القوة الناعمة
القوة الناعمة، بالإنجليزية «Soft power».. هو مفهوم صاغه جوزيف ناي من جامعة هارفارد، لوصف القدرة على الجذب والضم دون الإكراه، أو استخدام القوة كوسيلة للإقناع.
في الآونة الأخيرة، تم استخدام المصطلح للتأثير على الرأي الاجتماعي والعام وتغييره، والضغط من خلال المنظمات السياسية وغير السياسية.
تكمن قوة الإعلام بقدرة وسائل الإعلام على الاستحواذ والإقناع والتنوع، والتكرار والجاذبية والإبهار والانفتاح، وتلبية متطلبات المتلقى والتسلل إلى حياتنا، وهو ما يعرّفه المتخصصون بالقوة الناعمة ومواكبة الأحداث الجارية.
وكانت مصر لديها قوة ناعمة، وكانت هي الرائدة في قدرتها على التأثير خارج حدودها، من خلال الإعلام والأفلام والتعليق على المباريات.. فكان الحب يجسده عبدالحليم وشادية، وأغاني الحب كانت لأم كلثوم، والتعليق الرياضي كان لكابتن لطيف.. وظلت مصر محتفظة بهذه الريادة لفترة طويلة جدًا، إلى أن بدأ البعض من داخل مصر في تشويه صورة مصر في الإعلام، وتصوير مناطق عشوائية تقلل من قدر مصر والمصريين والتركيز عليها، واختزال مصر في هذه المشاهد.
كما خرج علينا بعض منتجي السينما ينقلون صورة مشوهة للغاية عن الواقع المصري، مجسدًا إياه بالبلطجي والانحراف الأخلاقي، مما أسهم بشكل كبير في هز الصورة الذهنية لدى المتلقي خارج مصر عن الواقع.. فكان رد الفعل المنطقي خروج بعض السفهاء ينالون من الإعلام المصري والإعلاميين المصريين، ووصف الإعلام المصري بالإعلام العاجز، في حين أن هذه الأصوات لا تجرؤ حتى أن تنقل صورة واحدة سلبية عن بلدهم.
كما بدأت اللهجات المختلفة تستحوذ على فضاء الإعلام الرياضي، وهي أيضًا محاولة لمحو كابتن لطيف وكابتن محمود بكر من ذاكرة التعليق الرياضي، وبدأ بعض المعلقين المصريين في محاولة تقليد الآخرين؛ كي يكون الطلب عليهم في التعليق.
ثم جاءت joy awards التي كانت نموذجًا صارخًا لمحاولة البعض التقليل من شأن مصر وصنع نجوم «بالواسطة»، وذلك بوضع نجوم سوبر ستار مصريين «عالميين» في نفس الفئة مع بعض المغمورين، وفوز هولاء على النجوم المصريين، في رسالة من القائمين على المهرجان أن زمن القوة الناعمة المصرية في مجال الإعلام والترفيه قد انتهى، وأنهم الآن بصدد اقتحام هذا المجال وبقوة.
ولكن ما قد يغفله هؤلاء، هو أن حب الجمهور لا يُشترى بالمال، وأن مكانة مصر ستظل، ولن يستطيع أحد أن يملأ هذا المكان.. فمصر ولادة، ومكانة مصر كبيرة، ولكن علينا- نحن- أن نؤمن بدورنا هذا، وألا نحيد عنه.