علاج الصلع بدون زراعة .. بشرى لعالم يعاني من تساقط الشعر: إكتشاف طبيعي يمهد الطريق لعلاج جذري
يمثل تساقط الشعر هاجساً يؤرق شريحة واسعة من الرجال حول العالم، حيث تشير الإحصائيات إلى أن حوالي 85% منهم يعانون منه عند بلوغهم منتصف العمر، بينما يواجه الكثيرون شبح الصلع الوراثي في سن مبكرة قد تبدأ في العشرينيات.
ولطالما كانت الحلول المطروحة تتراوح بين الأدوية الكيميائية التي تحمل في طياتها آثاراً جانبية محتملة، وعمليات زراعة الشعر المكلفة والمُرهقة. ولكن، يبدو أن الأفق يحمل في طياته بارقة أمل جديدة، وذلك بفضل إكتشاف علمي واعد لفريق من الباحثين في سنغافورة وأستراليا، والذين توصلوا إلى علاج طبيعي وغير مسبوق لتساقط الشعر، قد يغنينا في المستقبل القريب عن الحاجة إلى الزراعة أو اللجوء إلى المركبات الكيميائية.
وقد سلطت جريدة “ديلي ميل” البريطانية الضوء على هذا الإكتشاف الهام الذي توصل إليه العلماء، حيث كشفوا عن بروتين حيوي يُطلق عليه اسم (MCL-1)، يلعب دوراً محورياً في دورة نمو الشعر وحماية بصيلاته.
وقد أظهرت التجارب الأولية التي أجريت على الفئران أن تثبيط إنتاج هذا البروتين يؤدي إلى إستمرار الحيوانات في فقدان شعرها على مدار ثلاثة أشهر متواصلة، مما يؤكد على أهميته القصوى في الحفاظ على كثافة الشعر.
ويُبشر هذا الإكتشاف بإمكانية التوصل إلى “علاج نهائي وفعال وطبيعي” لمشكلة تساقط الشعر، وهو ما قد يساعد الرجال على الإحتفاظ بشعرهم لفترة أطول، بل وقد يمتد تأثيره ليشمل الوقاية من داء الثعلبة الذي يُسبب تساقط الشعر بشكل مفاجئ وبقعي. ويؤكد الباحثون أن إيجاد طريقة آمنة وفعالة لتعزيز عمل هذا البروتين يمكن أن ينهي معاناة الكثيرين من مختلف أشكال تساقط الشعر.
لفهم أهمية هذا الإكتشاف، يجب أن نلقي نظرة سريعة على دورة نمو الشعر الطبيعية. فبعد مرحلة النمو النشط، تمر بصيلات الشعر بفترات من الخمول قبل أن تعود للنمو مرة أخرى. وفي الظروف الطبيعية، يكون غالبية شعر فروة الرأس في مرحلة النمو. إلا أن بعض العوامل الداخلية والخارجية يمكن أن تعيق هذه العملية الدورية، مما يؤدي إلى تساقط الشعر بشكل ملحوظ.
ويبدو أن بروتين (MCL-1) يلعب دوراً حاسماً في مرحلة النمو هذه، والأكثر أهمية، كما يشير العلماء، هو قدرته على “تهدئة” الخلايا الجذعية لبصيلات الشعر عندما تستعد “لإستعادة نشاطها” بعد فترة الخمول. ويعتقد الباحثون أن حماية هذه الخلايا الحيوية من الإجهاد والتلف تساهم بشكل كبير في قدرتها على النمو وتجديد الشعر بكفاءة.
وقد أجرى هذه التجارب الرائدة فريق بحثي مشترك بين كلية الطب في جامعة سنغافورة الوطنية ومعهد والتر وإليزا هول للأبحاث الطبية في أستراليا.
وقد نشر الفريق نتائج أبحاثه في ورقة علمية أكدوا فيها أن “حذف” بروتين (MCL-1) يؤدي إلى تساقط تدريجي للشعر والقضاء على الخلايا الجذعية لبصيلات الشعر لدى الفئران البالغة.
وعلى الرغم من أن الفريق البحثي يشدد على ضرورة تكرار هذه النتائج في دراسات سريرية تُجرى على البشر للتأكد من فعاليتها وسلامتها، إلا أنهم يرون أن فهم الآليات الجزيئية التي تتحكم في نمو بصيلات الشعر يفتح آفاقاً واعدة لتطوير إستراتيجيات علاجية جديدة ليس فقط للثعلبة، بل أيضاً للوقاية من تساقط الشعر بأنواعه المختلفة.
ويختتم الباحثون حديثهم بالتأكيد على أن هذه الدراسة “تُعزز فهمنا للآليات الجزيئية الكامنة وراء تجديد بصيلات الشعر، وتُقدم رؤى جديدة حول كيفية تنظيم بقاء الخلايا الجذعية وتجديد الأنسجة”، وهو ما يمثل خطوة هامة نحو إيجاد حلول جذرية لمشكلة تؤرق ملايين الأشخاص حول العالم.
إن هذا الإكتشاف يمثل بصيص أمل حقيقي للأفراد الذين يعانون من تساقط الشعر، ويفتح الباب أمام تطوير علاجات طبيعية وآمنة وفعالة قد تنهي حقبة البحث عن حلول مؤقتة أو اللجوء إلى إجراءات جراحية. ومع إستمرار الأبحاث وتأكيد النتائج على البشر، قد نشهد قريباً ثورة في علاج الصلع بدون زراعة تعيد الثقة بالنفس للكثيرين وتغنيهم عن عناء البحث عن حلول أخرى.