٩٧٥.
كنت أعمل في جريدة الاتحاد، أوسع صحف دولة الإمارات انتشارًا.. كُلفت بتغطية رحلة وفد رفيع المستوى يمثل المجلس الوطني لدولة الإمارات، خلال زيارته ألمانيا، برئاسة المغفور له رحمة المسعود، وعدد من الأعضاء، معظمهم من المليونيرات.. كانت الزيارة بدعوة من دوتش بنك، أحد أكبر البنوك العالمية.
سافر الوفد على متن طائرة بالدرجة الأولى.. كان من الطبيعي أن أستقل الدرجة الأولى مع الوفد، لكن هذا كان يتطلب موافقة مسئول بالمالية، تصادف قيامه بإجازة في نفس الأسبوع، وحتى لا أتخلى عن مهمتي الصحفية، وافقت على السفر بالدرجة السياحية.
طوال الرحلة كنت أفكر في لحظة النزول من الطائرة.. الوفد سيخرج من باب الدرجة الأولى، وسوف يكون بانتظاره ممثل البنك الألماني، بينما أنزل أنا من باب الدرجة السياحية.
موقف محرج.. كيف ألتقي الوفد، سوف يصطحبونه مباشرة إلى قاعة كبار الزوار في سيارات خاصة، وأركب أنا «الباص» إلى مكان آخر مع بقية الركاب!
فكرت في حل.. قبل هبوط الطائرة بدقائق أنتقل إلى مكان جلوس الوفد بالدرجة الأولى، لكن هذا سوف يقابل برفض من طاقم الطائرة.. فوضت أمري لله وانتظرت لحظة هبوط الطائرة بفارغ الصبر.
هبطت الطائرة وكانت مفاجأة سعيدة تنتظرني، رغم أن طاقم الطائرة اعتذر عنها بشدة!.. أتدرون ما هي المفاجأة؟!
باب الدرجة السياحية تعطّل فجأة عقب هبوط الطائرة، وفشلت كل محاولات إصلاحه، وأعلن الطاقم أن كل الركاب سينزلون من باب الدرجة الأولى.. كم كنت سعيدًا بما حدث، وبمجرد بدء نزول الركاب، كنت متواجدًا قرب الدرجة الأولى، ولحقت بالوفد للتوجه إلى قاعة كبار الزوار.
بدأت الزيارة لألمانيا بلقاءات مكثفة بين أعضاء الوفد الإماراتي وكبار المسئولين في البنك، حضرتها كلها وتعلمت كيف تُدار هذه الاجتماعات وتُعقد الصفقات.
أول الاجتماعات تم في وقت مبكر من اليوم التالي، لدرجة أنني لم ألحق طعام الإفطار.. ليس مهمًا، لا بد أن ألحق بالاجتماع.
الاجتماعات مع الألمان تطول.. قدموا خلالها القهوة.. بدأت أشعر بالجوع، فرحت حين قدموا خلال الاجتماع وجبة خفيفة رغم أنها لا تسمن من جوع.
خلال الزيارة إلى ألمانيا وجهوا الدعوة إلى الوفد لزيارة أكبر مناجم الفحم في بلدة اسمها ركلنجهاوس.
زيارة لا تُنسى.. ارتدينا جميعًا ملابس عمال المناجم المصنوعة من قماش لا يحترق، وفوق الرءوس وضعنا الخوذات، وأمسك كل منا مصباحًا وجهازًا للأكسجين.. ركبنا مصعدًا يهبط بسرعه٦٠ كيلومترًا في الساعة إلى أعماق المنجم، حيث كان ينتظرنا قطار كهربائي نقلنا إلى حيث يقطعون الفحم.
وخلال ٩٠ دقيقة، تابعنا عمال المنجم، وشاهدنا الجهد الشاق الذي يبذلونه وودعناهم، قائلين: إلى اللقاء عند السطح، وهي التحية التي يتبادلها عمال المناجم.
رحلة لا تُنسى!
*************
موقف محرج في مطار هيثرو!
خلال رحلتي الصحفية، التي امتدت أكثر من ٦٠ عامًا، شاهدت العديد من المطارات، بعضها أشبه بمدينة تحتاج إلى قراءة لافتاتها بدقة حتى لا تتوه، كذلك هناك مطارات تزدحم خاصة في قاعات الوصول وتشعر كأنك في سوق العتبة!، منها مطار هيثرو البريطاني!
خلال تواجدي في المطارات كنت أواجه بعض الأحداث الطريفة، منها ما حدث عندما هبطت الطائرة، وكانت معي في هذه الرحلة زوجتي.
كانت صالة الوصول مزدحمة جدًا لوصول عدة طائرات في وقت واحد.. طلبت من زوجتي أن تنتظرني حتى أحضر عربة وأنتظر الحقائب التي تُعرض أمامنا على السير، ويلتقط كل راكب حقيبته.
وصلت حقائبي والتقطتها ووضعتها على العربة، وتوجهت لاصطحاب زوجتي، شاهدتها تتحدث مع فتاة في العشرينات من عمرها.. في هذا الوقت كنت أشعر بإرهاق شديد، وأريد الإسراع بالخروج من المطار للتوجه إلى الفندق.. فوجئت بزوجتي تدعوني للسلام على الفتاة، وأنا أريد مغادرة المطار بأسرع وقت.
قالت لي: سلم على سميرة سعيد
قلت لها: من هي سميرة سعيد؟!
لم أكن أعرفها!
شعرت زوجتي بإحراج شديد، وانتهزت لحظات انشغال سميرة سعيد لحظات مع إحدى الراكبات لتخبرني بأنها مطربة مغربية جديدة، غنت عدة مرات في أبوظبي، ولقيت نجاحًا كبيرًا.. سارعت بتدارك الموقف ورحبت بسميرة سعيد!
************
فنان شهير على سلم الطائرة!
ذات مساء، وصلت الطائرة إلى مطار أبوظبي، وتوجهنا للنزول على سلم الطائرة.. كنت أمسك حقيبة يد ثقيلة إلى حد ما.. في نفس الوقت كنت ممنوعًا بأمر الأطباء من حمل أي شيء ثقيل.. قبل أن تحمل زوجتي الحقيبة، فوجئت بشاب وسيم يحملها ويسبقنا حتى أوصلها إلى الباص الذي ينقلنا إلى صالة المطار.
أتدرون من هذا الشاب الوسيم؟
إنه الفنان الجميل المبدع محمد فؤاد!.. لم أنس له هذا الجميل.
.. وللذكريات بقية
موعدنا الشهر المقبل بإذن الله.