التحديات والأسعار.. مستقبل الاستثمار العقاري المصري تحت المجهر.
في ظل ارتفاع أسعار الأراضي ومواد البناء، وتعقيدات السوق العالمية والمحلية، يواجه القطاع العقاري المصري تحديات غير مسبوقة. وبينما يتطلع المستثمرون لإيجاد فرص نمو جديدة، تبقى مسألة التكاليف وتداعيات الاقتصاد العالمي مصدر قلق رئيسيًا. فهل يستطيع القطاع الصمود أمام هذه التحديات وتلبية الطلب المحلي والدولي؟، أم ستؤدي تلك التحديات إلى تغيير في استراتيجيات الاستثمار وتوجهات السوق العقاري؟. في مؤتمر صناع القرار الثامن سلط كبار المطورين العقاريين الضوء على مستقبل الاستثمار العقاري في مصر، وأبرز المعوقات التي قد تعيد تشكيل هذا القطاع الحيوي.
استعرض المهندس خالد عباس، الرئيس التنفيذي لشركة العاصمة الإدارية، المطور العقاري للعاصمة الإدارية الجديدة مراحل تطور الأخيرة، والموقف الحالي، والمستهدفات المستقبلية، وقيمة أصول الشركة، ومستجدات الطرح فى البورصة.
واستهل الرئيس التنفيذي لشركة العاصمة الإدارية الجلسة بالحديث حول الفقاعة العقارية، التي وصفها بأنها مجرد «ترند»، وليس أمرًا واقعيًا، بجانب تصدير العقار، لافتًا إلى أنه هو عملية بيع لمستثمرين غير مصريين، لأن التصدير هو بيع منتج عبر نقله للخارج، وهو أمر لا ينطبق على العقار، وتطرق «عباس» إلى الحديث عن الحوافز التي أقرتها الشركة للمطورين بالعاصمة الإدارية الجديدة، والفقاعة العقارية، والعوامل الناجحة لتصدير العقار.
ولفت إلى أن المهارة الأهم في تصدير العقار، هي جذب المستثمرين غير المصريين لاستثمار عملات أجنبية في مصر، مشيرًا إلى أن الدولة وضعت تيسيرات تدعم عملية بيع العقار للأجانب، وأنه يجب على المطورين أن يلعبوا دورًا في هذا الأمر عبر إدراج الامتيازات والتيسيرات الحكومية خلال تسويقهم للعقارات المصرية فى المؤتمرات والمعارض الخارجية، أسوة بالمطورين العقاريين بالدول الأخرى.
وأكد أن شركته نجحت خلال العامين الماضيين في تغيير الصورة الذهنية للعاصمة الإدارية، فالدول الخارجية تتابع عن كثب ما يحدث في مصر من استثمارات ونهضة عقارية، وذلك من خلال وجودها في جميع المؤتمرات الدولية، واضطلاعها بدور ترويجي قوي، وتعاملها مع أكبر شركات عالمية في قطاع العقارات، ونجاحها في هذا الدور بقوة خلال العامين الماضيين.
وأكد وكيل لجنة الإسكان في مجلس النواب، طارق شكري، أن القطاع العقاري المصري ما زال صامدًا وقويًا، لكنه يمر بمرحلة من عدم الوضوح نتيجة التوترات الجيوسياسية العالمية، موضحًا أن التحديات تشمل التمويل العقاري والارتفاعات السعرية التي تزيد من تكاليف الأجور وتثقل كاهل المشترين.
وأشار إلى أن القطاع العقاري ما زال يحافظ على جاذبيته كملاذ استثماري آمن مقارنة بالدولار والذهب، حيث حققت العقارات في العشرين عامًا الأخيرة أرباحًا كبيرة. وتوقع أن يشهد القطاع تزايدًا في الاستثمار العربي بنسبة تصل إلى 50% بعد صفقة رأس الحكمة.
من جانبه، شدد المهندس طارق شكرى على أهمية «اتحاد الشاغلين» لحل النزاعات بين المطورين والملاك بشأن الصيانة، مؤكدًا ضرورة انتقال مسئولية الإدارة إلى شركات تشغيل متخصصة بعد تسليم الوحدات، لضمان تقديم خدمة عالية الجودة ومنع التداخل في الأدوار بين الأطراف المعنية.
واستعرض المهندس أحمد صبور فرص نمو القطاع العقاري المصري، مؤكدًا أن الحكومة أولت اهتمامًا بالغًا بالتنمية العمرانية، وأن التقديرات تشير إلى أنه من المتوقع أن يصل حجم سوق العقارات في مصر إلى 1.45 تريليون دولار أمريكي بنهاية عام 2024، ما يعكس أهمية هذا القطاع الحيوي الذي يسهم بنسبة 20% من الناتج المحلي الإجمالي. ويعود ذلك إلى جهود الدولة المصرية في خلق بيئة استثمارية واعدة وتعزيز البنية التحتية وتوفير الضمانات اللازمة لحماية الاستثمارات، ما عزز الثقة بين المستثمرين الأجانب ومصر.
وأشاد صبور بالخطوات الجادة التي تتخذها الحكومة المصرية لخلق بيئة استثمارية جاذبة من خلال العديد من الإصلاحات التشريعية، منها تفعيل البورصة العقارية وصناديق الاستثمار العقاري، علاوة على الحرص الشديد على الارتقاء بالبنية التحتية، وتوفير العديد من العوامل الأخرى التي تسهم في جعل مصر وجهة استثمارية استثنائية، ما يعزز القطاع العقاري المصري بخبرات أجنبية تضيف قيمة أكبر على أداء القطاع بشكل عام.
وأوضح صبور، خلال الجلسة، أن هناك ضرورة قصوى لعمل جميع المطورين العقاريين في مصر وفق رؤية متسقة مع جهود الحكومة، للمساهمة في تعزيز القطاع العقاري وخلق مجتمعات سكنية جديدة. وأكد أهمية الاستفادة من بعض المناطق الساحلية في مصر، التي تتمتع بموقع جغرافي مميز وطبيعة ساحرة، مثل «رأس بناس»، خاصة بعد نجاح نموذج رأس الحكمة، والعمل على تطويرها لخلق وجهات استثمارية جديدة وتعزيز مكانة مصر على الخريطة العالمية للسياحة العقارية.
من جهته، أكد أحمد منصور، الرئيس التنفيذي لشركة كريد العقارية، أن الطلب على العقارات لا يزال مرتفعًا رغم التحديات الاقتصادية، وأن السوق المصرية تُعتبر ملاذًا آمنًا للمستثمرين، خاصة مع تأثير التضخم على قيمة العملة المحلية، وذكر أن السوق العقارية تسير بخطى ثابتة ولا تُظهر بوادر «فقاعة عقارية»، وتوقع أن تتصاعد أسعار العقارات خلال السنوات المقبلة، ما سيعزز من استقرارها كاستثمار طويل الأمد. واقترح منصور دعم جهود تسويق مصر دوليًا من خلال إرسال معلومات حول الفرص العقارية للسياح عند وصولهم مطار القاهرة، بهدف إبراز جاذبية مصر كمركز استثماري.
وفي إطار التركيز على الاستدامة، أكد الدكتور ماجد مرعي، الرئيس التنفيذي لشركة ماجنوم العقارية، أن الاستدامة أصبحت عنصرًا جوهريًا في التطوير العقاري وليست رفاهية. وأوضح أن الاتجاه نحو الاستدامة يقلل من استهلاك الطاقة والبنية التحتية، مشيرًا إلى قانون حوافز الاستدامة الذي أقرته العاصمة الإدارية ويعد دافعًا للمطورين. ولفت مرعي إلى أن الحوكمة والاستدامة أصبحتا شرطًا أساسيًا للحصول على تمويلات عالمية، ما يعزز من قيمة العقارات ويسهم في تقليل التكاليف الاستثمارية على المدى البعيد.