ذكرى ميلاد أحمد زكي .. لم يكن معتادا على شاشة السينما هذه الملامح المصرية القوية التي غيرت من نظرة الجمهور لبطل الشاشة الوسيم؛ فبرغم سماره، إلا أنه أصبح نجما للشاشة على مدى سنوات.. موهبته طاغية فرضته كنجم صف أول ونجم شباك مميز.. إنه النمر الأسمر وإمبراطور السينما ، الذي نحتفي اليوم بـ ذكرى ميلاد أحمد زكي الـ71.
يعتبر الفنان أحمد زكي ، بلا منافس واحدا من أساطير السينما المصرية – بل حالة استثنائية، اعتبره النقاد أيقونة فنية، قلما يجود زمن الفن الجميل بمثلها.. برعت شخصية أحمد زكي في القدرة على توحده مع الدور والشخصية التي يقومها بأدائها، حتى إنه من فرط التقمص كاد يذوب بل ذاب في كل شخصية قدمها على الشاشة، حتى إن هذا التقمص كاد يسبب له حالة مرضية بسبب صعوبة خروجه منها بعد الانتهاء من كل شخصية يؤديها.
أدوار وشخصيات برع أحمد زكي في رسمها على شاشة السينما متحليا بموهبته التي خصه الله بها من قدرة على تجسيد الواقع الاجتماعي على شاشة السينما، فقد استطاع ببراعة أن يعالج قضية الدجالين، فلعب بـ«البيضة والحجر»، وتحدى الحكومة بل ورفع عليها قضايا كما شاهدناه في دور المحامي في فيلم «ضد الحكومة»، التي كتبته الكاتبة الصحفية الراحلة «حسن شاه».
وكان أحمد زكي حديث المجتمع عندما قام بتجسيده الرائعة لعملاق الأدب العربي طه حسين، في مسلسل «الأيام».
إلى جانب إتقانه في دور الزعيم الراحل أنور السادات ، والعندليب عبدالحليم حافظ، حتى أن المشاهد اختلط عليه الأمر فلم يفرق بين الشخصيات، من فرط ذوبان أحمد زكي في الشخصية التي يقدمها.
البدايات التي انتهجها أحمد زكي – القادم من محافظة الشرقية – في بداية حياته الفنية لم تكن توحي بأنه سيصبح يوما ما نجمًا لشباك التذاكر، كانت البداية كانت من خلال دور بسيط كعاملٍ في خدمة الغرف في مسرحيةٍ كوميدية «هالو شلبي»، إلّا أنّ الممثل الرئيسي لم يظهر في تلك الليلة.
واستطاع أحمد زكي ، الذي كان يعمل بائع مشروباتٍ غازية استكمال الليلة، وتمكن من تقديم صورٍ هزلية مثيرةٍ للإعجاب، ولاسيّما انتحال شخصية الممثل الشرير محمود المليجي وتمكن من كسب رضا الجميع بموهبته تلك.
وعلى الرغم من تخرجه في المدرسة الصناعية في الزقازيق عام 1967، إلا أن عشقه للفن كان وراء سفره للقاهرة والتحاقه بالمعهد العالي للفنون المسرحية وكان الأول على دفعته.
بعد «هالو شلبي»، كانت المحطة الثانية من خلال «مدرسة المشاغبين» لينطلق بعدها أحمد زكي في أول طريق النجومية بحصوله على دور البطولة في المسرحية الكوميدية «العيال كبرت» عام 1978.
شخصيات خالدة
على الرغم من بداياته المسرحية، إلا أن استطاع أن يقتحم السينما والتليفزيون من أوسع أبوابهما، فقد شارك في بداياته في فيلم «أبناء الصمت» وعلى الرغم من ترشحه لبطولة «الكرنك»، إلا أن المخرج يوسف شاهين، سحب منه دور البطولة، إلا أن إيمان الشاعر صلاح جاهين دفعه لأن يطرحه بطلا في فيلم «شفيقة ومتولي».
واستطاع الفنان أحمد زكي الدخول لقائمة أهم مائة فيلم في تاريخ السينما المصرية، بستة أفلام هي: «زوجة رجل مهم، والبريء، أحلام هند وكاميليا،” الحب فوق هضبة الهرم، إسكندرية ليه وأبناء الصمت»، بالإضافة إلى العديد من الأفلام التي حققت نجاحات كبيرة على مستوى الجماهير والنقاد على السواء.
ومن أبرز الشخصيات التي قدمها في السينما: “هدهد، وحسن اللول، ويحيى أبو دبورة، وزين، ومصطفى، وهشام، وأحمد سبع الليل، وعبدالسميع، وأبو الدهب، ومنتصر، السادات ، طه حسين، العندليب”.
ومن أهم الأفلام التي شارك فيها وقام ببطولتها: «إسكندرية ليه، الباطنية ، السادات ، العوامة 70، أبناء الصمت، النمر الأسود، موعد على العشاء، البريء، زوجة رجل مهم، ناصر 56 أحمد زكي ، الراعي والنساء، اضحك الصورة تطلع حلوة، ضد الحكومة، امرأة واحدة لا تكفي، معالي الوزير »، والعديد من الأفلام التي حققت نجاحات كبيرة على مستوى الجماهير والنقاد على السواء.
نهاية مأساوية
خلال مشواره الفني حصل الفنان أحمد زكي على مجموعة من الجوائز والتكريمات منها:
جائزة عن فيلم «العمر لحظة»، وجائزة عن فيلم «طائر على الطريق» في مهرجان القاهرة، وجائزة عن فيلم «عيون لا تنام» من جمعية الفيلم، وجائزة عن فيلم «امرأة واحدة لا تكفي» من مهرجان الإسكندرية عام 1989، وجائزة عن فيلم « كابوريا » من مهرجان القاهرة السينمائي عام 1990، وأحسن ممثل عن فيلم: « معالي الوزير » من مهرجان القاهرة السينمائي عام 2003.
وتسببت الحياة التي كان يعيشها الفنان أحمد زكي بعد انفصاله عن زوجته الفنانة الراحلة هالة فؤاد، التي أنجب منها ابنه الراحل هيثم، والفراغ الذي تركته، طريقة حياة أودت به إلى الإصابة بسرطان الرئة، حيث إنه كان مدخنًا شرها، وظل حتى آخر يوم في حياته يقاوم إلا أن المرض اشتد عليه عليه أثناء تصوير فيلمه الأخير «حليم»، ليلفظ أنفاسه في السابع والعشرين من مارس 2005.