أنا وكورونا داخل غرفة ملونة!
ذكريات صحفية | كتب : أحمد عمر
مؤسس ورئيس تحرير مجله ماجد الأسبق
الحمد لله، كان، وما زال رحيماً بي، سأوجز ما حدث، البداية نزلة برد عادية، في النادي، عطس، زكام، حرارة 37. استمرت يومين، ثلاثة، أعقبها سعال محتمل. لمدة شهرين كاملين استمر السعال، ووصلت الحرارة 38 درجة بعض الأيام يخفضها البنادول.
منذ أسبوعين، زاد السعال ليلاً ونهاراً. اضطررت للذهاب إلى استشارية صدر، أجرت العديد من الأشعات والتحاليل، وأعطتني أدوية، ونصحت باستشارة طبيب قلب.
الدواء لم يؤثر والسعال لم يعد محتملاً ليلاً ونهاراً، ولم أقو على الذهاب لموعد حددته مع طبيب القلب! أسوأ ما في الأمر أني سقطت في الحمام. والأكثر سوءاً أنني عجزت تماماً عن الوقوف أو الحركة. استمر الوضع أكثر من ساعة أحاول أن أقف دون جدوى! والله كنت أضحك أحياناً.
ما أضعف الإنسان! ماذا أفعل؟
أريد أن أتصل وأطلب النجدة، والموبايل في غرفة المعيشة على بعد نحو 3 أمتار. وكانت معركة الزحف الكبرى. سنتيمترات كل بضع دقائق، حتى حققت الإنجاز العظيم بالوصول إلى الموبايل في غرفة المعيشة.
طلبت أصدقائي المقيمين في التجمع الخامس، وطلبت منهم التصرف بشرط عدم حضورهم، خشية أن تكون الحالة كورونا، لم أسمع سوى كلمتين. اقفل واسترخ. لم تمر ساعة حتى وجدت أسرة كاملة، الأب، الأم، الأبناء يرفعوني من الأرض لأجلس على مقعد. فقط عندي سعال.
اقترحوا الانتقال إلى المستشفى، لكني رفضت خوفاً مما قد يحدث هناك. بدأت كل محاولات وقف السعال بلا جدوى. اقترحوا استدعاء استشاري، وبعد ساعات وصل أستاذ عظيم استشاري.
أجرى كشوفاً ورسم قلب، وقدم رأيه بأن ليس أمامنا خيار سوى المستشفى. قال إن المستشفى لن يقبل بهذه الحالة إلا بعد التأكد من خلوك من الكورونا. لا بد من العزل! وجود مكان للعزل يحتاج إلى ما يشبه المعجزة.
المهم، توجهنا جميعاً إلى المستشفى، الذي يبعد عن بيتي نحو ساعة، وحاولت ألا تصاحبني عائلة أصدقائي، رفضوا. حاولت أن نكتفي بواحد منهم رفضوا. استسلمت. المستشفى به طوارئ عادية، لكن حين لاحظوا السعال طلبوا. أن أتوجه إلى طوارئ كورونا.
لم يكن هناك حل آخر! بصعوبة أو بمعجزة حجزنا، وكنا آخر حجز في هذا اليوم، من رحمة ربي، وإلا دخت السبع دوخات بحثاً عن مستشفى أثق في رعايته. أخذت دوري مع عدد من المرضى، في نفس الظروف، وكل منا ينظر للآخر ولسان حاله يقول: من منكم مريض كورونا؟
حاولت إبعاد العائلة الصديقة عن المكان، رفضوا وصاحبوني في الخطوات التالية. حين جاء دوري بدأ الفحص، أشعات وتحاليل وفحص أوكسجين وغيرها، كل هذا لا يؤكد أو ينفي إصابتي بكورونا. كل هذا جرى رغم أنني ذهبت لعلاج السعال، ولم تظهر عليا أعراض كورونا. استسلمت.
رغم عدم ثبوت دلائل كورونا، لا بد من التأكد. وهذا هو النظام عندهم ينفذوه بدقة شديدة. إذن.. ودع عائلة أصدقائك. سنأخذك معنا إلى العزل. بصراحة.. أنا أول ما وصلت المستشفى، ووجدت نظام علاج عالميا، استسلمت تماماً، وكنت أتابع بلا قلق ولا خوف! مجرد وصولي إلى مستشفى مماثل نعمة كبرى في مثل هذه الظروف. حاول أصدقائي أن يبقوا فعرفوا أنه منذ هذه اللحظة من المستحيل أن يروني! تمنوا لي الشفاء، وكنا على اتصال هاتفي طوال الوقت. بعد ذلك.
حانت ساعة الجد. عملاقان يرتديان ملابس زرقاء وأقنعة متعددة، ينقلاني بكرسي متحرك إلى العزل. في المستشفى جناحان للعزل.
الأول هو ما سنتجه إليه، وهو للمرضى المشكوك فيهم. أما الجناح الثاني، كان الله معهم، فهم من يحتاجون إلى رعاية مركزة. ولا توجد به أماكن. المهم.. قادني العملاقان إلى الجناح، وبرقم سري فتحوا الباب وأدخلوني وأعادوا غلق الباب. وتوجهوا إلى غرفة آخر رقم فيها 7، الذي أتفاءل به. دخلت الحجرة، والحقيقة انشرح قلبي.
تصميم عبقري، يوفر لك الراحة وألوان وأضواء هووليودية مبهجة!
لا بد أن أواجه الموقف، قلت يا أحمد. اعتبر أنك تقضي إجازة في فندق مريح. اقتنعت وبدأت أتصرف على هذا الأساس. آكل وأشرب وأنام، وتركت أمر العلاج لنخبة من الأطباء، وجهاز تمريض خريجي كلية التمريض.
وقبل العلاج أخذوا مسحة، جاءت نتائجها سلبية ولله الحمد. استمر العلاج المكثف، أدوية، محاليل، قياسات مستمرة، أقراص، مكملات، أسفرت والحمد لله توقف السعال تقريباً، واستمر العلاج، للتأكد أجروا مسحة ثانية مع تحاليل إضافية، طمأنتهم على الحالة.
الأطباء مطمئنون، مفيش كورونا، فيه تضرر في الرئة من أيام التدخين، ممكن التعايش معها، وممكن علاج بعض آثارها.
لم تعد هناك حاجة للبقاء في جناح العزل، لأنه رغم الاحترازات المشددة، بما فيها تعقيم كل شبر بصفة دائمة، وارتداء الأطباء، أقنعة رواد الفضاء، وتغيير ملابسهم عند كل حجرة، رغم كل هذا لا بد من الحذر من انتقال العدوي.
حادث
لكن يبدو أن القدر كان يخبئ لي مفاجأة غير سارة! نزلت من السيارة أمام بيتي، وتوجه أصدقائي لركنها، قلت أنتهز الفرصة، وأذهب إلى الصيدلية على بعد خطوات. سقطت على جبهتي، وتورم جزء من الجبهة فوق العين، ورضوض في الصدر، وفي الركبة. أنتظر تحسناً، أو أعود إلى المستشفى. برضه. الحمد لله.
وبصفة عامة ما حدث في علاج السعال، شيء، جيد جداً. وأنا ممتن للمستشفى والأطباء، ويكفي أني خرجت حاملاً شهادتين pcr سلبي، وإن شاء الله. لا تكون هناك آثار للسقوط أمام البيت. قدر الله وما شاء فعل.
للذكريات بقية، موعدنا الشهر القادم بإذن الله.