بين التاريخ والجغرافيا صراع حتى آخر نفس!!
كانت القبائل القديمة تصنع آلهة من العجوة لكى تعبدها، وعندما يستبد بها الإحساس بالجوع تأكلها، ألا تجد شبهًا بينهم ونجومنا، الناس تصنع الأسطورة، وتتهافت عليها، الكل ينتظر نظرة أو ابتسامة، تترصدهم الكاميرات، وأينما ولوا وجوههم تجد متابعيهم على «السوشيال ميديا» يعدون بالملايين، وبعد أن ينتهى العمر الافتراضى للنجم، يفعلون بالضبط مثل القبائل القديمة، يلتهمونه، حتى يخلقوا آلهة جديدة.
تعددت الأرقام التى نتابعها الآن، والكل يؤكد مصداقيتها، ويتجاوز فيها سعر النجم فى المسلسل أو الإعلان عشرات من الملايين، لا أستطيع أن أعتبر ما أقرأه هو الحقيقة المطلقة، ولكن أيضًا لا أستطيع أن أضعها كلها تحت مظلة الشائعات والترهات، رغم يقينى أن عددًا منها يصنعها أيضًا النجوم.
يقولون مثلًا إن محمد رمضان يتقاضى ضعف أجر نجم كبير أطلقوا عليه مؤخرًا لقب «فنان الشعب»، أقصد طبعًا يحيى الفخرانى، لا أملك إجابة قاطعة عن حقيقة الأجر للتأكيد أو النفى، إلا أننى لا أستبعد حدوث ذلك، فى سوق العرض والطلب.
فى الماضى- وأعنى بالماضى منتصف التسعينيات- كان يحيى الفخرانى يحصل على أعلى أجر فى دراما التليفزيون، ولم يتغير هذا الوضع إلا مع دخول عادل إمام على الخريطة الدرامية بمسلسل «فرقة ناجى عطاالله» عام 2012.
قطعًا عادل يدعمه اسمه وتاريخه وأفلامه، وأيضًا ندرة تواجده على شاشة التليفزيون، وظل هذا الأمر قائمًا، يحيى يشغل المركز الثانى على خريطة الأرقام فى دراما التليفزيون، بعد عادل ولا ثالث لهما، بينما فى أكثر من حوار، يؤكد محمد رمضان أنه أعلى أجرًا من الاثنين.
كان رمضان المرشح الأول لمشاركة أحمد السقا مسلسل «نسل الأغراب»، ولكنه طلب أن يسبق اسمه السقا على «التتر»، مستندًا إلى أنه صاحب الرقم الأعلى تسويقيًا، وعندما اعترض السقا تم إسناد الدور إلى أمير كرارة، الذى رحب أن يسبقه السقا، لأنه فعلًا الأعلى أجرًا، وأيضًا صاحب التاريخ، ومع الأسف كان المسلسل هو أسوأ اختيار لكل من ساهم فيه.
التاريخ والجغرافيا يشكلان مواقع وأحجام وأجور النجوم، نعم هناك زمن سابق وخبرة، وأعمال فنية وعشرة قديمة مع الجمهور، يجب أن توضع فى الحسبان، وهم يشكلون أركان التاريخ، بينما البعض، لا يعنيه سوى الجغرافيا، أقصد اللحظة الآنية، رغم أنها بطبعها «زجزاجية» لا ثبات لها.
حكى لى يحيى الفخرانى أنه والفنان الكبير محمود مرسى، عند لقائهما الوحيد معًا فى مسلسل «التعلب فات»، تأليف أسامة أنور عكاشة وإخراج محمد النجار، كان هناك تخوف ما لدى شركة الإنتاج من توقف المشروع فى أى لحظة بسبب صراع محتمل قد ينشب بين النجمين على كتابة «التتر»، ومَن يسبق مَن؟
لم يشترط مرسى ترتيب اسمه على «التترات»، ترك الكرة فى ملعب شركة الإنتاج، بينما الفخرانى هو الذى اشترط، وقال لهم يسبقنى اسم الأستاذ مرسى، رغم أنه كان وقتها اسمه الأعلى جماهيريًا، ويحصل أيضًا على الأجر الأعلى.
حكى لى محمود ياسين أنه فى فيلم «أين عقلى» قصة إحسان عبدالقدوس وإخراج عاطف سالم، شارك فى بطولته أمام سعاد حسنى ورشدى أباظة، طلب محمود من الإنتاج أن يأتى اسمه تاليًا لرشدى، رغم أن محمود كان يتقاضى وقتها، الأجر الأعلى بين كل النجوم، والذى اعترض على «التترات» هو رشدى أباظة، وطالب بأن يأتى اسمه تاليًا لمحمود.
التاريخ والجغرافيا لاعبان أساسيان فى المنظومة الفنية برمتها، البعض مع الأسف يكتفى فقط بالجغرافيا، رغم أنه ولو بعد حين سينتصر حتمًا التاريخ!!